المحافظون يهاجمون رفسنجاني: شرعية الحكومة مستمدة من الله.. وهاشمي دعم الخارجين على القانون

قالوا إنه يمنح الأولوية للحيلولة دون إعادة انتخاب أحمدي نجاد «بأي ثمن»

أحد الجرحى الايرانيين خلال المواجهات الأخيرة في طهران ينتظر إسعافه (رويترز)
TT

وجه المحافظون في إيران انتقادات شديدة لرئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، ورئيس مجلس الخبراء علي أكبر هاشمي رفسنجاني، بعد خطبة الجمعة التي ألقاها وشكك فيها بفوز محمود أحمدي نجاد، في الانتخابات الرئاسية في الشهر الماضي، وإشارته إلى أن إيران تجتاز «أزمة» وأن «الحكومة لا تعد شرعية ما لم يكن الشعب راضيا عنها». وانتقدت أبرز صحيفة يومية إيرانية محافظة وهى «كيهان» الرئيس الإيراني الأسبق رفسنجاني قائلة إنه: «دعم الخارجين على القانون» في إشارة إلى مئات الآلاف من المتظاهرين الذين خرجوا في شوارع إيران، منذ اندلعت أزمة الانتخابات الرئاسية، كما شن أحد أعضاء مجلس صيانة الدستور، المخول النظر في المخالفات الانتخابية والتصديق على المرشحين، وهو آية الله محمد يزدي، هجوما مضادا على رفسنجاني أمس أيضا، إذ نقلت وكالة «ايسنا» للأنباء عن آية الله يزدي، قوله: «شرعية الحكومة مستمدة من الله.. وموافقة الشعب لا تعني شرعية الحكومة (الإسلامية). لقد أهمل رفسنجاني هذا المبدأ الإسلامي، وتحدث.. وكأن الحكومات يعينها الشعب فقط». فيما ذكرت صحيفة «وطن امروز» أن وزير الاستخبارات الإيراني غلام حسين محسني أجئي، انتقد أيضا رفسنجاني قائلا، إنه «يمنح الأولوية للحيلولة دون إعادة انتخاب أحمدي نجاد بأي ثمن». وفي افتتاحية صحيفة «كيهان» التي يكتبها رئيس تحريرها حسين شريعتمداري، الذي عينه المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي في منصبه، قال شريعتمداري إن رفسنجاني «كرر المزاعم غير المنطقية، التي لا أساس لها» بشأن تزوير محتمل لانتخابات 12 يونيو، التي شهدت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد. وأضافت «إن رفسنجاني يقول إن قسما كبيرا من الشعب أبدى شكوكا بشأن الانتخاب. غير أنه لا يقول لماذا، إذا كان لدى الشعب شكوك فإنها حول مصدر المشاغبين ومن يقف وراءهم». وتصف السلطات الإيرانية بالمشاغبين المتظاهرين الذين احتجوا مرارا وبشكل كثيف على نتائج الانتخابات الرئاسية. واتهمت «كيهان» رفسنجاني، الخصم اللدود لأحمدي نجاد الذي هزمه في انتخابات 2005، بدعم التظاهرات العنيفة.

وكتبت أن رفسنجاني «دعم بشكل صريح أولئك الذين ينتهكون القانون، وكان عليه التنديد بمقتل أبرياء ونهب أملاكهم وبحرق المباني العامة. غير أنه لم يفعل». وقتل 20 شخصا على الأقل في التظاهرات وأعمال العنف التي واكبتها، بحسب أرقام رسمية.

