المرشح الأشد تنافسا مع بارزاني: إذا فزت سألغي منصب رئيس الإقليم وأشكل مجلسا للشيوخ

ميراودلي في حديث لـ : واثق من تحقيق ما عجز عنه طالباني وبارزاني

كمال ميراودلي المرشح لخوض الانتخابات الرئاسية في إقليم كردستان يتحدث لجمع من مؤيديه («الشرق الأوسط»)
TT

بعد مرور أكثر من أسبوعين على انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات النيابية والرئاسية المقرر إجراؤها في إقليم كردستان العراق في الخامس والعشرين من يوليو (تموز) الحالي، فإن المؤشرات الأولية كلها تثبت أن الرئيس الحالي للإقليم مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني هو المرشح الأوفر حظا في الفوز، لا سيما أن استطلاعات الرأي المباشرة التي تجريها القنوات الإعلامية الكردية الفضائية والمحلية في غالبية مدن وبلدات الإقليم، تشير إلى أن قطاعات واسعة من شعب كردستان ترى أنه لا بديل لبارزاني لرئاسة الإقليم في المرحلة الراهنة، لكن الدكتور كمال ميراودلي العائد من بريطانيا يؤكد أنه المرشح الأوفر حظا للفوز، ويقول إن ثقته بالفوز من تأتي تعاطف قطاعات وشرائح واسعة من شعب كردستان على حد تعبيره. «الشرق الأوسط» حاورت في السليمانية ميراودلي، 58 عاما، عن حملته وتوقعاته وطموحاته وفي ما يلي نص الحديث:

* بداية ما الذي دعاك إلى الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية في الإقليم؟

ـ في السابق لم تكن الفرصة متاحة لخوض مثل هذه الانتخابات، لكن الرئيس بارزاني بادر مشكورا قبل شهرين إلى إتاحة المجال أمام الجميع من خلال تأكيده في البرلمان على ضرورة أن تكون الانتخابات الرئاسية عبر الاقتراع المباشر، وسرعان ما حول البرلمان هذا المطلب إلى قانون لانتخاب رئيس الإقليم، وقد رشحت نفسي إيمانا مني بأن هذه الفرصة تشكل خطوة نحو تكريس الديمقراطية في كردستان، لا سيما أن هناك أكثر من مرشح واحد لمنصب رئيس الإقليم، إضافة إلى إيماني كمثقف وأديب بأن للمثقفين دورا جوهريا ومحوريا في عملية تأهيل الشعب وخلق المؤسسات ووضع أسس الحياة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وبناء على ذلك يتحتم على المثقفين المشاركة الفاعلة في العملية الديمقراطية، ناهيك عن أنني واثق من قدرتي على خلق نموذج جديد من القيادة على الصعيد الدستوري والقانوني والعدالة ودمقرطة المجتمع، لا سيما أنني أمتلك خبرة واسعة من خلال سنوات عملي الطويلة في المؤسسة الأكاديمية البريطانية.

* هل حظيت بفرص متساوية مع المرشحين الآخرين وبالذات الرئيس بارزاني على صعيد الحملة الانتخابية؟

ـ بلا مبالغة أقول إنني حظيت بفرص للدعاية الانتخابية بنسبة 1% فقط، فالمفوضية العليا مثلا خصصت 37 مليون دولار لتمويل لعملية الانتخابية، إضافة إلى ميزانية رئاسة الإقليم البالغة 61 مليون دولار سنويا يحق لرئيس الإقليم صرفها في المجالات التي يراها مناسبة، ومع ذلك لم أحصل شخصيا على دولار واحد لتمويل حملتي الانتخابية التي اعتمدت فيها على مدخراتي الشخصية البالغة 70 ألف دولار فقط، ولم أستطع تعيين مراقب واحد في السليمانية التي أحتاج فيها وحدها إلى 2500 مراقب على أقل تقدير، كما إنني حرمت من الاستفادة من أي وسيلة إعلامية في الإقليم، إذ إن كل وسائل الإعلام قاطبة رفضت منحي ولو 5 دقائق للترويج لبرنامجي الانتخابي، على الرغم من أنني عرضت مبلغا من المال على بعض القنوات التلفازية والإذاعية لقاء نصف ساعة من بثها كي أفصح عن برنامجي، ولكن من دون جدوى، وقد تذرعت بأنها لا تروج لمرشحي رئاسة الإقليم، بل للقوائم الانتخابية.

