استقالة «الرأس النووي» لإيران في ضربة لنجاد.. والحرب على «دعم» رفسنجاني تشتعل

آغازاده صوت لرفسنجاني وأيد موسوي * نجاد يغيب عن صلاة الجمعة * كوشنير يعترف بحكومة نجاد.. ثم يتراجع

رئيس منظمة الطاقة الذرية غلام رضا آغازاده يستمع للنشيد الوطني لبلاده أثناء مؤتمر عن الطاقة النووية في طهران أمس (أ.ب)
TT

قبل يوم من التجمع المرتقب لقادة الحركة الإصلاحية في إيران بحضور مير حسين موسوي ومهدي كروبي ومحمد خاتمي وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي سيلقي خطبة الجمعة المرتقبة اليوم، استقال رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية غلام رضا اغازاده السياسي البراغماتي المقرب من مير حسين موسوي وهاشمي رفسنجاني والذي يعد «قلب» البرنامج النووي الإيراني، إذ أنه تولى مسؤوليته منذ عام 1997. وفيما لم يذكر خطاب الاستقالة أي أسباب لها، إلا أن اغازاده معروف بعلاقته الوطيدة مع رموز الحركة الإصلاحية، كما أنه صوت لرفسنجاني خلال انتخابات الرئاسة عام 2005 أمام أحمدي نجاد، كما أيد موسوي في الانتخابات الأخيرة أمام أحمدي نجاد أيضا. وكان لافتا توقيت إعلان الاستقالة التي تعد ضربة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، إذ جاء إعلان الاستقالة قبل نحو 24 ساعة من تجمع الإصلاحيين في طهران والمتوقع أن يشارك فيه عشرات الآلاف من الإيرانيين احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية. كما كان لافتا أن إعلان الاستقالة لم يأت عبر وكالة الأنباء الرسمية (ارنا)، المقربة من الحكومة، بل جاء عبر وكالة الأنباء الطالبية الإيرانية (ايسنا) المستقلة. وارتفعت حرارة الوضع السياسي في إيران أمس بسبب الاستقالة وتحضيرات الإصلاحيين لمسيرات اليوم. ووجه المحافظون عبر صحيفة «كيهان» المحافظة تحذيرات إلى مسيرات اليوم عقب صلاة الجمعة، فيما طلبت الصحيفة من هاشمي رفسنجاني «إدانة مثيري الاضطرابات والأعمال غير الشرعية»، إلا أن موقع «تابناك» القريب من المرشح المحافظ محسن رضائي الذي هزم في الانتخابات أيضا قال إن «رفسنجاني سيدافع عن حقوق المواطنين ويعبر عن استيائه من الحوادث التي تلت الانتخابات والضغوط التي تمارس على الناس». ومن المتوقع أن يشارك في صلاة الجمعة اليوم عدد كبير من الوزراء والمسؤولين السابقين الذين عملوا في حكومات موسوي ورفسنجاني وخاتمي في علامة على وحدة الحركة الإصلاحية وفي تعزيز للضغوط على المحافظين.

