المالكي: أوباما لن يتعامل مع من قتل الأميركيين والعراقيين

رئيس الوزراء العراقي: هناك في المنطقة من تقلقه التجربة الديمقراطية

TT

صرح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس أن الإدارة الأميركية لن تتصالح مع العناصر المسلحة التي استهدفت الأميركيين والعراقيين، مضيفا في لقاء مع خبراء في الشأن العراقي وإعلاميين في معهد الولايات المتحدة للسلام (يو إس آي بي) أن الحكومة العراقية تستفسر عن التقارير حول اتفاق أميركي مع بعض الفصائل المسلحة. وشدد المالكي على التزامهم بالمصالحة الوطنية، مضيفا أن مشاورات مع القيادات الكردية ستبدأ بعد الانتخابات الكردية. وألقى المالكي خطابا عدد فيه المصاعب التي تواجه العراق والإنجازات التي تحققت، على الصعيد الأمني والاقتصادي والسياسي، موضحا أن الديمقراطية ترسخت في العراق مما يجلب له متاعب من محيطه. وقال المالكي: «العراق تجربة تستحق التوقف عندها، فقد عاصر الدكتاتورية وانتقل إلى الديمقراطية وهناك تحولات لبناء دولة المؤسسات والدستور». وأضاف: «خيارنا الوحيد الديمقراطية والمواطنة»، مشددا على أن «الديمقراطية عندنا فريدة في المنطقة وتواجه تحديات من المحيط الإقليمي الذي لا يحسن التعامل مع هذه الديمقراطية». وأضاف أن بعض دول المنطقة تضع تحديات أمام المشروع الديمقراطي في العراق لأن «الديمقراطية هي الحل الناجع لكل مجتمع تتعدد فيه الطوائف والإثنيات ولأن كل دول المنطقة تتعد فيها الإثنيات والطوائف ولكن لم تصل إلى المرحلة التي يتمتع بها العراق التي تمنع التمايز بين الناس». ولكنه أردف قائلا إن الأخطر من ذلك هي الفئات المعارضة للديمقراطية داخل العراق وخارجه التي «ألفت الدكتاتورية وعملت على ضرب العراق لكنها بدأت تتضاءل وتتراجع مع عملية بناء الدولة». وطالب المالكي المجتمع الدولي بحماية الديمقراطية في العراق وقال إنها «تدعم الاستقرار والسلم الدوليين». ولكنه أقر أن هذه الديمقراطية ما زالت بحاجة إلى خطوات لتحسينها وعلى رأسها محاربة الفساد المالي والإداري والسياسي.

وردا على سؤال حول البروتوكول السري المزمع توقيعه بين الولايات المتحدة وأقطاب من المعارضة المسلحة العراقية، قال المالكي: «الإدارة الأميركية والرئيس الأميركي أوباما حريصان على أن لا يحصل تعامل مع الذين قتلوا الجنود الأميركيين والعراقيين والمدنيين». وحول تقديم الحكومة العراقية طلبا للحكومة الأميركية لتفسير هذا الموضوع، قال: «هناك ملابسات ومن الطبيعي أن نتواصل ونتشاور». وتابع: «نحن نفتح باب المصالحة الوطنية لكل من يرغب بذلك ولكل ليس مع الملطخة أيديهم بالدماء». وكرر المالكي موقفه من أن «عودة الخارجين عن القانون مرحب بها إذا تم التخلي عن السلاح.. نحن نريد أن نبني الدولة بناء على المصالحة الوطنية». وأضاف: «من يريد حل المشاكل من المتورطين بإهدار الدماء لا بد أن يعرض على القضاء أولا». وأضاف أن المصالحة «رؤية استراتيجية وقارب نجاة وعملية مستمرة»، موضحا أنها عملية عراقية ومتواصلة وليست فقط «شعارات ومؤتمرات». وأضاف أن المواطن العراقي «أثبت أنه يقف مع المشروع الوطني وليس مع مشروع الطائفية»، متوقعا أن تخاض الانتخابات العراقية العامة المقبلة على تلك الأسس. وأكد المالكي عزمه بدء مفاوضات مع المسؤولين الأكراد بعد الانتخابات الكردية، موضحا أن المشاكل بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان يجب حلها بموجب الدستور. وقال إنها «مشكلة متوارثة من الدكتاتوريات في العراق.. وقد استخدمت فيها كل الأسلحة وأساليب التجويع ضد الشعب الكردي». وأضاف: «إذا تحدثنا عن دولة المواطنة فيجب أن يكون للأكراد دور في العراق»، موضحا: «العلاقات بين الشعب العراقي والأكراد فيها تعقيدات تحتاج إلى حلول». وتابع: «كانت هناك تطلعات زائدة ومخاوف زائدة ولكن مع الدستور لا حاجة للمخاوف أو التطلعات الزائدة». وعبر عن ضرورة «حكم العلاقات ليس من خلال سياسات الفرق من قبل الحكومة المركزية أو من الإقليم بل من خلال الدستور وليس بعيدا عنه». وطرحت تساؤلات عن الاحتفال العراقي بالانسحاب الأميركي من المدن العراقية، ليرد المالكي: «الانسحاب انتصار وليس هزيمة، لا للعراقيين ولا للأميركيين، من حقنا الاحتفال بهزيمة القاعدة»، مضيفا: «القوات العراقية أيضا ستنسحب من المدن لتتولى الشرطة أمن الشوارع». وكان المالكي استهل زيارته إلى واشنطن بلقاء أوباما، حيث أكد الجانبان العلاقات الوثيقة بين البلدين وبناءها بعيدا عن الجانب الأمني من خلال اتفاقية الإطار الاستراتيجي. وبينما أكد المالكي التزامه بالمصالحة الوطنية بجهود وقيادة عراقية، شدد أوباما من جانبه على أن الانتقال الأمني الكامل للعراق وبناء علاقة البلدين بناء على «المصالح المشتركة والاحترام المشترك» تعتبر «أولوية بالنسبة إلى إدارتي».

