الصومال: حركة الشباب تتسلم الرهينة الفرنسي الثاني.. وتكهنات باحتمال تسليمهما إلى القاعدة

مصادر تتحدث عن صلات عائلية بين الحركة وقراصنة صوماليين محتجزين في باريس

جندي صومالي يطلق النار اثناء اشتباكات مع الاسلاميين في مقديشو أمس (رويترز)
TT

أكد قيادي رفيع المستوى في حركة الشباب المناوئة للسلطة الانتقالية وللوجود العسكري في الصومال، لـ«الشرق الأوسط» أن الحركة تمكنت أمس من استلام الرهينة الفرنسي الثاني بعدما كانت قد تسلمت زميله الأول قبل يومين من رئيس الحزب الإسلامي الشيخ حسن طاهر أويس. وأضاف في اتصال من مكان غير معلوم داخل الصومال: «نعم هما تحت قبضتنا ويخضعان حاليا للاستجواب بحثا عن مبررات وجودهما على الأراضي الصومالية، ونوعية المهام الأمنية التي كانا يعتزمان القيام بها لصالح الحكومة الصومالية العميلة».

وتابع: «وافق الشيخ حسن طاهر أويس، زعيم الحزب الإسلامي، على نقل مسؤوليتهما إلينا، وندرس الآن ما الذي سنفعله بهما، لكن القيادي، الذي طلب حجب هويته، رفض إعطاء المزيد من التفاصيل بهذا الشأن. واعتبر أن تورط فرنسا في دعم حكومة الشيخ شريف لا يجب أن يمر من دون عقاب، لافتا إلى أن أي دولة غربية يثبت تورطها في الوقوف ضد ما وصفه بـ«إرادة الشعب الصومالي»، وتقوم بدعم من أسماهم «العملاء والخونة»، ينبغي أن تتوقع العقاب من الصوماليين الشرفاء، على حد تعبيره.

من جهته قال مسؤول في الحزب الإسلامي لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب الذي كان قد تسلم الفرنسيين المخطوفين من جماعة محلية غير معروفة، رأى أنه من الأفضل تجنب الدخول في نزاعات مع حركة الشباب وتسليمها المخطوفين. ولفت إلى أن عملية التسليم والتسلم تمت بعد اجتماع موسع ضم قيادات الطرفين (حركة الشباب، والحزب الإسلامي)، مشيرا إلى أن الحزب لم يعد مسؤولا اعتبارا من الآن عن مصير المخطوفين.

لكن مسؤول حركة الشباب رفض التعليق لـ«الشرق الأوسط» على تكهنات بأن الحركة قد تحاول لاحقا نقل المخطوفين الفرنسيين إلى خارج الأراضي الصومالية تمهيدا لتسليمهما إلى قيادة تنظيم القاعدة، الذي تعتقد المخابرات الأميركية والكثير من المخابرات الغربية والإقليمية في المنطقة أنه يرتبط بعلاقات لوجيستية قوية للغاية مع حركة الشباب.

وقال أحد قادة الحزب لوكالة «رويترز»: «سلمنا حركة الشباب الرجل الفرنسي الثاني، تشاحنّا كثيرا وكنا على وشك الاقتتال»، فيما اعتبر وزير الخارجية الصومالي أن «هذا الحادث له أغراض مالية بحتة»، على حد تعبيره.

وكان وزير الشؤون الاجتماعية الصومالي، محمد علي إبراهيم، قد أعلن أمس أن الرهينتين الفرنسيين أصبحا في أيدي حركة الشباب، والمفاوضات بشأنهما «صعبة»، موضحا أن لهؤلاء الإسلاميين «أقرباء مسجونين في فرنسا هم القراصنة».

ونقلت عنه شبكة التلفزيون الفرنسية «فرانس 24» قوله: إن خطف الرهينتين الفرنسيين قد يكون ردا على احتجاز فرنسا بعض القراصنة في «الشباب». وقالت مصادر صومالية، رفضت تعريفها، إن بعض القراصنة المحتجزين في باريس على صلة عائلية ببعض قيادات حركة الشباب، مشيرة إلى أن الحركة قد تسعى لاستغلال الوضع للمطالبة بعقد صفقة لتبادل القراصنة بالمخطوفين.

