حاكم ولاية جنوب كردفان: اتفقنا على قبول تحكيم لاهاي في «أبيي».. لنا أم علينا

أحمد هارون لـ«الشرق الأوسط»: موفد أوباما يسعى مع طرفي النزاع لإيجاد طريقة لتنفيذ قرار التحكيم

TT

قال أحمد هارون والي ولاية جنوب كردفان القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «إجماعا عاما» بقبول قرار محكمة التحكيم الدولية بشأن وضعية منطقة «أبيي»، الغنية بالنفط، شمالية كانت أم جنوبية.

وكشف هارون عن لقاءات مكثفة تمت في الأيام الماضية بين الأطراف المعنية بالقضية على المستوي المحلي في أبيي، ممثل في الإدارات الأهلية، أو على المستوى المركزي، ممثل في شريكي الحكم حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، أنهت بقبول الطرفين لقرار هيئة التحكيم الدولية، المقرر إعلانه يوم الأربعاء المقبل في مدينة لاهاي، عبر احتفال يحضره طرفا النزاع، ولكن قيادي من قبيلة المسيرية قال لـ«الشرق الأوسط» إن قبيلة المسيرية العربية ترى أن أبيي شمالية، وأي قرار خلاف ذلك مرفوض بالنسبة لهم. وكشف هارون عن اتفاق ثلاثي يضم: حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والمبعوث الأميركي للسودان اسكوت غرايشن المقرر أن يصل أبيي اليوم، على حزمة إجراءات وآليات لإنفاذ القرار الذي سيصدر من هيئة التحكيم الدولية حول «أبيي».

وتواجه الحكومة عقبات «لوجستية» لإرسال وفود إلى لاهاي لحضور مراسم إعلان القرار. وبدا التوتر والحذر في تصاعد مستمر في كل من «أبيي والعاصمة الخرطوم»، ولا يخفي المراقبون مخاوفهم من أن تتجدد التوترات في المنطقة حال صدور القرار. وتتمثل أطراف النزاع في: حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وقبيلة «المسيرية» العربية المقيمة في المنطقة من جهة، ويطالبان بإبقاء «أبيي» ضمن حدود شمال السودان كما هي عليه الآن، ومن الناحية الأخرى هناك الحركة الشعبية لتحرير السودان، وقبيلة «دينكا نقوك»، الجنوبية الأفريقية، ويطالبان بأن تكون «أبيي» جنوبية.

وكانت تسريبات قالت إن قرار المحكمة اتبع أبيي إلى جنوب السودان، فيما يقول المسؤولون في المحكمة من طرفي النزاع إن قرار المحكمة غير معروف بالنسبة لهم حتى الآن. وقال هارون إن كل الأطراف المعنية بالقضية على درجة عالية من الوعي والإدارك بالقضية «فقد قدموا للمحكمة الحجج والبراهين»، وقال إن المحكمة «وفقا لما طرح أمامها من تلك الحجج والبراهين ووقائع ستتوصل إلى قرارات أكثر عدلا وتوازنا»، وأضاف «أتوقع قبول كل طرف ما سيصدر من هيئة المحكمة».

وردا على سؤال الحيثيات التي بنى عليها توقعه هذا، قال هارون إن «هناك لقاءات انتظمت المنطقة خلال الأيام الماضية بين القيادات الأهلية والشعبية في منطقة أبيي، ولقاءات أخرى تمت على مستوى الخرطوم بين القيادات السياسية بين الحزبين الحاكمين: المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، كلها أكدت قبول الطرفين بنتائج المحكمة». وأضاف هارون «تلك اللقاءات توجت بلقاء أجراه النائب الأول للرئيس سلفا كير ميارديت خلال زيارة أخيرة إلى جنوب كردفان في كل من منطقتي أبيي والمجلد أكدت ذات المعاني»، وقال «هناك إجماع على قبول النتائج التي ستصدر عن المحكمة باعتبار أن عملية التحكيم أصلا نتاج عملية حوار متصلة لإيجاد حل للمشكلة في المنطقة». ومن جانبه، قال محمد خاطر جمعة رئيس اتحاد عام قبيلة «المسيرية» لـ«الشرق الأوسط» أن المسيرية في الأصل لم يكونا طرفا في مفاوضات نيفاشا، التي أتت بالسلام بين الجنوب والشمال، والتي تناولت قضية أبيي، وأضاف «كما أننا لسنا طرفا في إحالة موضوع المنطقة لمحكمة التحكيم في لاهاي»، ومضى «نحن نرى أن أبيي منطقة شمالية وهي دار مسيرية»، وشدد «وعليه فإننا لن نرضى بأي قرار يجعل أبيي تابعة للجنوب».

