اتهام أميركي بتزويد «القاعدة» ببيانات عن شبكة المرور في نيويورك

«بشير الأميركي» فتح نافذة على عالم المسلحين الغربيين المنضمين إلى التنظيمات السرية

TT

يتعاون حاليا الأميركي المتحول إلى الإسلام من لونغ آيلاند بنيويورك، الذي اعتقل خلال قتاله ضمن صفوف تنظيم القاعدة في باكستان، مع السلطات فاتحا نافذة على عالم المسلحين الغربيين المنضمين إلى الشبكات السرية، وذلك وفقا لمسؤولين بقوات مكافحة الإرهاب الأوروبية والأميركية. ويقول المسؤولون، إن بريانت نيل فيناس، 26 عاما، هو واحد من قلة من الأميركيين المعروفين الذين شقوا طريقهم إلى معسكرات تنظيم القاعدة السرية في باكستان.

ويقول مسؤولون، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، نظرا لأن التحقيقات ما زالت مستمرة، إن فيناس اعترف بالتقائه بقادة تنظيم القاعدة، وإعطائهم معلومات حول هجوم محتمل على قطارات نيويورك، وهي المعلومات التي أسفرت عن الإنذار العام في نوفمبر (تشرين الثاني).

ويقول المسؤولون، إن فيناس أخبر المحققين بإطلاقه الصواريخ خلال هجوم مسلح على قاعدة عسكرية أميركية في أفغانستان.

وكانت القوات الباكستانية قد اعتقلت فيناس، في نوفمبر (تشرين الثاني)، ثم تم إيداعه بأحد السجون الأميركية، واعترف فيناس، بالتهم الموجهة إليه في يناير (كانون الثاني)، التي تشمل المشاركة في هجوم استهدف القوات الأميركية وتوفير المواد التي تحتاجها منظمة إرهابية.

وتم الإعلان عن التهم الموجهة لفيناس يوم الأربعاء، عقب عدة استفسارات حول فيناس من مراسلي صحيفة «لوس أنجليس تايمز» في واشنطن، وكانت القضية حتى الآن من الأسرار العليا، وعلى قمة التحقيقات التي تجري في سبع دول على الأقل، فيقول أحد المسؤولين بوزارة العدل: «إنها قضية كبرى».

نشأ فيناس، أميركي المولد، وابن مهاجرين من بيرو والأرجنتين، كمسيحي كاثوليكي، وكان يلعب البيسبول مع رفاقه في ضواحي البلدة، وجاء تحول فيناس إلى مقاتل يطلق عليه «بشير الأميركي» ليؤكد المخاوف من اتخاذ أميركيين آخرين للمسار نفسه، حيث كانت السلطات قد أبدت مخاوفها من وجود أميركيين يتلقون التدريب بالخارج ويتمكنون من العودة إلى أميركا بدون أن يلاحظهم أحد.

يقول أحد المسؤولين الأوروبيين: «إن خلفيته ليست واضحة على الإطلاق، ولا أعرف شيئا حول الأميركيين الآخرين الذين ذهبوا معه أو الذين تدربوا مؤخرا في (باكستان).. إنه نموذج مختلف، فهو أميركي لاتيني وذلك غير معتاد». ومنذ إلقاء القبض عليه، كان فيناس متعاونا، ويتحدث بسهولة، وقدم معلومات تفصيلية حول إقامته هناك، وشهادات تفيد محاكمات الإرهابيين القادمة في أوروبا. وقدم فيناس في مارس (آذار) لقاضي إحالة، ولقوات الشرطة البلجيكية في نيويورك، تصريحا سيتم استخدامه كدليل ضد ثلاثة من المساجين البلجيكيين الذين اعترفوا بتلقي التدريب في تنظيم القاعدة، كما ألقى عليه بعض المحققين الفرنسيين كذلك بعض الأسئلة.

يقول خوان والد فيناس، إنه قد مرت شهور بدون أن يعرف مكان ابنه، مضيفا: «لقد وجهت إلي الاستخبارات الأميركية جميع أنواع الأسئلة حوله، ولكنهم لم يخبروني بأي شيء». يعيش خوان والد فيناس في شارع صغير، يفصل بينه وبين الطريق السريع أيكة من الأشجار في باتشوغ، بالقرب من الساحل الجنوبي للونغ آيلاند. وقد تحدث المهندس المتقاعد، 63 عاما، والمولود في بيرو في عدة مقابلات خلال الأيام الماضية في المنزل، الذي كان يعيش فيه مع ابنه: منزل متواضع من الطوب المدهون باللون الأبيض، يتوسطه تمثال لملاك يقف على مرج أخضر. وترفع الكثير من المنازل في هذه المنطقة أعلام الولايات المتحدة وفريق «يانكيز نيويورك».