وعلى النقيض من ذلك، تجد أن عشرات القنوات الفضائية والإذاعية والصحف والمواقع الإلكترونية التابعة للحكومة وللحزبين الحاكمين تروج للرئيس الحالي على مدار الساعة، فأين هو وجه المساواة في الفرص؟ لذا اعتمدت اللقاء المباشر مع الجماهير في كثير من مدن وقصبات وبلدات الإقليم، على الرغم من أن الجهات الحزبية حرمتني من استغلال القاعات والصالات المخصصة للمناسبات العامة، بما فيها المضايف التابعة لبعض الوجهاء والأثرياء من خلال ممارسة الضغوط على أصحابها، ما اضطرني إلى الالتقاء بالمؤيدين وقطاعات واسعة من الشعب في الساحات العامة أو في العراء وتحت أشعة الشمس اللاهبة كي أشرح لهم مضمون برنامجي الانتخابي، وعلى الرغم من ذلك، كان هناك تجاوب جماهيري منقطع النظير مع حملتي التي تطوع العشرات من الشباب لمعاونتي فيها.

* وما مضمون برنامجكم الانتخابي؟

ـ المعلوم أن رئيس الإقليم هو رمز للشعب الكردي، وفي حال فزت في الانتخابات، فإنني سأعمل على تعديل أو إلغاء القوانين البالية، وحل منصب رئيس الإقليم الذي حصل على صلاحيات واسعة جدا في إطار مشروع الدستور الجديد، بصفته القائد العام القوات المسلحة، الأمر الذي يدفع النظام في الإقليم نحو الدكتاتورية المطلقة، وسأعمل على تشكيل مجلس للشيوخ عوضا عن رئيس الإقليم، وإنني واثق من تحقيق ذلك عبر التعاون مع أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام الحرة. كما سأعمل على تفعيل دور البرلمان الذي بات السلطة الخامسة في الإقليم بعد سلطة الحكومة التي يتحكم بها المكتب السياسي للحزبين الحاكمين، الذي تتحكم به الأسر الحاكمة، التي يتحكم بها أيضا الشخص المتنفذ في الأسرة، لكي يكون البرلمان قادرا على اتخاذ القرارات المصيرية ويكون ممثلا حقيقيا للشعب، لا سيما في المجالات التي تتعلق بالعقود النفطية، لأن النفط هو ثروتنا جميعا وثروة الأجيال القادمة ويشكل مسألة جيوبولوتيكية واستراتيجية غاية في الأهمية ويرتبط بها مصير شعب كردستان. كما سأعمل على تكريس مبدأ الانتخابات الحرة الدائرية ليكون بمقدور أبناء كل منطقة في كردستان اختيار ممثليهم الحقيقيين في البرلمان، وسألزم رئيس الحكومة على الحضور في البرلمان مرتين في الشهر للمساءلة والتحقيق، وألزم النواب على متابعة أداء الحكومة بدقة وباستمرار، كما سأحضر شخصيا أمام البرلمان كل شهر لمواجهة أي مساءلة من قبل النواب بخصوص أدائي لواجباتي، إضافة إلى الاجتماع الشهري بوسائل الإعلام الحرة لحثها على العمل على تغيير النظام المألوف والبالي وخلق النظام المؤسساتي الجديد.

* وهل أنت واثق من تحقيق ما عجز عن تحقيقه الرئيسان طالباني وبارزاني؟

ـ نعم وبكل تأكيد، فالرئيس الحالي للإقليم يمتلك صلاحيات واسعة جدا، سواء منحها له القانون أم لا، فهو يستمد صلاحياته من كونه زعيما لحزب كبير يمتلك مسلحين وأموالا هائلة وشبكة واسعة من العلاقات، وليس من المؤسسات الدستورية، أي إنه شخص حاكم سواء بوجود القانون أو بغيابه، وهو ما يحصل على أرض الواقع، حيث يستغل الرئيس تلك الصلاحيات لإرعاب الآخرين.

كما إنني التقيت بزعماء الأحزاب الكردية باستثناء الحزبين الحاكمين، وكذلك بالسيد نوشيروان مصطفى، وبقطاعات واسعة من الشعب، ولمست فيهم جميعا الرغبة العميقة والأكيدة في تغيير النظام الحالي، وخلق نظام المؤسسات وإنهاء حكم الأحزاب.