وكان رفسنجاني أعلن في خطبة صلاة الجمعة المركزية، التي أمها في جامعة طهران للمرة الأولى منذ أكثر من شهرين، أن الشعب فقد ثقته بالنظام بعد الانتخابات، داعيا إلى الإفراج عن المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الانتخابية. وقال رفسنجاني، إن «عددا كبيرا من عقلاء البلاد قالوا إن لديهم شكوكا» حيال نتائج الانتخابات «وعلينا إذن أن نعمل من أجل الرد على شكوكهم». موضحا أنه يتدارس مع أعضاء مجلسي تشخيص مصلحة النظام والخبراء سبل حل الأزمة، دون أن يعطي تفاصيلا. غير أنه دعا إلى إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين فورا، ورفع القيود على عمل الصحافة كخطوة أولى لتهدئة التوترات. وانتقدت «كيهان» أيضا رفسنجاني بسبب وصفه ما يجري في البلاد منذ منتصف يونيو بـ«الأزمة». وقالت إن «هاشمي يدرك جيدا ما تعنيه كلمة «أزمة» ولكن «المؤامرة» هي الكلمة الأفضل لوصف الوضع الراهن». ومنذ اندلعت التظاهرات دأب النظام على اتهام الغرب والمعارضة الإيرانية في المنفى بالوقوف وراء الاضطرابات.

وانتقد رفسنجاني، الذي يترأس مؤسستين أساسيتين في النظام (مجلس الخبراء، ومجلس تشخيص مصلحة النظام)، مجلس صيانة الدستور معتبرا أن المصادقة على نتائج الانتخابات لم تستغل المهلة المحددة للتحقق من الأصوات. وأوضح شريعتمداري، أن رفسنجاني لم يفعل شيئا لمنع تجمع أنصار موسوي داخل وخارج جامعة طهران حيث تقام صلاة الجمعة، التي تنقلها على الهواء الإذاعة الإيرانية. وكتب «في الوقت نفسه استغل كل فرصة متاحة للتشكيك في نتيجة الانتخابات». وكان شريعتمداري دعا في وقت سابق من الشهر الحالي إلى محاكمة موسوي وإصلاحي بارز آخر بتهم ارتكاب «جرائم بشعة». وجاء في المقال الافتتاحي الذي ذكر أن رفسنجاني حث الجميع على الالتزام بالقانون، «السيد رفسنجاني، لم يتجاهل فحسب ما قاله لكنه أيد بصراحة الخارجين عن القانون» في إشارة واضحة إلى أنصار موسوي الذين واصلوا تحدي حظر المظاهرات. كما شن أحد أعضاء مجلس صيانة الدستور وهو رجل دين بارز هجوما مضادا على رفسنجاني أمس. ونقلت وكالة «ايسنا» للأنباء عن آية الله محمد يزدي، قوله «شرعية الحكومة مستمدة من الله، وموافقة الشعب لا تعني شرعية الحكومة (الإسلامية). لقد أهمل رفسنجاني هذا المبدأ الإسلامي، وتحدث.. وكان الحكومات يعينها الشعب فقط».

بدورها ذكرت صحيفة «وطن امروز» المحافظة أن وزير الاستخبارات الإيراني غلام حسين محسني أجئي، انتقد أيضا رفسنجاني قائلا، إنه كان يمنح الأولوية للحيلولة دون إعادة انتخاب أحمدي نجاد «بأي ثمن». وأشارت وسائل إعلام إلى أن الوزير قال أيضا، إن إسرائيل عارضت هي الأخرى فوز أحمدي نجاد بفترة رئاسة ثانية وتآمرت لاغتياله في اجتماعات مع جماعة معارضة إيرانية منفية. وكان أحمدي نجاد اتهم الولايات المتحدة العام الماضي بالتخطيط لاغتياله خلال زيارة للعراق في مارس (آذار). وقال مستشاره في وقت لاحق إنه كانت هناك مؤامرة أيضا لاغتيال الرئيس خلال قمة للأمم المتحدة في إيطاليا بمنتصف عام 2008.

