كلينتون في مومباي.. تعد بمساعدة الهند وإندونيسيا لمحاربة المتطرفين

توقعت وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يسمح للشركات الأميركية ببيع أسلحة متطورة للهند

كلينتون تعانق نساء من رابطة النساء اللواتي يعملن لحسابهن في مومباي أمس (أ.ب)
TT

أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن الولايات المتحدة ستعمل مع الهند وإندونيسيا لمكافحة المتطرفين، ووجهت تحية لذكرى ضحايا هجمات مومباي، داعية إلى مكافحة الإرهاب على المستوى العالمي، في مستهل زيارتها للهند أمس. ومن مومباي، ربطت كلينتون في أول زيارة لها إلى الهند كوزيرة للخارجية، ما بين الهجمات التي خلفت 166 قتيلا وهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، والهجومين الانتحاريين على فندقين في جاكرتا قبل يومين.

وقالت خلال مؤتمر صحافي في قصر تاج محل وفندق تاور هوتيل، الذي تقيم فيه، وحيث قتل 31 شخصا خلال هجمات نوفمبر (تشرين الثاني) «لقد انطبعت هذه الأحداث في ذاكرتنا الجماعية (..) تفجيرا جاكرتا أمس أعادا تذكيرنا بصورة مؤلمة بأن تهديد العنف المتطرف لا يزال حقيقيا. إنه عالمي، وشرس ومدمر».

وأضافت أن «الولايات المتحدة ستعمل مع الحكومة الهندية وحكومة إندونيسيا وغيرهما من الدول والشعوب من أجل تحقيق السلام والأمن ومواجهة هؤلاء المتطرفين الذين يمارسون العنف وإنزال الهزيمة بهم». وعقدت كلينتون في وقت سابق اجتماعا خاصا مع 13 من العاملين في فندقي «تاج» و«تريدنت ـ أوبروي» القريب، ومن بينهم المدير العام لفندق «تاج» كرامبير كانغ، الذي قتلت زوجته وابناه في الهجمات.

ورغم مقتل أفراد عائلته، واصل كانغ العمل والإشراف على عمليات الإنقاذ. وقالت كلينتون إن لقاء الموظفين كان مؤثرا، وإنها أرادت أن تعرب عن تقديرها لذكرى الضحايا. وكتبت في كتاب التعازي «لقد عانى شعبانا من التداعيات الموجعة للتطرف». وأضافت «الآن يتعين على كل البلدان والشعوب الساعية إلى السلام والتقدم أن تعمل معا. فلنخلص العالم من البغضاء والتطرف الذي يفرز مثل هذا العنف العدمي. هذا أقل ما يمكن فعله من أجل مستقبلنا». وتشكل جهود مكافحة الإرهاب أحد المواضيع التي ستبحثها كلينتون إلى جانب الانتشار النووي والتغيرات المناخية بالإضافة إلى فتح أسواق تجارية جديدة. واتهمت الهند مجموعة عسكر طيبة الباكستانية بتنفيذ هجمات بومباي بالتواطؤ مع عناصر من الاستخبارات العسكرية الباكستانية. وسببت الهجمات، التي نفذها عشرة أشخاص تم اعتقال واحد منهم، في تجميد عملية السلام التي بدأها البلدان في مطلع 2004. والتقى رئيس الوزراء الهندي، مانموهان سينغ، نظيره الباكستاني يوسف رضا جيلاني، في مصر الأسبوع الماضي، واتفقا على محاربة التطرف، لكن الهند نبهت إلى أن جهود السلام ستبقى معلقة حتى التخلص من الخلايا الإرهابية الإسلامية الناشطة في باكستان. ومع ذلك، أثارت تصريحات رئيس الوزراء انتقادات في الهند باعتباره قدم الكثير من التنازلات لباكستان المتهمة بإيواء متطرفين قاموا بتدريب وتجهيز وتمويل هجمات مومباي.

