«التقدمي» و«التيار» يستبعدان لقاء جنبلاط وعون.. «لأن الظروف لم تنضج بعد»

الدعوة إلى تحالف إسلامي لا تزال موضع سجال

TT

على الرغم من مرور نحو أسبوع على الدعوة التي وجهها رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، لإقامة تكتل إسلامي يضمه و«تيار المستقبل» وحركة «أمل» وحزب الله، وعلى الرغم من توضيحه مضمون دعوته بتأكيده أنها لا ترمي إلى «بناء تحالفات طائفية، بل إلى التوصل إلى تفاهمات سياسية تجنب العودة إلى التوتر المذهبي» بعد أحداث 7 مايو (أيار) 2008، فإن السجالات السياسية ما زالت تحيط بكلامه لتوضيح جوانبه وأبعاده، بعدما رأت فيه بعض أطراف المعارضة دعوة لقيام «تكتل طائفي» يهمش الفريق المسيحي.

في غضون ذلك، برز حديث عن تقارب بين جنبلاط ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. لكن سرعان ما خفت الحديث عن هذا اللقاء. وهذا ما أكده مفوض الإعلام في «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يرأسه جنبلاط، رامي الريس، لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: إن المرحلة «لا تشهد أي اتصالات أو استعدادات لحصول أي لقاء من هذا النوع»، لافتا إلى استعداد الحزب وانفتاحه على كل الأجواء. وردا على سؤال، قال: «ليس هناك عائق محدد أمام حصول هذا اللقاء، إنما الظروف لم تنضج بعد، والمناخ ليس مواتيا»، نافيا وجود «أي خلفيات سياسية تحول دون ذلك». وعما إذا صدرت أي مواقف سلبية من الطرف الآخر، قال: «مواقفهم ليست متصلبة، إنما، في الوقت نفسه، لا تساهم في إيجاد مناخ إيجابي». وعما إذا كانت دعوة جنبلاط الأخيرة قد شكلت عاملا سلبيا أعاق الانفتاح، قال: «بالتأكيد لا دخل لهذا الموضوع. كما أننا أوضحنا حقيقة موقفنا الرامي إلى تحقيق تقارب على الساحة الإسلامية تجنبا لحصول أي توتر طائفي».

وعما إذا كان الانفتاح على «حزب الله» يحتل الأولوية، قال: «المسألة ليست مسألة أولويات، إنما خلافنا مع التيار الوطني الحر لم يتعد حدود الخلاف السياسي رغم أنهم يستحضرون ملفات من الماضي بغية إثارة العصبيات. إنما يبقى الخلاف السياسي أمرا مشروعا. وإذا كانت البلاد تتجه نحو قيام حكومة وحدة وطنية يتمثل فيها الجميع، فإن النقاش يدار من داخل المؤسسات، وتحديدا على طاولة مجلس الوزراء. لذلك ليس المطلوب دوما حصول لقاءات ثنائية، أما خلافنا مع حزب الله فوصل إلى أحداث 7 مايو (أيار). لذلك فإن انفتاحنا عليه يأتي في إطار طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة». أما عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ألان عون فقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «حصول لقاء بين طرفين مهمين على صعيد لبنان بشكل عام، وفي الجبل بشكل خاص، تتطلب وضع تصور للعلاقة، إلا إذا أردنا حصول لقاء عابر». وأضاف: «اللقاء قد يحصل أو لا يحصل وفقا لنضج الظروف. وحتى هذا الحين الحياة مستمرة».

وفيما آثر عدم الخوض في الملفات والتفاصيل التي تعيق إنضاج الظروف، قال: «في كل الأحوال، لا أحد يمكنه وضع شروط مسبقة لحصول هذا اللقاء، إنما لحصول تقارب كهذا فلا بد من توافر حد أدنى للتفاهم على المستويين الحزبي والقيادي، حتى تكتسب العلاقة عمقا معينا، لا سيما أنه لم يحصل أي تقارب بين الطرفين، وأننا خارجون من رحم حرب بكل ما تنطوي عليه من خلافات». ورأى أنه «من الطبيعي أن ينكسر الجمود بعد الانتخابات وتخف حدة الاصطفافات»، متحدثا عن «أصدقاء مشتركين» بين الرابية والمختارة.

بالعودة إلى دعوة جنبلاط، قال عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا: إن «أفضل ما يمكن أن يؤخذ من موقفه هو ما يعلنه جنبلاط شخصيا لا تحليلات أي طرف، لا من 14 ولا من 8 مارس (آذار)، ولا التحليلات الإعلامية. وقد حكى بنفسه عن مأزق وقع على الساحة الإسلامية، للأسف، ويجب أن نتجنب أي إمكانية للعودة إلى الأجواء التي كانت سائدة في 7 مايو (أيار) 2008. لذلك يجب أن تحصل تفاهمات على هذه الساحة، وطالب بأن تعطى الأولوية لهذه التفاهمات، مستأذنا المسيحيين. وأجاب الدكتور جعجع أن الأولوية هي للساحة الوطنية، بمعنى أن لبنان كله يتأثر بعضه ببعض، ويتواصل بعضه مع بعض. فليس الوقت وقت فرز الساحات على أساس طائفي ومذهبي، وأن الاستقرار يأتي على أيدي مؤسسات الدولة جميعها التي تضمن كرامة الجميع وأمنهم. وبالتالي فإن التفاهم بين الجميع جيد، لكن الأفضل هو إعطاء دور ضبط الوضع الأمني في البلاد للمؤسسات الشرعية المولجة تولي هذا الأمر». وأضاف: «ما دام اللقاء الديمقراطي يعلن أنه ما زال حليفا لقوى 14 مارس (آذار) فلا بد أن يحسب على هذه القوى. أما إذا اختار جنبلاط وزملاؤه من نواب الحزب و«اللقاء» الانتقال بالتحالف إلى الكتلة الأخرى، فإنه حتى تكليف الرئيس سعد الدين الحريري لا يعود موضوعا محسوما ويجب أن يعاد النظر فيه، لأنه قد يرى هذا التكتل الواسع أن يكلف رئيسا آخر أو يعاد تكليف الحريري، وتصير المعطيات مختلفة عن المعطيات الحالية التي أتت بنتيجة الانتخابات النيابية». بدوره أكد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمة طعمة أن «الحركة السياسية التي يضطلع بها رئيس (اللقاء الديمقراطي)، النائب وليد جنبلاط، تصب في إطار تحصين الساحة الداخلية، وبالتالي إعادة ربط حال التعايش والنسيج الاجتماعي في الجبل بين كل مكوناته وشرائحه الاجتماعية، خصوصا بعد أحداث السابع من مايو (أيار) المؤسفة التي أصبحت من الماضي في ظل هذا التلاقي بين أبناء الطائفتين الكريمتين الدرزية والشيعية».