ويقول خوان إن فيناس قرر مغادرة المنزل، بعدما تحول إلى الإسلام في سبتمبر (أيلول) 2007، وكان يتحدث عن رغبته في دراسة الدين الإسلامي واللغة العربية. وبعد ذلك بعام، وبعدما أدى انفجار شاحنة إلى مصرع أكثر من خمسين شخصا في فندق ماريوت بإسلام آباد، ذهب عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي والقوات الباكستانية لاستجواب أسرته. ويقول خوان إن عملاء مكتب التحقيقات أخبروا الأسرة أن فيناس في باكستان، وسألوا عن رحلاته السابقة وتحوله إلى الإسلام، قائلين إنهم يتحققون من كل الأميركيين الموجودين في باكستان بعد الهجوم، مضيفا إنه منذ ذلك الوقت، لم يجب مكتب التحقيقات الفيدرالي على الخطابات والاتصالات المتعددة التي أجريناها. ويقول الأب وهو رجل قصير أنيق ومهذب: «أعتقد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يعرف مكانه، ولكنهم لا يخبرونني». وحتى خلال السنوات التي كانت فيها معسكرات أسامة بن لادن تدرب الآلاف، فإن تجنيد الأميركيين كان أمرا نادرا. ومن الأميركيين المتحولين إلى الإسلام الذين انضموا إلى المعسكرات في ذلك الوقت: آدم غاداهن وهو رئيس الدعاية الإعلامية الهارب الذي يعرف باسم «عزام الأميركي»، ومواطنه جون ووكر لند، من كاليفورنيا وهو الأميركي المنتمي لحركة طالبان، الذي أقر بالتهم الإرهابية الموجهة إليه في 2002؛ وجوس باديلا العضو السابق في عصابات الشوارع، الذي أدين بالإرهاب في عام 2007.

وبعدما فقد تنظيم القاعدة ملجأه، أثنت الصعوبات والمخاطر التي أصبحت تحيط بالطريق إلى مقر التنظيم الجديد في باكستان الكثير من المتطرفين عنه.

ويقول المسؤولون عن مكافحة الإرهاب إن فيناس قد أخبر المحققين بأنه وصل إلى المعسكرات في ديسمبر (كانون الأول) في 2007. وعلى الرغم من مخاوف «القاعدة» من اندساس الجواسيس في صفوفها، فإنه عومل معاملة حسنة، لأنه جاء بتوصية من أحد الأشخاص الموجودين في الهيكل التنظيمي، كما يقول بعض المحققين. ويقول مسؤول بمكافحة الإرهاب: «لقد وثقوا به لأنه جاء عن طريق شخص آخر محل لثقتهم».

وقد اعترف فيناس بأنه قد التقى ببعض قيادات الصف الأول في تنظيم القاعدة، لمناقشة مسألة تدريبه ودوره المحتمل في التنظيم.

ووفقا لبعض وثائق المحاكم، فإن فيناس قد أعطى القادة الذين التقى بهم خلال المحادثات التي تمت بين مارس (آذار) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2008 بعض «النصائح التي تأتي من خبرته المتخصصة في وسائل النقل بنيويورك والسكك الحديدية بلونغ آيلاند ومعدات الاتصالات والعاملين بما فيها هو شخصيا».

ومباشرة بعد اعتقاله، صدر إنذار فيدرالي بتاريخ 25 نوفمبر (تشرين الثاني) حول خطر «محتمل وغير موثوق فيه بتعرض خط قطار لونغ آيلاند بمحطة بين لهجمات إرهابية. ولا يبدو أن الهجمات لم تتجاوز كونها فكرة طرحت للمناقشة، وفقا للمسؤولين.

وقد حصل فيناس، على تدريب شبه عسكري، وأطلق الصواريخ على القوات الأميركية خلال هجوم على قاعدة عسكرية في أفغانستان في سبتمبر (أيلول) 2008، وفقا لمسؤولين وللتهم الموجهة للمتهم.

كما كان فيناس، على صلة مع مجموعة من الإرهابيين المشتبه فيهم من فرنسا وبلجيكا، وقد ألقت قوات الشرطة القبض على ثلاثة بلجيكيين وفرنسي بعد عودتهم إلى أوروبا في أواخر العام الماضي. يقول أحد المسؤولين بقوات مكافحة الإرهاب الأوروبية: «يقول فيناس، إنه التقى بالكثير من الأشخاص الذين يتحدثون الإنجليزية في باكستان، وكان واضحا بالنسبة للآخرين أنه أميركي، ولم يبدو أن ذلك يمثل مشكلة بالنسبة لأحد». وبعدما أنجز فيناس، المهام القتالية الأولية، انضم للنخبة المتدربة. وقد ألقي القبض عليه عندما كان يزور مدينة بيشاور لشراء بعض الإمدادات، ولاستخدام شبكة الإنترنت. وربما يكون المحققون الأميركيون الذين كانوا يراقبون البريد الإلكتروني الأوروبي، قد توصلوا إليه من خلال اعتراض الاتصالات التي كان يجريها. وعلى أي حال فإن انضمامه للحركة المسلحة يبدو أمرا استثنائيا، فقد نشأ فيناس مع أمه أرجنتينية المولد، وأخته لينا بعدما انفصل أبواه، وكان يخرج مع أصدقاء من الدومينيكان وبورتوريكا.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»