سقوط أكثر من 70 قتيلا وجريحا في اشتباكات جديدة في الصومال

وزير صومالي لـ «الشرق الأوسط»: نعد لعمل عسكري ضد محتجزي الفرنسيين

مسلحون تابعون للحزب الإسلامي في مقديشو أمس (رويترز)
TT

قتل 15 مدنيا على الأقل وأصيب نحو 60 آخرين في اشتباكات وقعت في العاصمة الصومالية مقديشو بين القوات الحكومية المدعومة من قوات الاتحاد الأفريقي والمقاتلين الإسلاميين خلال الساعات الـ 24 الماضية. وتزامنا مع هذا استمرت عمليات النزوح الجماعي في العاصمة الصومالية، وحذر مسؤول في القوات الأفريقية من تصعيد نشاط القرصنة قبالة السواحل الصومالية في الأسابيع المقبلة.

وتجددت الاشتباكات في الأحياء الجنوبية في مقديشو بعد ما هاجم المقاتلون بقذائف الهاون مقرات تابعة لقوات الاتحاد الأفريقي وقوات الحكومة في تقاطع كيلو 4 وشارع مكة الذي يربط بين المطار والقصر الرئاسي، الذي تنتشر بمحاذاته مواقع القوات الأفريقية.

وبعد مواجهات مباشرة استمرت عدة ساعات، قصفت القوات الأفريقية مواقع تواجد المقاتلين بالمدفعية الثقيلة، وشمل القصف أيضا أحياء بعيدة عن أماكن المعارك. وسقطت عشرات القذائف على سوق البكارو أكبر الأسواق في العاصمة، مما أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح.

وقال عاملون في مجال الإسعاف إنهم وجدوا صعوبات في الوصول إلى الجرحى بسبب كثافة القصف، مضيفين أن الظلام الذي تغرق فيه معظم أحياء مقديشو يجعل الانتقال بين الأحياء أمرا خطرا.

في غضون ذلك، تواصلت حركة النزوح أمس من العاصمة بسبب تكرار الاشتباكات. وتجدد هذا النزوح الجماعي بعدما قالت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن عدد الفارين من المعارك في مقديشو منذ 7 مايو (أيار) الماضي ارتفع إلى أكثر من 223 ألفا. وذكرت المفوضية أن نحو 22 ألف مدني فروا من ديارهم خلال الأسبوع الأخير، وهم مزدحمون في الضواحي الغربية والشمالية للعاصمة حيث لا تتوافر المرافق الأساسية للحياة. وهناك مخاوف كبيرة من تصاعد وتيرة العنف المتواصل في الصومال الذي يزيد من تردي الحالة الإنسانية للنازحين.

من جانيه، أعلن تنظيم «الشباب المجاهدين» المتشدد، مسؤوليته عن الهجوم ضد مواقع قوات الاتحاد الأفريقي. وكان هذا التنظيم قد توعد باستهداف القوات الأفريقية بعد مشاركتها بشكل مباشر في القتال الدائر في العاصمة لأول مرة. وتوعد تنظيم الشباب بأن القوات الأفريقية ستكون هدفا لنيران وهجمات المقاتلين الإسلاميين انتقاما لمشاركتها في القتال.

وفي إقليم جلجدود بوسط الصومال، تجددت معارك عنيفة بين مقاتلي تنظيم الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي من جهة، وميليشيات تابعة لجماعة أهل السنة والجماعة من جهة ثانية. وكانت منطقة وبحو بإقليم جلجدود (وسط) وبلدة محاس بإقليم هيران (وسط) أيضا، شهدتا مواجهات متكررة أدت إلى مصرع وإصابة المئات من المقاتلين.

علي صعيد آخر، حذر قائد القوات الدولية التابعة للاتحاد الأوروبي لمكافحة القرصنة من تصعيد أعمال القراصنة، وتوسيع نطاق نشاطهم خلال الفترة القادمة عندما تنتهي فترة الرياح الموسمية بعد أربعة إلى ستة أسابيع من الآن. وذكر العميد بيتر هدسون أن هناك مخاوف من أن يوسع القراصنة هجماتهم بشكل حاد. ويوجد في الوقت الراهن نحو 30 سفينة حربية مزودة بعدد من طائرات الاستطلاع تحت قيادة الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، إلا أن هجمات القراصنة لا تزال مستمرة في المياه قبالة الصومال وخليج عدن.

