العراق يطلب تفسيرا أميركيا ـ تركيا لوثيقتهما مع المجلس السياسي لـ «المقاومة»

ردود فعل واسعة بين القوى السياسية العراقية حول الوثيقة.. والبعض يعتبرها مساسا بالدستور

الممثلة الأميركية أنجلينا جولي سفيرة النوايا الحسنة للأمم المتحدة خلال زيارتها مركزا للنازحين في بغداد أمس (أ.ب)
TT

في أول رد رسمي من قبل الحكومة العراقية حيال الوثيقة التي تردد أنها وقعت في إسطنبول في تركيا بين ما يعرف بالمجلس السياسي للمقاومة وممثلي الحكومة الأميركية، وجه الجانب العراقي مذكرتي استفسار خطيتين إلى سفارتي كل من الولايات المتحدة والجمهورية التركية في بغداد، مطالبا السفارتين بتقديم أجوبة واضحة حول البروتوكول الموقع. وأكد عزة الشابندر، النائب عن القائمة العراقية، أن الحكومة وأطرافها السياسية لا تعلم بالحوار الذي جرى بين الجانب الأميركي وهذا الطرف (المقاومة)، وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة العراقية لا تستطيع أن توقف أطرافا دولية أو إقليمية بأن تحاور أطرافا سياسية، سواء كانت جزءا من العملية السياسية أو معارضا لها»، لافتا إلى أن «أميركا لا تنفرد في حوارها، سواء مع البعثيين أو مجالس مقاومة أو العشائر المناوئة للحكومة، سيما أن كل الدول الإقليمية تقوم بفتح حوار من هذا النوع، وهو أمر معروف للجميع». وحول دخول الأميركيين في حوار مع جهات تصدت لهم قال: «أنا لا أستبعد النفس الأميركي المتحمس لمشروع المصالحة الوطنية أو السياسية، لا سيما أنه يعد جزءا من رغبتها في توفير الأجواء والمسلتزمات المناسبة لإنجاح المصالحة»، مضيفا أن «أميركا لا تستثني في حوارها البعث أو حتى من رفع السلاح بوجه قواتها أو القوات العراقية، سيما أن الموقف السياسي لأميركا يختلف عن موقفنا، فهي (أميركا) اليوم تقاتل وغدا تهادن وتصالح، والعكس صحيح، وعليه، فإنه أمر غير مستغرب في طريقة الولايات المتحدة بإدارة علاقاتها، لكنه غريب علينا كونه بعيدا عن ثقافتنا». وعن استعداد الحكومة لتقبل هذه المجاميع، استبعد النائب عن القائمة العراقية الأمر، قائلا إن «هذا الأمر مستبعد في الوقت الراهن، حيث يحتاج إلى شروط كثيرة، وهي بالأساس غير ناضجة الآن، سيما أن العربي والإسلامي بثقافته يصعب عليه أن يصادق وينسى الدم ببساطة، وتلك أطراف أراقت دماء العراقيين، ومسؤولة عن جرائم في السابق والحاضر، فضلا عن أنها لم تعترف إلى الآن بما فعلته أو تتبرأ منه، الأمر الذي يصعب على الحكومة أن تتقبل الحوار معهم الذي يحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد». يذكر أن مجلس الوزراء أصدر بيانا حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، جاء فيه «بعد اطلاع مجلس الوزراء على بروتوكول ينظم الجلسات التفاوضية بين ما يسمى بممثلي «المجلس السياسي للمقاومة» وممثلي الحكومة الأميركية وبشهادة ممثل الحكومة التركية، قرر مجلس الوزراء خلال جلسة 19 من يوليو (تموز) الجاري، الموافقة على توجيه مذكرتي استفسار خطيتين إلى سفارتي الولايات المتحدة والجمهورية التركية في بغداد حول هذا الموضوع وما يحمل البروتوكول في طياته من تدخل في الشأن السياسي العراقي الداخلي، مع التأكيد على السفارتين الأميركية والتركية بتقديم أجوبة واضحة» بحسب البيان. من جانبه، يرى عمر عبد الستار، النائب عن جبهة التوافق، أن «المقاومة» تأخرت كثيرا بطرح مشروعها السياسي، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «ما تم طرحه أخيرا من حوار مع أميركا جاء متأخرا، كنا نتمنى أن يكون مشروع المقاومة واضحا منذ عام 2003» لافتا إلى أن «الذهاب إلى الأميركان بهذا الشأن نراه ليس دخولا من الباب الصحيح» مشددا عبد الستار: «لا بد على الحكومة أن تعترف بالمصالحة الوطنية، ما يعني أن تقبل بأي طرف معارض للعملية السياسية والجلوس معه على طاولة الحوار، وكذلك الأمر للطرف الآخر؛ عليه أن يعترف بأن هناك عملية سياسية في البلاد وأن هناك من يقودها»، مبينا أن «كل دخول لا يمر عبر الباب الوطني يعد غير صحيح»، مشيرا إلى أن «الحكومة تأخرت بالتعامل بشكل صحيح مع المشكلة، والآخرون تأخروا بالدخول من خلال الباب الصحيح. على الطرفين أن يعترفوا بأن هناك مشكلة، وعليهم أن يضعوا خارطة طريق من خلال استراتيجية صحيحة ووطنية لحلها، بعيدا عن طرق الأبواب الإقليمية والدولية». إلى ذلك، ذكر عبد الهادي الحساني، النائب عن الائتلاف العراقي الموحد أن المشاورات بين القوات الأميركية وعناصر من حزب البعث في تركيا تمس الدستور وواقع العملية السياسية وتمثل تدخلا في الشأن العراقي. وأشار في تصريحات صحافية إلى أن زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي لأميركا تأتي للوقوف على كثير من الملفات العالقة بين البلدين، مضيفا أن الزيارة ستتناول ملفات جديدة قد برزت مؤخرا، كموقف القوات الأميركية من عناصر حزب البعث، موضحا أن الحكومة العراقية قد كتبت مذكرة واضحة بهذا الخصوص ثبتت بها إدانتها لهذه المشاورات التي تجري في تركيا. يذكر أن الوثيقة التي كانت بمثابة البروتوكول بين المجلس السياسي للمقاومة العراقية والجهات الأميركية قد أحدثت ردود فعل متباينة في الشارع السياسي بعد أن تم الكشف عنها مؤخرا عبر وسائل الإعلام.