وقالت وكالة «ايسنا» الطلابية أمس إن آغازاده قدم استقالته لأحمدي نجاد من منصبه كرئيس لوكالة الطاقة الذرية الإيرانية ومن منصبه كنائب لنجاد قبل عشرين يوما، أي وسط احتدام الأزمة السياسية بسبب نتائج الانتخابات الإيرانية وفي خضم مظاهرات الشارع، غير أن الوكالة لم توضح لماذا تأجل الإعلان عن الاستقالة كل هذا الوقت. وأوضحت الوكالة: «في اتصال مع آغازاده.. أكد النبأ» حول استقالته. وأضافت «ايسنا» انه قدم استقالته قبل عشرين يوما لرئيس الجمهورية محمود احمدي نجاد الذي قبلها. ولم تكشف الوكالة سبب هذه الاستقالة، لكنها تأتي وسط انقسام غير مسبوق في الطبقة السياسية الإيرانية حول نتائج الانتخابات الإيرانية. وقال مسؤول إيراني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن استقالة اغازاده تعد «أول علامة على حجم الصعوبات التي سيواجهها أحمدي نجاد لتشكيل حكومته، إذ أن كثيرين من السياسيين والمسؤولين الرافضين لمسار الانتخابات لا يريدون العمل مع حكومته. وربما يجد نفسه مضطرا للاقتصار على حكومة من المقربين منه جدا». فيما قال مصدر إيراني آخر لـ«الشرق الأوسط» إن اغازاده مؤيد قوي لموسوي وقد دعمه في الانتخابات واستقالته تعكس الانقسام وسط النخبة الحاكمة. وتابع: «اغازاده ليس وزيرا أو مسؤولا عاديا. استقالته خسارة كبيرة للمؤسسة الحاكمة. ولا أعتقد أن القائد، خامنئي، سيكون سعيدا بهذا النبأ». وتوقع المصدر الإيراني أيضا أن يكون تشكيل الحكومة الإيرانية عملية صعبة، موضحا أن هناك ترجيحات قوية أن يستقيل وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي خلال الأيام المقبلة، أو أن يطلب إعفاءه من قبل احمدي نجاد لعدم ضم اسمه إلى تشكيلة الحكومة الجديدة، موضحا: «لا أحد يتوقع متقي في الحكومة الجديدة. هو لا يريد الاستمرار وقد عبر عن هذا من قبل بوسائل كثيرة». ولم يستبعد المصدر الإيراني أن تكون استقالة اغازاده مرتبطة بخطط الإصلاحيين عدم دعم حكومة نجاد أو المشاركة فيها تهميدا لتحديها قانونيا في البرلمان لإسقاطها لاحقا. وكان آغازاده (60 عاما) مسؤولا عن المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، الهيئة المكلفة تطوير البرنامج النووي المدني الإيراني منذ عام 1997. وقد عينه الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي لكنه احتفظ بمنصبه بعد تولي الرئيس محمود احمدي نجاد الرئاسة في 2005. وبين 1985 و1997، شغل آغازاده منصب وزير النفط. وهو المسؤول الرئيسي عن تطوير البرنامج النووي الإيراني. فمنذ تولي آغازاده مهماته في 1997، أنشأت إيران مصنعا لتحويل اليورانيوم في أصفهان ومركزا لتخصيب اليورانيوم في «ناتانز». كذلك، يعتبر المسؤول عن تطوير مفاعل «بوشهر» النووي الذي يقوم الروس حاليا ببنائه في جنوب إيران. يذكر أن اغازاده ولد في منطقة خوي في محافظة أذربيجان الغربية عام 1947، وهو أذاري العرق مثل المرشد الأعلى لإيران آية الله على خامنئي. وقد حصل على البكالوريوس في علوم الهندسة والكومبيوتر من جامعة طهران، ثم انتقل لأميركا لمواصلة دراسته قبل فترة قصيرة من الثورة الإيرانية بقيادة آية الله الخميني، إلا أنه عاد نهاية عام 1978 قبل أشهر من الثورة الإيرانية عندما بدأ يظهر أن الشارع الإيراني في طريقه لإسقاط نظام الشاه. ثم انخرط اغازاده في حركة المقاومة ضد الشاه، وشغل بعد الثورة مباشرة مدير تحرير صحيفة «جمهوري إسلامي» التي كانت بمثابة «لسان» قادة الثورة الإيرانية، وكان مير حسين موسوي آنذاك رئيس تحرير «جمهوري إسلامي» مما أدى إلى توطيد العلاقة بينهما. وفي عام 1980 عندما أصبح موسوي وزيرا للخارجية في عهد حكومة الرئيس علي رجائي، عين موسوي اغازاده نائبا له مسؤولا عن العلاقات الاقتصادية والمالية. وبعد ذلك بعامين عندما أصبح موسوي رئيسا للوزراء في حكومة الرئيس على خامنئي، عين موسوي اغازاده وزير دولة للشؤون التنفيذية في مكتب رئيس الوزراء، ثم لاحقا أصبح نائب رئيس الوزراء للأمور التنفيذية حيث تولى مسؤولية العقود النفطية بين إيران وشركات النفط الغربية. وبسبب ما أظهره من كفاءة عين اغازاده عام 1985 وزيرا للنفط، أحد أهم المناصب في الحكومة الإيرانية، وظل وزيرا للنفط لفترة قياسية حتى عام 1997 عندما اختاره الرئيس الإيراني الإصلاحي المنتخب حديثا محمد خاتمي لأكثر المناصب حساسية في الجمهورية الإيرانية وهو إدارة برنامج إيران النووي إذ عينه رئيس هيئة الطاقة النووية الإيرانية. وعلى يده بدأت إيران فعليا تنشط برنامجها النووي، وتطور مركز أصفهان النووي ومفاعل ناتانز وبوشهر جنوب طهران. وكما بدأت طهران العمل مع شركاء أجانب لتطوير قدراتها النووية من بينهم كوريا الشمالية وباكستان. وخلال الأعوام الماضية استطاع أن يحقق تقدما كبيرا فيما يتعلق بإنتاج إيران لآلات الطرد المركزي التي تعد أساسية في عملية تخصيب اليورانيوم. وتعتقد وكالة الطاقة الذرية في فيينا أن لدى إيران 5 آلاف جهاز طرد مركزي تقوم بتخصيب اليورانيوم، فيما هناك 2000 جهاز آخر جاهز للتشغيل. وبالإضافة إلى علاقة اغازاده الوثيقة مع خاتمي وموسوي، فإنه تربطه علاقات وثيقة مع رفسنجاني إذ خلال رئاسة رفسنجاني للجمهورية عندما كان اغازاده وزيرا للنفط عمدا معا إلى انتهاج سياسة انفتاح اقتصادي تسهل الاستثمارات في صناعة النفط، واستخدام العوائد لإعادة بناء ما دمر خلال الحرب مع العراق. وفي مطلع التسعينات ساهم مع رفسنجاني في تأسيس حزب «كوادر البناء» أول وأكبر الأحزاب المعتدلة في إيران. وحاليا يعمل اغازاده عضوا في مجلس تشخيص مصلحة النظام وهو المجلس الذي يرأسه رفسنجاني ومن ضمن أعضائه أيضا مير حسين موسوي. ولم يستقل اغازاده أمس من منصبه في مجلس تشخيص مصلحة النظام. وتعد الاستقالة دليلا على عمق الانقسامات بين النخبة في إيران إذ أن اغازاده عمل في الحكومة الإيرانية على مدى عقدين في ظل حكم أربعة رؤساء مختلفين بينهم تباينات فكرية أو سياسية. ومن هذا المنطلق يعتبر اغازاده من التكنوقراط الموالين للمؤسسة الإيرانية، لكنه لم يكن قريبا من نجاد على المستوى الأيديولوجي. وبينما تردد أن الرئيس أحمدي نجاد يخطط لتغيير نصف وزرائه مع توليه الرئاسة للفترة الثانية، غير أن الرئيس الإيراني أعرب عن رضائه حيال أداء هيئة الطاقة النووية، مما يشير إلى أن الاستقالة سياسية وليست فنية. وظهرت تلميحات أمس بوجود خلافات من وراء الستار بين اغازاده وبين وزير الطاقة برفيز فتاح المقرب من نجاد حول موعد افتتاح مفاعل بوشهر الذي تأجل افتتاحه أكثر من مرة. وكان فتاح قد اشتكى يوم الأربعاء من أنه بالرغم من الإعلان عن أن افتتاح بوشهر سيتم خلال الصيف «إلا أن رئيس هيئة الطاقة الذرية، اغازاده، لم يقدم أي معلومات حول موعد تدشين المفاعل»، مما يوحي بمساعي من قبل نجاد ووزير الطاقة لدفع اغازاده للتسريع بافتتاح «بوشهر» لأسباب سياسية.