* أنت تنتقد السلطة في الإقليم كونها تسحق الديمقراطية، وترشح نفسك لرئاسة الإقليم وتطلق تصريحاتك وحملاتك الانتخابية بمنتهى الحرية، أليس ذلك تفنيد لصحة انتقاداتك؟

ـ هذا الكلام صحيح جدا، فهناك هامش واسع من الديمقراطية الحقيقية، ولكنها آتية من الدولة العراقية، فلولا القوانين العراقية ذات الطابع الديمقراطي لتغير الوضع في الإقليم كليا، فكون الإقليم جزءا من العراق وملتزم بدستوره وكون السلطة السياسية في البلاد مرهونة حتى الآن بيد الولايات المتحدة وبريطانيا، ساهم في خلق هذا الفضاء الديمقراطي، إضافة إلى أن التداول الديمقراطي للسلطات بات تقليدا معروفا في كل العالم، الأمر الذي يرغم السلطة في الإقليم على التعاطي مع الديمقراطية وتقبلها، وإلا كانت الأوضاع ستتدهور في الإقليم كليا في ظروف الانتخابات الحالية، وكانت قوات الدول المجاورة ستستقدم إلى كردستان، لولا ذلك العدد الكبير من المراقبين الدوليين وذلك العدد من السفراء والدبلوماسيين الأجانب ولولا رقابة الولايات المتحدة وبريطانيا والعالم.

* وهل ستقبل بالنتائج لو جاءت لغير صالحك؟

ـ حتما وبكل تأكيد، فالديمقراطية تحتم علي ذلك، لأنه واجب أخلاقي وقانوني، لا سيما أنني تعهدت لشعب كردستان بمواصلة العمل في الإقليم وعدم العودة إلى بريطانيا، من أجل خلق نظام ديمقراطي على أساس التحاور وقبول الآخر.

* كل واحد من المرشحين الأربعة المنافسين لبارزاني بمن فيهم أنت يعتبر نفسه الأحق والأجدر بالفوز برئاسة الإقليم، ترى هل أجريتم استطلاعا للرأي لحسم الجدل بينكم؟

ـ لأن النظام الحاكم في كردستان قبلي ومتخلف جدا، فإنه لم يسمح إطلاقا بإقامة مؤسسات علمية وحيادية لإجراء مثل تلك الاستطلاعات، كما أن المستويات العلمية في جامعات الإقليم حاليا باتت ضحلة جدا وتضاهي مستويات الإعداديات قبل عقود، لذا ليس بالمستطاع إجراء استطلاع من ذلك القبيل، لكن التجمعات الجماهيرية الحاشدة التي خرجت لاستقبالي في المدن والقصبات تؤكد مدى تأييد الشعب لي، بل إن مؤيدي الأحزاب الحاكمة أيضا باتوا يدعمونني أيضا إيمانا منهم ببرنامجي الانتخابي مثلما أنا مؤمن بتحقيق النجاح الأكيد.

* أنت بعيد عن كردستان منذ 35 عاما، كيف يمكن لك أن تفهم معاناة شعبه وقضاياه؟؟

ـ هنالك 20 ألف امرأة وفتاة كردية قتلن خلال الأعوام 18 الماضية في ظل سلطة حكومة الإقليم، ولم يصدر عن الزعماء في الإقليم كلمة أسف واحدة على تلك الحالة المأساوية، كما لم يبادر أي منهم إلى اتخاذ أي إجراء أو إصدار أي قرار أو قوانين أو تشريعات من شأنها إنهاء تلك الحالات المؤلمة، ناهيك عن أن المسؤولين في الإقليم عزلوا أنفسهم عن الشعب في قصورهم الفخمة المزودة بكل وسائل الراحة والأمان، وباتوا غير مطلعين بالمرة على معاناة شعبهم، بمعنى أنه ليس بالضرورة أن يكون المرء حاضرا في كردستان كي يدرك مطالب شعبه ومعاناته.

*ما قراءتكم لمشروع دستور الإقليم الذي مرر في البرلمان والمعروض للاستفتاء الشعبي؟ ـ المشروع خاطئ بأكمله، كما أن الغاية منه مشبوهة جدا، فالسلطة في الإقليم لم تفكر في وضع الدستور طوال السنوات 18 المنصرمة، والبرلمان المنتهية ولايته القانونية مرر المشروع بشكل غير شرعي وغير قانوني بعد صياغته بسرعة فائقة على الرغم من 8 آلاف ملاحظة على مضمونه، كما أن الشعب لم يطلع على المسودة الأخيرة للدستور، ناهيك عن أن الغاية منه هي تحويل النظام الحالي في الإقليم إلى نظام دكتاتوري من خلال منح رئيس الإقليم صلاحيات واسعة جدا، كإعلان حالات الطوارئ، وحل البرلمان والسلطة التنفيذية والقضائية، من دون أن يتعرض هو إلى مساءلة قانونية حتى أمام المحكمة الدستورية. عليه، فإنني أرفض مثل هذا الدستور من حيث مضمونه ومن حيث تمريره بطريقة مهينة للديمقراطية.