وبينت الوثيقة التي وقعت في إسطنبول بتركيا أن الطرفين (المجلس السياسي للمقاومة وممثلي الحكومة الأميركية) سيقومان بالاتفاق على تسليم أسماء 15 ممثلا، وهم قادة سياسيون من ضمن فريق التفاوض للجانب الأميركي، وفي حالة تعرض الوفد المفاوض للاعتقال أو مشكلات في أثناء التنقل داخل العراق أو خلال مغادرته العراق ستقوم الحكومة التركية بإبلاغ السلطات الأميركية التي ستقوم بحل المشكلة، وفي حال اعتقال هذا الوفد المفاوض من قبل القوات العراقية داخل العراق سيبذل الجانب الأميركي والأتراك جهودهما مع الحكومة العراقية لإطلاق سراحهم، واتفق الطرفان على تحديد مستوى التمثيل في فريق التفاوض: فنيون، وخبراء، وسياسيون، وقياديون، قبل مدة من عقد الجلسة بالتنسيق مع الجانب الأميركي. أما حجم الوفد المفاوض فسيكون متساو من حيث العدد بين الطرفين، ومكان انعقاد جلسات التفاوض يتفق عليه قبل عشرة أيام، على أن لا تتجاوز مدة انعقادها نهاية يونيو (حزيران) 2009، ويمكن التمديد بالاتفاق بين الطرفين، كما اتفقا على أن يكون الجانب التركي طرفا وسيطا وطرفا ضامنا طيلة فترة المفاوضات، ومن حق المقاومة العراقية طلب أطراف ضامنة أخرى، كما جرى الاتفاق على سرية هذه المفاوضات وعدم تسريبها أو جزء منها إلى الإعلام إلا بالاتفاق المسبق، كم لا يجوز استخدام آلات التصوير والتسجيل خلال الجلسات، ويلتزم الجانب الأميركي بعدم التفاوض مع أي مجموعة.