وفيما كان اغازاده ونائبه محمد سعيدي يتوليان مسؤولية الجانب التقني من المشروعات النووية، كان مجلس الأمن القومي يتولى المفاوضات السياسية مع القوى العالمية. وكان أمين المجلس سعيد جليلي هو مسؤول الاتصال لدى المنسق الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الذي كان يمثل المجموعة التي يطلق عليها مجموعة 5+1 والتي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، في المحادثات النووية. ومن غير الواضح بعد من سيخلفه في منصبه.

وتأتي استقالة اغازاده بما تطرحه من تحديات سياسية لنجاد، فيما يعتزم زعيم المعارضة الإيرانية مير حسين موسوي حضور صلاة الجمعة اليوم في أول ظهور علني له منذ انتخابات الرئاسة. وأكد بيان نشر في موقعه الالكتروني أنه، موسوي، سيحضر صلاة الجمعة التي يؤمها الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني في جامع جامعة طهران، كما سيشارك في الصلاة خاتمي ومهدي كروبي، بينما سيغيب عنها أحمدي نجاد. ومن المتوقع أن يشارك فيها عشرات الآلاف وسينقلها التلفزيون على الهواء. ويؤم رفسنجاني صلاة الجمعة القادمة بعد شهرين من الغياب. وقد اعتقل بعض أقاربه ومن بينهم ابنته فائزة لفترة قصيرة بسبب مشاركتهم في مظاهرات مناصرة لموسوي.