وحول الخطوة المتوقعة من جانبهم في حال صدور قرار المحكمة يوم الأربعاء المقبل باتباع أبيي للجنوب، قال القيادي من قبيلة المسيرية: «نحن لا نريد أن نسبق الحوادث.. فإذا ما صدر القرار بإبقاء أبيي في الشمال نحمد الله ونشكره على ذلك.. أما إذا قال إن أبيي تتبع للجنوب فلن نقبل القرار»، وحول الكيفية التي يترجمون بها رفضهم، قال «لا نريد أن نسبق الحوادث.. ولكن لن نوافق أبدا». ومن جانبه، قال وزير رئاسة حكومة الجنوب القيادي في الحركة الشعبية لوكا بيونق في تصريحات صحافية إن أطرافا ثلاثة هي: حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والمبعوث الأميركي، اتفقوا على حزمة من الإجراءات والآليات لإنفاذ وتوصيل القرار، تمثلت في تشكيل لجنة من مصلحة المساحة لترسيم حدود المنطقة لمساعدة المجتمع الدولي، إلى جانب إنفاذ بروتوكول أبيي بحذافيره، والاتفاق علي آلية محددة فيما يتعلق بالموارد ودعم منطقة أبيي، بجانب تشكيل فريق مشترك من قيادات الطرفين والمجتمع الدولي لتوصيل القرار لأهل المنطقة، وأضاف أن الأطراف اتفقت على إصدار بيان مشترك عقب إعلان القرار، وأوضح أن كلا من المبعوث الأميركي، وممثل الأمم المتحدة أشرف قاضي، والسفير الهولندي، وممثل مفوضية التقييم والتقويم، سيشهدون إعلان القرار بأبيي. وكشف بيونق عن وجود إشكالية تتمثل في إيجاد موارد لإرسال الوفود إلى لاهاي، وقال رغم التزام الحكومة اتضح أن هناك صعوبة لوجستية في توفير الموارد من قبل الحكومة، وأشار إلى محاولات للاتصال ببعض الجهات على رأسها الحكومة الأميركية والهولندية لمد يد العون.

ومن جانبها، دعت سفارة السودان بلاهاي، في بيان أصدرته إلى تفسير القرار القادم في إطار الكسب الجماعي لكل الأطراف، وأن تعمل كافة الأطراف بما في ذلك الشركاء من المجتمع الدولي على جعل منطقة أبيي رمزا للتعايش النموذجي والتنمية لخلق فرص العيش الكريم والاستقرار لسكان المنطقة. وأحال الطرفان بموجب اتفاق نزاع «أبيي» إلى التحكيم الدولي في منتصف عام 2008، عبر اتفاق عرف بـ«خريطة طريق أبيي»، شملت جملة فصول هي: ترتيبات أمنية، وعودة النازحين، والترتيبات المؤقتة لإدارة المنطقة وترتيبات الحل النهائي، وإحالة النزاع بين الطرفين إلى هيئة تحكيم مهنية متخصصة يتفقان عليها للفصل في خلافهما حول ما توصل إليه تقرير خبراء دوليين ومحليين، أوكلت إليهم حسب اتفاق السلام الموقع عام 2005 تحديد مصير المنطقة.