معوزو غزة يتحدون أشعة الشمس الحارقة لسد الرمق

ينتظرون المساعدات الحكومية وما تقدمه الأونروا

TT

رغم حرارة الشمس الملتهبة التي تصلي كل من يتعرض إليها في شوارع مدينة غزة، واصل أحمد السيفي، 31 عاما، بصبر البحث عن اسم له في القوائم المدرجة في عدد كبير من الأوراق الملصقة على جدران إحدى المدارس التي تقع بجوار قيادة الشرطة غرب مدينة غزة. وهذه ليست أوراقا تحمل أسماء الناجحين في امتحانات التوجيهية، بل أسماء الأشخاص الذين يحق لهم الحصول على مبلغ 100 دولار كمساعدة من وزارة الشؤون الاجتماعية التابعة للحكومة الفلسطينية المقالة.

وسرعان ما انفرجت أسارير السيفي الذي كان يحاول اتقاء تأثير حرارة الشمس بدفتر كان في يده، عندما عثر أخيرا على اسمه في إحدى الأوراق، فقفل عائدا والعرق يتصبب من وجنتيه. وقال السيفي لـ «الشرق الأوسط» إن الحصول على مثل هذا المبلغ بين الفينة والأخرى هو الذي يساعده على مواجهة أعباء الحياة هو وعائلته المكونة من ستة أفراد. يضاف إلى ذلك أيضا المعونات العينية التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» التي تضم تقريبا معظم المواد الغذائية الضرورية ابتداء من الدقيق وحتى المعلبات. وأضاف السيف أن قلبه يعتصر ألما وهو يجد نفسه مجبرا على مزاحمة الناس أثناء البحث عن اسم له بين أسماء الأشخاص الحاصلين على المعونات المالية المتواضعة التي تقدمها الحكومة، مشيرا إلى أنه كان يعيش أوضاعا مغايرة تماما قبل فرض الحصار على القطاع، حيث كان يتقاضى راتبا مجزيا من خلال عمله كفني في أحد مصانع المواد البلاستيكية في مدينة غزة، لكنه وجد نفسه فجأة بلا عمل عندما أغلق المصنع لعدم توفر المواد الخام بسبب الحصار. وقصة السيفي هي قصة عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين فقدوا أعمالهم ومصادر رزقهم خلال السنوات الأخيرة من الحصار والإغلاق، وأصبحوا يعتمدون على المعونات التي تمنحها المؤسسات التابعة للحكومة المقالة والأونروا والجمعيات الخيرية.

في هذه الأثناء تواصل المصانع في القطاع إغلاق أبوابها بسبب الحصار، وما يترتب على ذلك من انضمام مزيد من الناس لجيش البطالة وليتعاظم عدد الأسر التي تعيش تحت خط الفقر. يقول رجل الأعمال الفلسطيني عبد العزيز الشقاقي إن 90 من مصانع القطاع، أغلقت أبوابها بسبب الحصار. وأشار الشقاقي أن مصنع الأدوية الوحيد في القطاع أغلق أبوابه بسبب نفاد المواد الخام اللازمة لصناعة الأدوية.

في ظل هذا الواقع فقد كثفت الجمعيات الخيرية، وتحديدا لجان الزكاة في مناطق القطاع المختلفة من جهودها لجمع التبرعات لمد يد العون للمحتاجين. وقامت لجان الزكاة بتعليق إعلانات تطالب أرباب الأسر الفقيرة بتسجيل أسمائهم لديها لكي يتم كفالة أسرهم من قبل أشخاص يمارسون أعمالا ويتقاضون رواتب شهرية بانتظام. وكانت لجنة الزكاة في مخيم المغازي للاجئين وسط القطاع، أول من بادر إلى القيام بمشروع كفالة الأسر الفقيرة، حيث كان يتم في الماضي كفالة الأيتام وأسرهم. وقال أحمد الحاطي، رئيس لجنة الزكاة في مخيم المغازي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الذي دفعه وزملاءه للمبادرة للقيام بهذا المشروع هو تأثير تدهور الحالة الاقتصادية الطاغي على الأهالي في القطاع وتحديدا في مخيمات اللاجئين. وأضاف «يحضر إلينا أناس غير قادرين على توفير الطعام والدواء لأولادهم، أو دفع الرسوم الجامعية لهم». وحول استراتيجية عمل اللجنة التي يقودها، يقول الحاطي إنه تقرر طرق باب كل شخص يعمل ويتقاضى راتبا شهريا مهما كان بسيطا، بحيث نحاول أن نقنعه بدفع أي مبلغ حتى لو كان لا يتجاوز العشرين شيكلا (خمس دولارات). ويؤكد الحاطي أن استجابة أهالي المخيم فاقت كل التوقعات، حيث إنه تمت كفالة 70% من الأسر التي توجهت للجنة لكفالتها.