وعبر المالكي في مؤتمر صحافي مع أوباما التزامه بالمصالحة الوطنية والتعايش السلمي، قائلا: «العراق عانى كثيرا من التهميش والطائفية ونعمل معا مشروع عراق موحد». وكرر المالكي في البيت الأبيض وعدد من لقاءاته أن العراق ملتزم بالمواطنة والمصالحة،. وأكد مصدر عراقي رفيع المستوى حضر اجتماع المالكي بأوباما أنه أثار قضية البروتوكول السري الذي وقعه الأميركيون مع فصائل مسلحة عراقية تحت مظلة «المجلس السياسي للمقاومة العراقية». وامتنع المصدر عن الخوض في تفاصيل ما طرح، خاصة أن الجانب الأميركي حريص على عدم إثارة هذه القضية. ولكن المصدر العراقي أضاف أن «هذه القضية ليست جديدة ولكن نبحث فيها الآن». وامتنع البيت الأبيض أمس من التعليق مباشرة على التقارير حول توقيع اتفاقية سرية مع فصائل مسلحة في العراق. واكتفى ناطق باسم البيت الأبيض بالقول لـ«الشرق الأوسط» أمس: «إننا نعمل مع الحكومة العراقية حول قضايا الوحدة الوطنية، وهناك جملة من الأمور نقوم بها من أجل دعم تلك الجهود». وأضاف أنه لا يستطيع التعليق على هذه القضية بالذات، لكنه شدد على أن «الوحدة الوطنية تبقى أساسية من أجل استقرار العراق ونحن مستعدون لمساعدة العراق لتحقيق هذا الهدف، على سبيل المثال الولايات المتحدة تعمل بالقرب من القوات الأمنية العراقية وتساعد على استعدادهم لمواجهة احتمال تصاعد العنف من قبل الجهات المعارضة لعراق آمن ومستقر». ولكنه أردف قائلا: «في النهاية، هذه قضايا على العراقيين حلها بأنفسهم». ولفت إلى أن من يريد أن يكون في العملية السياسية في العراق «عليه أن يلتزم بالقوانين الجديدة في العراق وأن يعمل مع الحكومة العراقية». وأكد أوباما أن «الولايات المتحدة تدعم جهود الحكومة العراقية لدعم الوحدة الوطنية التي ستضمن أن الناس في كل أجزاء العراق يمكنهم أن يعيشوا بسلام وازدهار». واعتبر أوباما أن قانون النفط وحل المناطق المتنازع عليها أمران أساسيان في حل النزاعات، مضيفا أن «الولايات المتحدة تدعم جهود إدماج كل العراقيين في الحكومة العراقية والقوات الأمنية، وقد زدنا دعمنا لمساعدة العراقيين على العودة إلى وطنهم». وصرح أوباما بأن «رئيس الوزراء وأنا ليس لدينا شك من أننا سنواجه أياما عصيبة مستقبلا، ستكون هناك هجمات على القوات الأمنية العراقية والجنود الأميركيين الدين يدعمونهم، ما زال هناك أناس في العراق يقتلون الرجال والنساء والأطفال الأبرياء. وما زال هناك من يريدون إثارة النزاع الطائفي، ولكن من دون شك ستفشل تلك الجهود». وجدد أوباما التزامه بسحب جميع القوات الأميركية من العراق بنهاية 2011، وهو الموعد المتفق عليه في اتفاقية وضع القوات الأميركية في العراق، قائلا: «سنسير قدما في استراتيجيتنا بسحب جميع القوات الأميركية القتالية بشكل مسؤول من العراق بحلول نهاية أغسطس (آب) العام المقبل، وتحقيق التزامنا بسحب جميع القوات الأميركية من العراق بنهاية عام 2011». وأضاف: «مثلما قلت في السابق، لا نريد قواعد (عسكرية دائمة) في العراق ولا نطالب بأي من أراضي العراق أو مصادره». ومن اللافت أن بعد لقاء المالكي بأوباما بحضور الوفد المرافق له، عقد القائدان اجتماعا على انفراد كان مجدولا ليستمر 15 دقيقة فقط، إلا أنه استمر أكثر من نصف ساعة، ليخرجا بعده لعقد المؤتمر الصحافي المشترك. وعبر أوباما عن ارتياحه لقرار رئيس الوزراء العراقي زيارة مقبرة «أرلينغتون» حيث يدفن الجنود القتلى ووضع إكليل ورد على نصب الجندي المجهول، قائلا: «إنني مسرور بشكل خاص قرار رئيس الوزراء زيارة أرلينغتون». وتعتبر هذه الخطوة محاولة من المالكي للتعبير عن رغبته في بناء علاقة جيدة مع الأميركيين بعد الاحتفالات الكبيرة التي عقدت في العراق تزامنا مع سحب القوات الأميركية من المدن العراقية نهاية الشهر الماضي. وأكد كل من المالكي وأوباما العمل على إخراج العراق من قرارات البند السابع بموجب الأمم المتحدة، وبالتعاون مع أعضاء مجلس الأمن والكويت.