الصومال: حكومة الشيخ شريف تسعى لإنقاذ ماء وجهها وتتوسط لإطلاق الرهينتين الفرنسيين

حركة الشباب تتقاسمهما مع الحزب الإسلامي.. ومبعوث فرنسي في مقديشو للمشاركة في المفاوضات

TT

سعت السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد، إلى إنقاذ ماء وجهها، وتدخلت بكل قوة للإفراج عن الخبيرين الأمنيين الفرنسيين، بينما لجأ المتمردون الإسلاميون إلى اقتسام المخطوفين لتشتيت الأنظار وتفادي حدوث صراع بينهم، في وقت يشنون حربا للإطاحة بحكومة الشيخ شريف.

وقالت مصادر صومالية لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة مقديشو، إن المسؤول الفرنسي الأرفع درجة قد تم تسليمه بعد مفاوضات شاقة من قيادة الحزب الإسلامي إلى قيادة حركة الشباب المجاهدين المتشددة، والمحسوبة على تنظيم القاعدة. وروت مصادر متعددة أن مجموعة من عناصر الشباب حاصرت مقر إقامة الشيخ حسن طاهر أويس، زعيم الحزب الإسلامي في العاصمة مقديشو، وهددت باقتحامه لمطالبته بتسليم أحد الفرنسيين إلى حركة الشباب، المدرجة على قوائم وزارة الخارجية الأميركية باعتبارها منظمة إرهابية. وأكد عبد القادر أدويني، الضابط الكبير بالشرطة الصومالية، ومسؤول آخر رفيع المستوى، أن الحزب الإسلامي انصاع لضغوط الشباب، وسلم أكبر عنصري الأمن الفرنسيين المخطوفين إليها، وأضاف «أخذ الشباب المسؤول الفرنسي الأرفع درجة وبقي الآخر مع الشيخ أويس».

في المقابل امتنع الشيخ أويس عن إبداء أي تعليقات، ورفض الرد على أسئلة وجهتها إليه «الشرق الأوسط» عبر الهاتف مكتفيا بالقول، إنه لم يطلع على أي تقارير بهذا الشأن. لكن مسؤولا في مكتب رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد شارمارك، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن شارمارك تمكن مساء أول من أمس من التحدث إلى أحد الفرنسيين المخطوفين للتأكد من سلامتهما وأنهما على قيد الحياة. وتعهد شارمارك بسرعة الإفراج عن المخطوفين، مشيرا إلى أنهما كانا في مهمة رسمية تتعلق بالحكومة الفرنسية لمساعدة شعب وحكومة الصومال.

وتسعى حكومة شارمارك إلى التعجيل بإنهاء هذه الأزمة، التي أصابت سمعتها وهيبتها الأمنية في الصميم، حيث أعلن وزير الشؤون الاجتماعية الصومالي محمد علي إبراهيم، الخميس، أن المخطوفين «في صحة جيدة» وتحتجزهما مجموعتان إسلاميتان مختلفتان. وقال إبراهيم إن رئيس الوزراء الصومالي «تمكن من التحدث إلى أحد الرهينتين لطمأنته»، مضيفا: «نتفاوض معهما ونأمل بالتوصل إلى نتيجة إيجابية».

وتحدثت مصادر مقربة من الرئيس الصومالي الشيخ شريف لـ«الشرق الأوسط» عن مفاوضات غير معلنة، تقودها السلطة الانتقالية للضغط على قيادات كل من الحزب الإسلامي وحركة الشباب، مشيرة إلى أن الشيخ شريف تحدث بنفسه عبر الهاتف إلى بعض هذه القيادات لحثها على إنهاء هذه الأزمة، لكنها رفضت الإفصاح عن هوية هذه القيادات. وقالت «يسعى الشيخ شريف إلى استثمار علاقاته القديمة مع بعض قيادات المتمردين الإسلاميين لحثهم على إعادة المخطوفين الفرنسيين في أسرع وقت، الشيخ (شريف) تحدث إلى بعض معارفه القدامى في كلا التنظيمين «في إشارة إلى الحزب الإسلامي وحركة الشباب المجاهدين».

وتحدثت مصادر صومالية وغربية في مقديشو عن وصول مبعوث فرنسي إلى مقديشو للمشاركة في المفاوضات الجارية على قدم وساق، لتأمين إطلاق سراح المخطوفين الفرنسيين، لكن وزارة الخارجية الفرنسية قالت في المقابل، إنها لا تملك معلومات عن إرسال موفد مماثل إلى الصومال.