وقال موسوي في بيانه أمس إنه سينضم إلى مجموعة مزمع تكوينها من الشخصيات البارزة لمتابعة حقوق الشعب والأصوات «التي تم إهمالها». وتابع: «لأنني أعتبر أنه لزاما علي تلبية دعوة المتعاطفين والأنصار على مسار حماية الحقوق المشروعة في حياة حرة وكريمة فسوف أحضر إلى جواركم يوم الجمعة». ويبدو أن العديد من أنصار موسوي مصرون على المشاركة في صلاة الجمعة وقد وجهوا دعوات على المواقع الالكترونية من اجل المشاركة تعبيرا عن احتجاجهم على إعادة انتخاب احمدي نجاد في انتخابات اعتبروا أنها تضمنت عمليات تزوير. وفي حال سجلت مشاركة كثيفة في صلاة الجمعة، فسيكون هذا أول عرض قوة تقوم به المعارضة منذ تظاهرات 20 يونيو (حزيران) التي أدت إلى مواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن.

وفيما يعكس بوضوح قلق السلطات الإيرانية من تحول هذا الحدث إلى استعراض للشعبية يقوم به الإصلاحيون المعارضون للرئيس أحمدي نجاد قال غلام حسين محسني اجئي وزير المخابرات الإيراني لوكالة فارس للأنباء «الأمة الإيرانية اليقظة يجب أن تحرص على ألا تتحول خطبة الغد إلى ساحة لمشاهد غير مرغوب فيها». وأضاف أن «الوضع في طهران على الصعيد الأمني جيد وكل الهيئات تقوم بعملها». وأضاف «إن شاء الله لن نشهد مشاكل أمنية في الأيام المقبلة».

فيما حذرت صحيفة «كيهان» المحافظة في افتتاحية لرئيس تحريرها حسين شريعتمداري من احتمال نشوب صدامات، موضحة: «إن البعض يريد بحسب معلومات موثوقة الاستفزاز والتحريض على مواجهات». ودعت المصلين إلى تجنب إطلاق شعارات «تثير انقسامات» وتجنب عمليات الاستفزاز. كما طلبت الصحيفة من رفسنجاني «إدانة مثيري الاضطرابات والأعمال غير الشرعية»، في إشارة إلى التظاهرات التي كانت عنيفة أحيانا وتلت الاقتراع وأسفرت عن سقوط عشرين قتيلا على الأقل. بدوره طالب اتحاد الطلاب المحافظين من رفسنجاني «بأن يكسر صمته بالدفاع عن قيم الثورة ويزيل الشكوك المحيطة به»، فيما دعا آية الله أحمد جنتي أحد أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام رفسنجاني إلى «النأي» بنفسه عن موسوي وحركته. وبسبب الأهمية البالغة لخطبة رفسنجاني، مارس الإصلاحيون أيضا ضغطا على رفسنجاني من أجل أن تتضمن خطبته دعما واضحا للحركة الإصلاحية. وقالت صحيفة «اعتماد» المعتدلة إن الإصلاحيين يتوقعون من رفسنجاني أن «يعبر عن دعمه للتظاهرات»، فيما قالت صحيفة «اعتماد ملي» الإصلاحية إن رفسنجاني: «يجب أن يرسل رسالة للمؤسسة الحاكمة مفادها أنها انحرفت». وأكد موقع «تابناك» القريب من المرشح المحافظ محسن رضائي الذي هزم في الانتخابات أيضا أن «رفسنجاني سيدافع عن حقوق المواطنين ويعبر عن استيائه من الحوادث التي تلت الانتخابات والضغوط التي تمارس على الناس». وكان رفسنجاني استقبل عائلات أشخاص أوقفوا خلال الاضطرابات التي تلت الانتخابات في أسوأ أزمة تمر بها إيران منذ الثورة الإسلامية في 1979. وقال إن «أي ضمير حر لا يمكن أن يقبل بالوضع الحالي». ومحسن رضائي هو أمين سر مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي يرأسه رفسنجاني. ويعد قريبا من الرئيس الأسبق. وعلى الرغم من صمته في الأسابيع الأخيرة، يسعى رفسنجاني، الذي ما زال يتمتع بنفوذ كبير، للتوصل إلى حل من اجل الخروج من الأزمة الحالية. ونقل موقع «تابناك» عن وزير النفط السابق بيجان نمدار زنقانه قوله «سنشارك في صلاة الجمعة في طهران.. وسنعرض مجددا اللون الأخضر (شعار موسوي) من اجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية».

