حزب العدالة والتنمية المغربي يجبر أحد قيادييه على الاستقالة.. والداخلية تندد «بالتدخل الأجنبي»

رسالة نائب إسلامي إلى سفير فرنسا في الرباط لعلاج جريح تتحول إلى قضية سياسية

TT

أجبر حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي أحد قادته على الاستقالة بعد إرساله رسالة إلى السفير الفرنسي في الرباط يقترح فيها نقل أحد المغاربة الذين أصيبوا في الانتخابات البلدية إلى فرنسا للعلاج، في حين قال أحد قادة الحزب إنهم لم يتعرضوا إلى ضغوط لاتخاذ القرار. وتحولت الرسالة التي بعث بها النائب إلى السفارة الفرنسية إلى قضية سياسية حيث استدعى الطيب الفاسي الفهري وزير الخارجية المغربي السفير الفرنسي لتقديم إيضاحات حول الموضوع. وبحث مكتب مجلس النواب أمس موضوع رسالة النائب إلى السفارة الفرنسية التي طالب فيها بنقل أحد الأشخاص الذين أصيبوا خلال مشاحنات جرت أثناء الانتخابات البلدية في شرق البلاد إلى باريس للعلاج، وهو ما اعتبرته وزارة الداخلية المغربية بمثابة تدخل أجنبي في شأن داخلي.

وعقد أمس مكتب مجلس النواب، الذي يضم ممثلين عن كل الأحزاب داخل البرلمان، اجتماعا لبحث موضوع النائب عبد العزيز أفتاتي وهو عضو في المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، الذي اقترح في رسالة عبر البريد الالكتروني على السفير الفرنسي نقل المغربي نور الدين بوبكر الذي يحمل الجنسية الفرنسية إلى فرنسا للعلاج بسبب معاناته من نزيف داخلي إثر إصابته في الأحداث التي وقعت في مدينة وجدة شرق البلاد أثناء عملية انتخاب المجلس البلدي للمدينة، بعد تدخل قوات الأمن. وألزمت قيادة حزب العدالة والتنمية النائب أفتاتي للاستقالة من الحزب بعد اجتماع عقد بين شكيب بن موسى وزير الداخلية، وعبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية.

ونفى سعد الدين العثماني، رئيس المجس الوطني للحزب، أن تكون هناك أي ضغوط مورست من طرف وزارة الداخلية على الحزب لقبول استقالة افتاتي، مشيرا إلى أن تصرف هذا الأخير مرفوض جملة وتفصيلا، وعمل انفرادي قام به دون استشارة أي مسؤول حزبي، ويلزمه وحده. ودعا العثماني إلى عدم خلط الأمور، في تعليق له على بيان أصدرته وزارة الداخلية، بخصوص ما اعتبرته الوزارة «تناقضات حزب العدالة والتنمية» مؤكدا أن مواقف تنظيمه السياسي معلنة وواضحة وما قام به أفتاتي «تصرف فردي». وأعلن العثماني أن قيادة حزبه اجتمعت الليلة قبل الماضية، وستصدر بيانا في وقت لاحق، بخصوص ما جاء في بيان وزارة الداخلية. وردا عن سؤال بشأن التداعيات المحتملة للقضية، قال العثماني «مبدئيا يجب ألا تكون لها تداعيات..». وكان الطيب الفاسي الفهري، استدعى أول من أمس سفير فرنسا بالمغرب، جون فرانسوا ثيبو، «ليتداول معه بشأن الطابع غير اللائق للتحرك» الذي قام به أفتاتي لصالح مواطن، عضو بحزب العدالة والتنمية. وقال بيان لوزارة الخارجية إن هذا الاستدعاء جاء عقب «رسالة أرسلها النائب البرلماني عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة، وأحد قادة حزب العدالة والتنمية التي وجهها إلى سفير فرنسا بالرباط، الذي اعتقد أنه يتعين عليه التوجه إلى السلطات الفرنسية بشأن حالة نور الدين بوبكر، الحامل للجنسية الفرنسية، وعضو حزب العدالة والتنمية بوجدة». وأضاف المصدر أن «هذه المراسلة ليست مقبولة ولا معللة بأي حال من الأحوال سواء على الصعيد السياسي أو الأخلاقي» موضحا أن «الجنسية الفرنسية التي يحملها بوبكر لا يمكنها أن تشكل حجة وتعلل أي حماية أجنبية، في ما يتعلق بانتخابات وطنية وداخلية» وأكد بيان وزارة الخارجية أن «التوجه إلى السفارة الفرنسية بالمغرب من قبل مسؤول بحزب العدالة والتنمية ليس مفهوما ولا معللا بتاتا». وفي سياق متصل، عبرت الحكومة المغربية عن رفضها لما سمته «التصرف اللامسؤول» لعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وعضو الفريق النيابي للحزب، مضيفة في بيان لها أن هذا «التصرف اللامسؤول يمس الشعور الوطني الذي دأب على احترامه الجميع». وقال بيان صادر عن الحكومة «إن مساعي عبد العزيز أفتاتي لدى السلطات الفرنسية غير مقبولة وغير مبررة بتاتا، حيث إن الموضوع يتعلق بانتخابات وطنية لا تهم إلا الشعب المغربي».

وقال النائب عبد العزيز أفتاتي لـ«الشرق الأوسط» إنه أرسل رسالته إلى السفارة الفرنسية «بدوافع إنسانية، بعيدا عن أي خلفية سياسية»، وأضاف أن اتصاله بالسفارة الفرنسية جاء تلبية لطلب أفراد أسرة نور الدين بوبكر، الحاصل على الجنسية الفرنسية، عضو المجلس الوطني للحزب نفسه، بسبب حدوث نزيف داخلي في رأسه، بعد إصابته في الأحداث التي وقعت في مدينة وجدة يوم انتخاب مجلسها البلدي، وذلك بهدف نقله للعلاج بفرنسا. ورغم تقديمه لاستقالته من الحزب، فإن أفتاتي أكد تمسكه بالبقاء في الفريق البرلماني، معتبرا أن ذلك ليس فيه أي تناقض.

وكانت وزارة الداخلية رأت في ذلك الاتصال إقحاما للسفارة الفرنسية في الانتخابات وقالت في بيان شديد اللهجة، إن الوزير شكيب بن موسى، أبلغ بن كيران لدى اللقاء به في الرباط «التنديد القوي بتصرف النائب المذكور» وقالت الوزارة في بيان صدر أمس إن سلوك أفتاتي «يعبر مرة أخرى عن التناقضات التي تتسم بها مواقف حزب العدالة والتنمية، خاصة في ما يتعلق بالاحترام الواجب للمؤسسات الوطنية، التي يجب أن تبقى في منأى عن أي تدخل أجنبي» وأضاف البيان «أن العمل السياسي بكل ما يحمله من معنى هو أمر داخلي يجب أن يبقى مقتصرا على الأطراف الوطنية، ولا يمكن تحت أي ذريعة قبول لجوء البعض إلى جهات أجنبية لطلب الحماية أو التدخل بغية حل قضايا ذات طابع داخلي». ورفض مصدر مسؤول في وزارة الداخلية تقديم معطيات إضافية، معتبرا أن ما جاء في البيان كاف.