وكان الشيخ شريف رئيسا لتنظيم المحاكم الإسلامية، الذي سيطر على العاصمة الصومالية مقديشو لمدة ستة أشهر، اعتبارا من منتصف عام 2006، قبل أن تنجح القوات الإثيوبية والحكومية في إلحاق هزيمة مروعة بالتنظيم، الذي فرت معظم قياداته إلى الخارج، قبل أن تنتقل إلى إريتريا عام 2007 لتشكيل تحالف المعارضة الصومالية.

وتعتبر معظم قيادات حركة الشباب والحزب الإسلامي من الحلفاء السابقين للشيخ أويس، خاصة الشيخ أويس الزعيم الإسلامي المتشدد، وقائد الحزب الإسلامي الذي حل محل الشيخ شريف، في رئاسة تحالف المعارضة الصومالية الذي يتخذ من العاصمة الإريترية أسمرة مقرا له.

ويعتقد الكثير من الدبلوماسيين العرب والغربيين القلائل الموجودين في مقديشو، أن عملية الخطف هي نتاج ما وصفه بالقصور الأمني الشديد، الذي تعاني منه السلطة الانتقالية. وقال دبلوماسي عربي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقديشو، «تعاني هذه الحكومة من أزمة حقيقية، القيادات العسكرية والأمنية ليست على المستوى المطلوب، مشيرا إلى أن أحمد ولد عبد الله المبعوث الخاص للأمم المتحدة للصومال، كان قد نصح الرئيس الصومالي الشيخ شريف، صراحة بالاعتماد على الخبراء المتخصصين، بدلا من العقائديين في تولي مثل هذه المناصب». ولفت إلى أن محمد شيخ حسن، رئيس جهاز المخابرات الصومالي تولى منصبه بحكم عمله السابق حارسا شخصيا لرئيس البرلمان السابق شريف حسن آدم، الذي يتولى حاليا منصب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية الصومالي، بينما محمد عبدي غاندي، وزير الدفاع الصومالي لا يتوافر على خلفية عسكرية وأمنية معروفة، بحكم دراسته لسابقة للأدب الفرنسي.

وقال محللون صوماليون إن الحكومة الفرنسية ربما تؤمن إطلاق سراح رجليها إذا اتبعت أسلوبا لينا، وإذا كانت مستعدة لدفع فدية. وقال أحد هؤلاء المحللين: «الشباب لا يفكرون في القتل. ربما تكون لديهم خيارات أخرى. ربما يطلبون إطلاق سراح أحد قادتهم في غوانتانامو أو يطلبون فدية بما أنهم يرغبون في مواصلة الحرب بلا نهاية. حياته أكثر أهمية من قطع رأسه». وتعتقد مصادر صومالية أن هناك صوماليا ضمن المحتجزين في سجن غوانتانامو. وقامت جماعة الشباب الإسلامي المتشددة بقتل صوماليين في الماضي بزعم قيامهم بالتجسس لصالح الحكومة ودول غربية.

علي صعيد آخر، قالت أوغندا التي تتولى قيادة قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال «إن قوات أميصوم في الصومال بحاجة لتفويض أقوى للمساهمة في إحلال السلام في الصومال، كما أن هناك حاجة لزيادة عدد هذه القوات». وقال المتحدث باسم الجيش الأوغندي فيليكس كولايجي إن الأمر يتطلب تغييرا في مستويات هذه القوات، وتغيير تفويضها من قوات لحفظ السلام إلى قوات لصنع السلام. وأضاف: «أعتقد أننا بحاجة إلى زيادة هذه القوات لتصل قوامها إلى ما بين 16 ألفا و20 ألف جندي، لتصبح قادرة علي القيام بمهامها بشكل أقوي وتصبح قادرة لتصدي هجمات المتمردين، بدل أن تقتصر مهمتهم في حماية مناطق معينة مثل القصر الرئاسي والمطار والميناء».

من جهة أخرى، صرح المتحدث باسم قوات حفظ السلام الأفريقية في مقديشو أن 3 جنود من قوات أميصوم قتلوا مطلع هذا الأسبوع الحالي في مقديشو بعدما تعرض أحد مواقع هذه القوات لقصف مفاجئ بقذائف الهاون.