وكان القراصنة الصوماليون قد حولوا نشاطهم خلال الأشهر الماضية من المناطق الشمالية للبلاد، حيث تتمركز السفن الحربية الأجنبية إلي السواحل الجنوبية وخاصة المناطق الواقعة بين المثلث المائي الفاصل بين الصومال وكينيا وجزر سيشل.

إلى ذلك، قال وزير في الحكومة الصومالية لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الحكومية تستعد لشن عملية عسكرية كبيرة ضد المقاتلين الإسلاميين الذين يحتجزون خبيري الأمن الفرنسيين منذ الأسبوع الماضي.

وأكد مسؤول رفيع المستوى في الحكومة الصومالية أن أحد المخطوفين هو حاليا في قبضة الحزب الإسلامي الذي يقوده الشيخ حسن طاهر أويس، بينما الآخر محتجز لدى حركة الشباب المجاهدين. وأضاف الوزير الذي طلب عدم تعريفه في اتصال هاتفي من العاصمة الصومالية مقديشو: «الشيخ أويس يحاول حاليا استعادة الرهينة الثاني من حركة الشباب وبين الطرفين مواجهات خفية وغير معلنة»، لافتا إلى أن معلومات ترددت بشأن وجود اتصالات بين الشيخ أويس والحكومة الفرنسية. وقال الوزير: «يأمل الشيخ أويس في استعادة نفوذه السياسي عبر إقناع (الشباب) بالتخلي عن المخطوف الفرنسي الثاني وتسليمه للحزب الإسلامي»، مشيرا إلى أن الشيخ أويس يسعى لشطب اسمه في المقابل من اللائحة السوداء التي أعدتها الولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة في السابق.

وألمح الوزير إلى أن حكومته قد تكون بصدد الدخول في مواجهة عسكرية كبيرة وحاسمة ضد المتمردين الإسلاميين المناوئين لها. وقال: «قريبا سنبدأ عملا عسكريا مهما، عناصر الشباب بدأت تشعر بالقلق، إنهم يفرون خارج العاصمة مقديشو تحسبا لاندلاع هذه المواجهة».

من جهة أخرى، أكد الجنرال فرانسيس أوكيلو، قائد قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، أن اثنين من جنوده الأوغنديين قد توفيا مؤخرا بعد إصابتهما بمرض غريب وغير معروف، مشيرا إلى أن التحقيقات ما زالت جارية لمعرفة طبيعة هذا المرض. وقال الجنرال فرانسيس في اتصال هاتفي: «ليس لدينا تفسير لما حدث، ندرس كافة الاحتمالات، وسنعلن ما نتوصل إليه في حينه».

لكن جافيل نكولوكوسا المتحدث باسم مبعوث الاتحاد الأفريقي إلى الصومال قال في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» إن ثلاثة من القوات الأفريقية توفوا بمرض غير معلوم وأن 18 آخرين نقلوا إلى مستشفى في كينيا لإصابتهم بالأعراض نفسها. وأضاف: «الاتحاد الأفريقي وحكومة بوروندي أرسلا فريقا من الخبراء الطبيين للتحقق من سبب المرض الذي ظهر في فرقة من بوروندي»، مضيفا: «تم إجلاء 21 جنديا في وقت سابق هذا الأسبوع بعد أن ظهرت عليهم أعراض متشابهة وتوفي ثلاثة من هؤلاء منذ ذلك الحين». وامتنع عن التكهن بسبب المرض أو الحديث عن طبيعة الأعراض.

ويشن الإسلاميون منذ مطلع شهر مايو (أيار)الماضي هجوما ضخما غير مسبوق على القوات الحكومية للإطاحة بنظام الشيخ شريف بعدما تعهدوا علانية بالقتال حتى الإطاحة به ورحيل قوات الاميصوم التي يعتبرونها «قوة احتلال».