العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة الإيرانية.. وخبراء روس يساعدون في التحقيقات

انتقادات في طهران لاستخدام طائرات «توبوليف» بحالتها السيئة.. وواشنطن تعزي طهران

اعضاء من جمعية الهلال الأحمر الإيرانية يقفون قرب بقايا حطام الطائرة الإيرانية المنكوبة أمس (أ.ف.ب)
TT

تصاعدت الانتقادات في إيران أمس لاستخدام طائرات روسية في حال سيئة وذلك غداة حادث الطائرة توبوليف ـ 154 التابعة لشركة «كاسبيان إيرلاينز» الإيرانية الذي أسفر عن 168 قتيلا.

وقال أحمد مجيدي المسؤول عن خلية الأزمة التي شكلتها وزارة النقل الإيرانية كما نقلت عنه وكالة «مهر» للأنباء «الأرجح أن قبطان (الطائرة) غير مسؤول، ونعتقد أن الحادث ناجم على الأرجح عن خلل تقني». وأضاف أنه تم العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة لكنهما «مصابان بأضرار إلى درجة أن أشرطة التسجيل وجدت على الأرض».

وتابع مجيدي «لحقت أضرار بالغة بالصندوقين الأسودين رغم أنهما مصنوعان من الصلب.. كانت أشرطة التسجيل ملقاة على الأرض (خارج الصندوقين).. ربما نرسل الصندوق الأسود إلى الدولة التي صنع بها (روسيا) لمتابعة القضية بمساعدتهم». وذكرت وكالة أنباء «فارس» شبه الرسمية أن السلطات ما زالت تبحث عن صندوق أسود ثالث. وقال ماجدي إن الأمر سيستلزم إجراء اختبارات الحامض النووي للتعرف على رفات الضحايا. وأغلب من كانوا على متن الطائرة من الإيرانيين لكنها كانت أيضا تقل مواطنين من أرمينيا وجورجيا. وقال ارلين داووديان المسؤول بشركة خطوط قزوين الجوية لـ«رويترز» في مطار يريفان إن نحو 40 من أقارب وأصدقاء الضحايا يعتزمون السفر من يريفان إلى طهران. فيما قال رضا جعفر زادة المتحدث باسم هيئة الطيران المدني الإيرانية أن خمسة خبراء من روسيا سيصلون إلى طهران اليوم للمساعدة في التحقيقات. وقالت شركة تأمين إيرانية إنها ستدفع 42 ألف يورو (58800 دولار) عن كل ضحية حسبما أفادت الإذاعة الرسمية.

وكانت الطائرة الروسية الصنع تقوم أول من أمس برحلة بين طهران ويريفان عاصمة أرمينيا حين تحطمت في حقل بمنطقة قزوين مما أدى إلى مقتل 168 شخصا هم 153 راكبا وطاقما من 15 فردا. وقال محمد علي أهاني المكلف بإدارة أوضاع الكوارث في محافظة قزوين الإيرانية إن «الانفجار كان قويا والصدمة شديدة إلى حد أن الجثث تناثرت جميعها ولم نعثر على أي جثة كاملة»، بحسب ما نقلت عنه وكالة «مهر» شبه الرسمية. وأضاف أن الأشلاء نقلت إلى طهران لكن التعرف عليها سيكون «مستحيلا». وتابع «على عائلات الضحايا أن تتصل بـ(أجهزة) الطب الشرعي في طهران، ولو أنه من المستحيل التعرف على الجثث بسبب تناثرها».

ومن بين القتلى ثمانية من فريق منتخب الجودو الإيراني للناشئين ومدربان ونائب إيراني سابق يمثل الأقلية الأرمنية كما وردت أنباء عن مقتل زوجة رئيس البعثة الدبلوماسية الجورجية في إيران في الحادث. وقال ارسين بوغوسيان نائب رئيس هيئة الطيران المدني الأرمنية في تصريح لوسائل الإعلام بمطار يريفان أن ستة من مواطني أرمينيا واثنين من مواطني جورجيا كانوا على متن الطائرة. وأوضح أن اثنين من أفراد طاقم الطائرة و29 راكبا كانوا إيرانيين من أصل أرمني.