وأضافت: «في العادة، الحركة ضد عمليات القرصنة وخطف السفن، لكنها مستفيدة من الوضع الراهن، والقراصنة باتوا عنصرا رئيسيا في استراتيجية الحركة للحصول على مصادر لتمويلها من أموال الفدى التي يحصلون عليها. ولم يعرف في السابق وجود علاقة عضوية بين الطرفين، لكن أوساطا صومالية ودبلوماسيين غربيين تحدثوا في السابق عن احتمال عقد تحالف غير مرئي بينهما للاستفادة من عدم قدرة الحكومة الصومالية الضعيفة على منع عمليات خطف لسفن قبالة السواحل الصومالية المترامية الأطراف.

وكانت دورية حراسة بحرية فرنسية قد اعتقلت خلال شهر مارس(آذار) الماضي ثلاثة قراصنة صوماليين في مياه الجزيرة، وسلمتهم إلى خفر السواحل لجزيرة سيشل غرب المحيط الهندي.

وأكد الجيش الفرنسي العام الماضي أنه اعتقل قراصنة صوماليين مفترضين وسلمهم إلى السلطات الصومالية التي «تعهدت بملاحقتهم قضائيا، بعدما تم ضبطهم قبالة خليج عدن داخل نطاق المياه الدولية على بعد نحو 185 كيلومترا، وسبق لقوات النخبة الفرنسية أن تدخلت منذ شهر أبريل (نيسان) عام 2008 مرتين لتحرير رهائن وبحارة فرنسيين اختطفهم قراصنة، حيث اعتقلت القوات الفرنسية في حينه 12 قرصانا مفترضا، ونقلتهم إلى فرنسا حيث لا يزالون معتقلين هناك.

ونجحت القوات الفرنسية في استعادة 30 رهينة، من بينهم 22 فرنسيا، على متن اليخت الفاخر «لو بونان»، من القراصنة الذين حصلوا على فدية قيمتها مليونا دولار أميركي.

وفي منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي تدخلت فرق «كوماندوز» فرنسية مجددا للإفراج عن زوجين فرنسيين احتجزهما لنحو أسبوعين قراصنة صوماليون على مركبهما، فيما قتل قرصان في هذه العملية.

من جهة ثانية علمت «الشرق الأوسط» أن الحكومة الصومالية أبلغت فرنسا أمس، رسميا، نفيا قاطعا لما أشيع عن تردد أحد وزرائها في عملية خطف خبيري الأمن الفرنسيين اللذين باتا في عهدة حركة الشباب المجاهدين المتشددة، في وقت تسعى فيه الحكومة الصومالية لفتح قنوات مع قيادة الحركة المحسوبة على تنظيم القاعدة من أجل التفاوض لإطلاق سراحهما.

وعقد وزير الخارجية الصومالي، محمد عبد الله عمر، اجتماعا أمس في العاصمة الكينية نيروبي مع إليزابيث باريبر، سفيرة فرنسا لدى كينيا، وجيريمي روبرت، سكرتير أول السفارة الفرنسية، وأكد خلاله المسؤول الصومالي عدم ضلوع وزير الداخلية الصومالي، عبد القادر علي عمر، أو أي من مسؤولي الحكومة الصومالية في عملية خطف الرهينتين الفرنسيين.

وقال مساعد لعمر لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من نيروبي، إن الوزير الصومالي أكد للمسؤولين الفرنسيين اهتمام حكومته بالسعي لتأمين الإفراج عن المخطوفين اللذين كانا في مهمة تتعلق بالاتفاق على تدريب حراس الشخصيات الهامة داخل ترويكا، السلطة الانتقالية، التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد.

واختطف المستشاران الفرنسيان اللذان ادعيا أنهما صحافيان قبل ثلاثة أيام لدى نزولهما في فندق «الصحافي» بالعاصمة الصومالية مقديشو، علما بأنهما اجتمعا قبل تلك الواقعة مع الشيخ شريف لبحث تفاصيل مهمتهما السرية.

وأبلغ عمر السفيرة الفرنسية أن حكومته تحاول فتح قنوات اتصال وحوار مع قيادات حركة الشباب المجاهدين عبر وسطاء من رؤساء القبائل والعشائر لإقناع الحركة بعدم إيذاء المخطوفين وسرعة إطلاق سراحهما، مشيرا إلى أن حكومته لن تألو جهدا في هذا السياق.

لكن جيريمي روبرت، المسؤول الأول في السفارة الفرنسية لدى كينيا التي شكلت خلية أزمة طارئة لمتابعة القضية، رفض في اتصال هاتفي من نيروبي التعليق لـ«الشرق الأوسط» على وضع المخطوفين أو الإدلاء بأي معلومات عنهما، مكتفيا بالقول: «لسنا مخولين هنا بالإدلاء بتصريحات صحافية، عليكم الاتصال بباريس، ليس لدينا ما نقوله».