رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية: سنظهر على الساحة بوجهة نظر جديدة

قال إن الثقة مطلوبة لإغلاق الملف النووي

TT

قال الرئيس الجديد لهيئة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، أمس، إن الجمهورية الإيرانية والغرب بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد من أجل بناء الثقة المتبادلة لإنهاء الخلاف بشأن البرنامج النووي الإيراني. وهذا هو أول تصريح رسمي يدلي به صالحي منذ عينه الرئيس محمود أحمدي نجاد، الخميس، ليحل محل غلام رضا أغازادة كرئيس لهيئة الطاقة الذرية الإيرانية.

قال صالحي، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، لهيئة إذاعة الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) «نأمل، بدلا من العداءات التي حدثت على مدار السنوات الست المنصرمة، أن يجري بذل المزيد من الجهد من أجل كسب الثقة المتبادلة... حتى تغلق القضية المفتوحة منذ ست سنوات». لكن صالحي لم يشر إلى أن إيران على استعداد لوقف أو تجميد أنشطتها النووية الحساسة والتي يشك الغرب في أنها تهدف لصنع قنابل نووية، وهو اتهام تنفيه إيران.

وقال صالحي «سنظهر على الساحة بوجهة نظر جديدة... سوف تحترم هيئة الطاقة الذرية التزاماتها الدولية، كما ستدافع عن حقوق إيران النووية». وأضاف «لأن استقرار العالم يعتمد على استقرار إيران، فإن كل الأطراف يجب أن تحاول إنهاء هذا الخلاف بأفضل طريقة ممكنة». واستبعد أحمدي نجاد، الذي أعيد انتخابه الشهر الماضي لفترة رئاسية ثانية تمتد أربع سنوات، أي اقتراح يتضمن رضوخ إيران للضغط الغربي وإجراء محادثات حول هذا الأمر. وشهدت الفترة الرئاسية الأولى لأحمدي نجاد توسعا ثابتا في تخصيب اليورانيوم الذي يمكن أن يستخدم لأغراض سلمية وعسكرية. وهيئة الطاقة الذرية الإيرانية هي الهيئة الرئيسية المسؤولة عن البرنامج النووي في البلاد لكن رئيسها لا يقود المحادثات مع القوى الكبرى في العالم حول الموضوع.

وكان صالحي، الذي درس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ممثلا سابقا لإيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة وذلك أيام حكم الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي. ويقول محللون إن صالحي سياسي معتدل يؤيد حل النزاع النووي الإيراني مع الغرب عبر المحادثات. وتقول إيران، خامس أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، إن برنامجها النووي سلمي يهدف إلى توليد الكهرباء.

وأضاف صالحي «نأمل أن يبذل (الغرب) مزيدا من الجهود من أجل التوصل إلى ثقة متبادلة عوضا عن هذه المرحلة من العدائية التي شهدناها خلال السنوات الست الفائتة، والقضية سيتم طيها في أسرع وقت ممكن».

وكان صالحي وقع في ديسمبر (كانون الأول) 2003 بالأحرف الأولى باسم بلاده، البروتوكول الإضافي الذي قبلت إيران بموجبه السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإجراء عمليات تفتيش مباغتة لمنشآتها النووية، حتى قبل أن يصادق البرلمان على هذه الاتفاقية. وفي فبراير (شباط) 2006 أمر أحمدي نجاد بوقف تطبيق البروتوكول الإضافي. وكانت إيران تخضع طوعا حتى ذلك الحين لنظام المراقبة المشددة في إطار البروتوكول الإضافي لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

واتخذ قرار وقف تطبيق البروتوكول بعدما أصدر مجلس الحكام في وكالة الطاقة الذرية قرارا بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي.

ويعد علي أكبر صالحي من الوجوه المحترمة في إيران فيما يتعلق بالموضوع النووي، فهو ذو خبرة طويلة وتعليم عريق، كما يجيد الإنجليزية بطلاقة. يذكر أن صالحي حصل على بكالوريوس العلوم من الجامعة الأميركية في بيروت، ثم حصل على الدكتوراه في علوم التكنولوجيا من «معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا» العريق في أميركا عام 1977. وعندما عاد إلى إيران شغل منصب بروفسور مساعد في «معهد شريف للتكنولوجيا» في طهران وهو أهم معهد للتكنولوجيا والهندسة النووية في إيران، وفيه تخرجت أهم العقول الإيرانية في مجال الهندسة النووية وعلوم الفيزياء، ويرتبط «معهد شريف للتكنولوجيا» بعلاقات أكاديمية قوية مع «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا». وكان لصالحي وأساتذة إيرانيين آخرين في «معهد شريف للتكنولوجيا» دور في منع قوات الباسيج من إدخال عناصرها إلى المعهد كطلبة في ضوء سياسة «الكوتة» التي تتيح لعناصر الباسيج دخول الجامعات الإيرانية بغض النظر عن مستوى تحصيلهم العلمي أو درجاتهم خلال المرحلة الثانوية. وما زال «معهد شريف للتكنولوجيا» المؤسسة التعليمية الوحيدة في إيران التي قاومت دخول عناصر الباسيج إليها. وتولى صالحي رئاسة المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية خلفا لغلام رضا أغازاده، الذي استقال بعدما شغل المنصب 12 عاما. ولم يعط الأخير سببا لاستقالته، غير أنه من المعروف عنه أنه صديق منذ مدة طويلة لمير حسين موسوي الذي حل ثانيا في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 يونيو (حزيران) واتهم أحمدي نجاد بتزوير النتائج للفوز بولاية ثانية. ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الدول الثماني الصناعية في 24 سبتمبر (أيلول) في نيويورك لتقييم الوضع المتعلق بالملف النووي الإيراني.

وكانت مصادر إيرانية مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن استقالة أغازادة، الذي يعتبر «الأب الروحي للمشروع النووي الإيراني بعد الثورة» تكشف حجم الخلافات داخل النخبة بعد انتخابات الرئاسة، مشيرة إلى أن الرسالة السياسية للاستقالة واضحة، كما قالت إن المرشد الأعلى لإيران لن يكون سعيدا باستقالة أغازادة، الذي يعتبره الكثيرون في إيران بمثابة «بطل قومي» بسبب الطريقة التي أدار بها البرنامج النووي والتوسع الكبير الذي شهده البرنامج خلال سنوات عمله الاثنتي عشرة. ومن المعروف أن أغازادة من أنصار الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي دعم مرشح المعارضة مير حسين موسوي في الانتخابات. كما عمل أغازادة وزيرا خلال الثمانينات عندما كان موسوي رئيسا للوزراء. وأصبح أغازاده رئيسا لهيئة الطاقة الذرية عام 1997 وظل في موقعه بعد فوز أحمدي نجاد بفترة رئاسته الأولى عام 2005 على الرغم من دعمه لرفسنجاني في هذا السباق الانتخابي.