وفيما تشتد الضغوط الداخلية على احمدي نجاد، قال الرئيس الإيراني أمس إن حكومته القادمة «ستسقط الغطرسة العالمية» مشيرا إلى بدء نهج أكثر تشددا من جانب طهران نحو الغرب بعد انتخابات الشهر الماضي المتنازع عليها. وقال احمدي نجاد في أول جولة له في الأقاليم بعد انتخابات الرئاسة إن أعداء إيران حاولوا التدخل والتحريض على العدوان، مشيرا إلى المظاهرات الضخمة للمعارضة ضد النتائج الرسمية للانتخابات. وقال نجاد إن إيران تريد «المنطق والتفاوض» لكن القوى الغربية أهانت الأمة الإيرانية وينبغي أن تعتذر. وتابع أمام حشد كبير في مدينة مشهد في شمال شرق البلاد «فور تشكيل الحكومة الجديدة وتدعيمها بالسلطة والقوة السياسية عشرة أمثال ما كان من قبل، فستدخل الساحة الدولية وتسقط الغطرسة العالمية.. عليهم أن ينتظروا بينما موجة جديدة من الفكر الثوري... من الأمة الإيرانية قادمة في الطريق ولن تسمح للقوى المتغطرسة بنوم هنيء حتى ليلة واحدة». وأضاف «حاول العدو في هذه الانتخابات الأخيرة نقل ساحة المعركة إلى داخل هذه البلاد». وقال في تصريحاته التي ترجمتها قناة «برس تي في» التلفزيونية الناطقة بالانجليزية «لكنني قلت للأعداء... إن هذه الأمة ستصفعكم على وجوهكم بشدة تجعلكم تضلون طريق العودة». وعبر أيضا عن تحديه المستمر فيما يتعلق بالخلاف حول طموحات إيران النووية قائلا إن القوى الكبرى «لن تستطيع أن تنتزع من إيران أقل قدر من حقوقها». إلى ذلك وفي علامة أخرى على صعوبات دبلوماسية محتملة أمام نجاد، اعترف وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أمس بحكومة نجاد، ثم أصدر عبر وزارة الخارجية الفرنسية توضيحا يسحب ذلك الاعتراف. وقال كوشنير إن فرنسا ستعترف بمحمود احمدي نجاد رئيسا لإيران مع مواصلة تأييدها للحركة التي تسعى لتحقيق مزيد من المكاسب الديمقراطية في إيران منذ الانتخابات الرئاسية. وردا على سؤال أمام مجلس الشيوخ الفرنسي حول الاعتراف بولاية احمدي نجاد الثانية، اقر كوشنير بأنه ليس لدى فرنسا خيار آخر. وقال كوشنير «أخشى انه ليس أول (رئيس) علينا الاعتراف به. هناك احتجاج.. ولكن إن كان الجميع في إيران يؤيدون انتخاب الرئيس، فسيكون من غير المجدي أن نعارض ذلك وحدنا». وفي وقت لاحق، أشارت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن برنار كوشنير تحدث عن «احتمال اعتراف» لن يحصل «إلا في حالة موافقة الجميع في إيران وخصوصا المرشحين الآخرين للانتخابات الرئاسية». ومن المقرر أن يتسلم احمدي نجاد مهامه رسميا في أغسطس (آب). وقال كوشنير إن فرنسا ستواصل تأييد الحركة التي ولدت من الاحتجاج على نتائج الانتخابات، من اجل المزيد من الديمقراطية، موضحا انه ينبغي «مضاعفة الاتصالات معها ومواصلة الاعتراض على ما يجري في المجال النووي». وأضاف كوشنير «نحن أمام حركة واعدة في صفوف الشعب الإيراني». وتابع «نلاحظ على مستوى القمة، خلافات كبيرة في القيادة الشيعية. انه نزاع على السلطة، هذا ينعكس بطرق مختلفة في مختلف الدول ولكنها المرة الأولى التي توجد فيها مثل هذه الخلافات على مستوى القمة منذ ثلاثين سنة». واعتبر كوشنير استقالة رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية اغازاده حدثا «غاية في الأهمية»، بعد 12 عاما من توليه منصبه. وقال «شهدنا اليوم صرف وفصل مدير الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية. هذا غاية في الأهمية لأنه.. ببساطة أعلن، ليس للشعب الإيراني الذي قلما يتلقى الرسائل، وإنما على الملأ الاتهامات، الأسئلة التي وجهتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الحكومة الإيرانية». ويأتي ذلك فيما قالت إسرائيل انه من المبكر الرد على استقالة اغازاده، قائلة على لسان المتحدث باسم الخارجية: «لا نعرف لماذا استقال ولا التغييرات التي يمكن أن تحدثها هذه الاستقالة».