وفي إيران نحو 100 ألف أرمني يسافر كثير منهم جوا بشكل متواتر بين طهران ويريفان لزيارة الأقارب. وأنشئت شركة خطوط قزوين الجوية ومقرها طهران عام 1993 وجميع طائرات أسطولها من طراز توبوليف وهي تربط بين مدن إيرانية وكذلك تسير رحلات إلى الإمارات العربية المتحدة وأوكرانيا وأرمينيا.

وبعد أخطر كارثة جوية تشهدها إيران منذ أعوام، تصاعدت الانتقادات لاستخدام طائرات في حال سيئة، وخصوصا من طراز توبوليف. وعنونت صحيفة «حزب الله» في صفحتها الأولى «هدية جديدة من توبوليف»، فيما عنونت صحيفة «همشهري»: «توبوليف تسببت بمزيد من الضحايا».

أما صحيفة «مردمسلاري» فنشرت على صفحتها الأولى رسما يظهر طائرة تهوي على شكل ملاك الموت الأسود وكتبت تحتها عبارة «صناعة روسية». وكتبت الصحيفة أن «عربات الموت الروسية أدت أيضا إلى حادث في الأجواء الإيرانية. 168 قتيلا والسبب كذلك طائرة توبوليف».

وأضافت أن «الإيرانيين لا يحملون أي ذكرى طيبة من طائرات توبوليف الروسية»، معددة حوادث عدة وقعت في الأعوام الأخيرة وأدت في كل مرة إلى عشرات الضحايا. وتابعت الصحيفة «تعتبر طائرة توبوليف الأقل أمانا بين الطائرات في العالم ولا يحق لها التحليق في أوروبا والولايات المتحدة.. لكن غالبية الشركات الإيرانية تستخدم طائرات من طراز توبوليف ـ 154». وقامت طائرة توبوليف ذات المحركات الثلاثة بأول رحلة تجارية لها عام 1972 لكن تصنيعها توقف عام 1994.

وتحدثت صحيفة «اعتماد ملي» الإصلاحية عن «الهدية الروسية السيئة» وانتقدت المسؤولين عن شركات الطيران التي تستخدم طائرة «تسببت بمقدار كبير من الأضرار» للإيرانيين. وأوضحت أن «بعض مسؤولي الطيران والشركات الجوية المحلية يعزون عجزهم عن شراء طائرات أكثر أمانا إلى العقوبات» المفروضة على إيران. لكنها تساءلت «كيف تمكنت بعض الشركات الإيرانية غير الحكومية في الأعوام الأخيرة من شراء طائرات جديدة وحديثة؟».

وتتعرض إيران لعقوبات أميركية ولا يمكنها شراء طائرات من طراز «إيرباص» و«بوينغ»، لكن بعض الشركات تمكنت من الالتفاف على هذه المعوقات. وأوردت الصحيفة أن المشاكل المالية والضغط الذي تمارسه الحكومة لعدم زيادة أسعار بطاقات السفر تجبر الشركات أيضا على عدم احترام قواعد السلامة والمعايير الدولية. وقدمت الولايات المتحدة تعازيها لإيران ولأسر الضحايا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ايان كيلي في بيان إن واشنطن «تقدم تعازيها لعائلات الذين قتلوا في الحادث». وأضاف «نعمل مع سفارة الولايات المتحدة في يريفان ومع ممثلية سويسرا في إيران لتحديد ما إذا كان هناك رعايا أميركيون على متن الطائرة». يشار إلى أن الولايات المتحدة لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إيران وترعى مصالحها هناك السفارة السويسرية في طهران. وتمنع العقوبات الأميركية بيع طائرات من طراز بوينغ لإيران، كما تعرقل بيع طائرات أو قطع غيار أخرى من الغرب التي يعتمد الكثير منها على محركات وأجزاء مصنعة في الولايات المتحدة.