وتواصلت ليل أول من أمس هتافات «الله أكبر» من فوق أسطح المنازل الإيرانية، غير أن هتافات أول من أمس، التي أعقبت التظاهرات الواسعة التي شهدتها طهران بعد خطبة الجمعة امتدت لفترة أطول. وسمعت هتافات: «سهراب لن يموت.. الحكومة هي التي ستموت» في إشارة إلى الشاب الإيراني سهراب اعرابي، الذي قتل برصاصة في الصدر خلال التظاهرات. كما ردد آخرون «خامنئي الغاصب». وأثارت الانتخابات أكبر اضطرابات داخلية في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979 وكشفت عن انقسامات عميقة بين نخبتها الحاكمة. كما زادت من توتر العلاقات بين إيران والغرب، وهما على خلاف بالفعل بشأن برنامج طهران النووي. وانتقدت القوى الغربية الإجراءات الصارمة التي تتخذها إيران ضد المحتجين. واتهمتها إيران بالتدخل في شؤونها. ووقف رفسنجاني المحافظ البرغماتي إلى جانب الرئيس السابق الإصلاحي محمد خاتمي، في دعم المنافس الأول لأحمدي نجاد، مير حسين الموسوي، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران.

وطالب رفسنجاني الذي يرأس مجلس الخبراء وهو جهاز قوي يملك نظريا سلطة عزل الزعيم الأعلى في خطبته بالإفراج الفوري عن المحتجزين، الذين ألقت السلطات الإيرانية القبض عليهم في الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات، كما طالب بتخفيف القيود على حرية الصحافة. ولم يذهب رفسنجاني إلى حد التنديد بطريقة فرز الأصوات كما فعل موسوي، لكن تعليقاته تمثل تحديا واضحا للزعيم الأعلى الإيراني الذي أقر نتيجة الانتخابات، واتهم قوى أجنبية بإشعال الاضطرابات.

وقد تلت صلاة الجمعة في طهران تظاهرة ضمت الآلاف من مناصري موسوي، الذين رفعوا شعارات مؤيدة له. وبحسب شهود فإن الشرطة الإيرانية سرعان ما فرقت التظاهرة، وأوقفت متظاهرين عدة. وانتشر الآلاف من أنصار موسوي في الحرم الجامعي وحوله، وقد لفوا معاصمهم برباطات خضراء، وهو اللون الذي اتخذه موسوي رمزا لحملته. وعقب الصلاة تظاهر هؤلاء مرددين شعارات مؤيدة لموسوي، ومطلقين هتافات التكبير، على ما أفاد شهود عيان. وأكد الشهود أن أعدادا كبيرة من الشرطة وعناصر ميليشيا الباسيج الإسلامية انتشرت في المكان، واستخدمت العيارات المطاطية لتفريق المتظاهرين، واعتقلت «الكثيرين» من بينهم الناشطة البازرة والمحامية شادي صدر. وكان وزير الاستخبارات غلام حسين محسني اجائي، دعا الخميس «الشعب الفطن» إلى «اليقظة» حتى «لا تكون صلاة الجمعة مناسبة لأحداث غير مرغوبة». وهذه التظاهرة، الأولى منذ التاسع من يوليو (تموز) التي جرت بمناسبة الذكرى العاشرة لانتفاضة الطلاب في 1999، أتت في الوقت الذي يواصل فيه الرئيس تشكيل فريقه الحكومي خلال ولايته الثانية.

وأفاد شهود عيان أنه بعد انتهاء الصلاة تظاهر الآلاف من أنصار زعيم المعارضة الإيرانية مير حسين موسوي، في محيط جامعة طهران، وأن الشرطة عمدت إلى تفريق المتظاهرين واعتقلت «الكثيرين» من بينهم، في أول تجمع للمعارضة منذ أسبوع.

وقال شاهد عيان، «أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وضربت مؤيدي موسوي في الشارع» مضيفا أن المحتجين يحملون مئات من الرايات الخضراء ـ شعار حملة موسوي الانتخابية ـ ويرددون «أحمدي نجاد استقل.. استقل».