ونفت كلينتون أن تكون إدارة الرئيس باراك أوباما تمارس ضغوطا على الهند من أجل تسوية خلافاتها وتطبيع علاقاتها مع باكستان حتى تتفرغ الأخيرة لمكافحة التمرد الإسلامي على حدودها مع أفغانستان، الأمر الذي يشكل أولوية بالنسبة للولايات المتحدة. وقالت خلال المؤتمر الصحافي إن «الولايات المتحدة تدعم بشكل كبير الخطوات التي تتخذها الحكومتان ولكننا لا نشارك أو ندفع باتجاه اتخاذ موقف معين». وتسعى إدارة أوباما إلى تعزيز العلاقات مع الهند التي تعتبرها قوة مؤثرة على المستويين الإقليمي والعالمي.

وتأمل كلينتون، بحسب مساعديها، أن يتم خلال زيارتها الإعلان عن الموقعين اللذين اختارتهما الهند لإقامة مفاعلين نوويين مدنيين أميركيين.

وفي موضوع آخر، قالت كلينتون إنها تتوقع أن تضع اللمسات الأخيرة على اتفاق دفاعي ضروري للسماح للشركات الأميركية ببيع أسلحة متطورة للهند. وأبلغت كلينتون الصحافيين في مومباي ردا على سؤال بشأن اتفاق «مراقبة المستخدمين النهائيين للأسلحة» «نعمل بجد بالغ لوضع اللمسات النهائية على عدد من الاتفاقات. أنا متفائلة من أننا سنتوصل لهذه الاتفاقيات وسنعلنها».

ويشترط القانون الأميركي التوصل لهذا الاتفاق كي يتسنى للشركات الأميركية تقديم عطاءات فيما يتعلق بخطة الهند لشراء 126 طائرة مقاتلة متعددة الأغراض، وهو ما سيكون إحدى أكبر صفقات الأسلحة في العالم. وتبلغ قيمة الصفقة 10.4 مليار دولار وهي جزء من خطة هندية تكلفتها 30 مليار دولار لتحديث الجيش على مدى السنوات الخمس المقبلة. وتتنافس «لوكهيد» و«بوينغ» على الفوز بالعقد مع «ميغ» الروسية التي تنتج الطائرة ميغ ـ 35 و«داسو» الفرنسية التي تنتج الطائرة رافال، و«ساب» السويدية التي تنتج الطائرة كيه.ايه.اس 39 غريبين، واتحاد شركات بريطانية وألمانية وإيطالية وإسبانية يصنع الطائرة يوروفايتر تايفون.

كما يتوقع أيضا أن تعمل كلينتون على الانتهاء من اتفاقيات بشأن اتفاق نووي مدني وقع العام الماضي ويأمل مسؤولون أميركيون أن تعلن الهند عن الموقعين، حيث سيكون للشركات الأميركية الحق الحصري في بناء محطات الطاقة النووية. وقدرت وزارة الخارجية الأميركية أن هذه الاتفاقيات قد تصل قيمتها إلى عشرة مليارات دولار بالنسبة للشركات الأميركية. وأكبر شركتين أميركيتين لبناء المفاعلات النووية هما «جنرال إليكتريك» و«وسيتنغهاوس إليكتريك» التابعة لـ«توشيبا كورب».

والتقت كلينتون عددا من رجال الأعمال في مومباي، عاصمة الهند الاقتصادية، وأيضا عددا من المنظمات غير الحكومية التي تعنى بتعزيز مشاركة النساء في العمل ومهنيين في مجال التعليم كجزء من رغبتها في تعميق العلاقات خارج الإطار الحكومي. وتستمر زيارتها للهند ثلاثة أيام، بدأتها في مومباي على أن تتجه إلى نيودلهي غدا للقاء رئيس الوزراء مانموهان سينغ ووزير الخارجية س.م. كريشنا قبل المغادرة إلى تايلاند لترؤس بعثة بلادها في محادثات رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). والعلاقات الهندية الأميركية التي مرت بفترة صعبة أثناء الحرب الباردة، بدأت تتحسن في نهاية عهد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون. وتواصل التحسن في عهد الرئيس جورج بوش عبر إبرام اتفاق لتزويد الهند بالتكنولوجيا النووية المدنية العام الماضي.