المحافظون يحذرون من «مؤامرة» لإضعاف خامنئي.. ويطلبون من رفسنجاني دعمه

مئات المتشددين يتظاهرون ضد نجاد في طهران >آية الله زنجاني: النظام معرض للانهيار ويجب أن نأخذ درسا من الاتحاد السوفياتي

إيرانيون خلال صلاة الجمعة في جامعة طهران أمس (ا.ف.ب)
TT

فيما اعتبر «إهانة علنية» للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أمر المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي أحمدي نجاد بإقالة نائبه الأول وصهره اسفنديار رحيم مشائي الذي أثار تعيينه غضب المحافظين والإصلاحيين على حد سواء. وقال خامنئي في بيان إذاعة التلفزيون الإيراني الرسمي أمس: «تعيين مشائي في منصب النائب الأول ضد مصلحتك ومصلحة الحكومة وسوف يسبب انقسامات بين المؤيدين لك». وتابع البيان: «من الضروري أن تعلن إلغاء ذلك القرار». ويمثل قرار خامنئي إهانة كبيرة لأحمدي نجاد الذي قال إن لديه «ألف سبب للتمسك بمشائي»، قائلا إنه يريد وقتا كي يوضح سبب تمسكه بمشائي. ومن غير الواضح لماذا أمر خامنئي ببث بيانه على التلفزيون الرسمي الإيراني في وقت ذروة المشاهدة يوم الجمعة، كما أنه من غير الواضح ما إذا كان أحمدي نجاد سيستجيب ويقيل مشائي فورا، مع العلم أنه إذا أصر على موقفه يخاطر بتأزيم علاقته مع المرشد الأعلى وإقصائه من قبل مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي يترأسه رفسنجاني والذي له حق مراقبة أداء الحكومة والرئيس. وكان مقربون من نجاد قد أوضحوا أن الرئيس الإيراني يتخوف من أن يدفع ثمن حالة الضعف التي يعاني منها بسبب أزمة انتخابات الرئاسة ويجبر على إقالة مشائي تمهيدا لوضع مزيد من العراقيل أمامه. وجاء بيان خامنئي بإقالة مشائي بعد ساعات من دعوة رجال دين محافظين من بينهم آية الله أحمد خاتمي رجل الدين المتشدد وأعضاء نافذين بمجلس تشخيص مصلحة النظام، أحمدي نجاد «إطاعة» خامنئي وإقالة مشائي أو المجازفة بخسارة مؤيديه وسط المحافظين. وألقت دعوة آية الله خاتمي وغيره من المسؤولين لأحمدي نجاد «إطاعة» المرشد الأعلى لإيران الضوء على إضعاف سلطة خامنئي بعد أزمة الانتخابات. وفي ملمح آخر على الصعوبات المتزايدة التي تواجه سلطات خامنئي، تحدث آية الله خاتمي في خطبة الجمعة أمس عن «مخططات تحاك» في إيران لإضعاف خامنئي عقب الانتخابات. وتابع: «نعلم بأمر بعض الاجتماعات الخاصة التي انطوت على توجيه إهانات. نعرف أمر المخططات التي تحاك ضد الزعيم لكن أنتم يا من تعقدون هذه الاجتماعات ينبغي أن تعلموا أنه لن يكون بمقدوركم الوقوف في وجه الشعب». ويأتي ذلك فيما دعا 50 عضوا بمجلس الخبراء المؤلف من 86 مقعدا، رئيس مجلس الخبراء على أكبر هاشمي رفسنجاني في بيان إلى إظهار «تأييد أكبر» للزعيم الأعلى في «ذلك الوقت الحساس».

وحول أزمة تعيين مشائي، دعا آية الله خاتمي أحمدي نجاد إلى «إطاعة» المرشد الأعلى وإقالة صهره اسفنديار رحيم مشائي من منصب النائب الأول للرئيس. وقال خاتمي العضو في مجلس الخبراء والمقرب من خامنئي خلال خطبة صلاة الجمعة في جامع جمعة طهران أمس إن هذه هي رغبة المرشد الأعلى. وتابع: «نحن ندعم الرئيس.. لكننا لم نقل على الإطلاق إنه لا يخطئ». وتابع «أتمنى أن يصغي الرئيس للنقاد وخاصة طلب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ويعدل عن قرار تعيين نائبه الأول»، موضحا أن «شرعية» أحمدي نجاد على المحك بسبب مخالفته لرأى المرشد الأعلى. وتابع «أسس نظام الجمهورية الإسلامية هو قبول حكم المرشد الأعلى.. كنا نتمنى ألا تصل القضية إلى هذا الحد، أي اضطرار المرشد الأعلى إلى التدخل.. والآن بعدما أفصح المرشد الأعلى عن رأيه، لم يعد ثمة مجال للتردد».

وكانت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية قد ذكرت قبل 3 أيام أن المرشد الأعلى لإيران بعث يوم الاثنين الماضي «رسالة مكتوبة» إلى أحمدي نجاد يطلب منه فيها إقالة مشائي من منصب النائب الأول. لكن رغم الانتقادات التي مصدرها مؤيدوه، أكد أحمدي نجاد دعمه الثابت لنائبه الأول، مؤكدا أنه يملك «ألف سبب» ليقدر مشائي. وقال أحمدي نجاد عن نائبه الأول الجديد «إنه أشبه بنبع مياه نقية.. البعض يسألني لماذا أكن له كل هذه العاطفة؟ وأجيبهم: لألف سبب أحدها أنه حين يجلس المرء ويتناقش معه فليس هناك مسافة، أنه أشبه بمرآة شفافة». وطلب أحمدي نجاد في تصريحات نقلتها وكالة «إرنا» بعض الوقت لتوضيح سبب تعيينه لمشائي في المنصب الحساس. وبالرغم من أن لأحمدي نجاد 12 نائبا، فإن منصب النائب الأول هو الأكثر أهمية، إذ إن النائب الأول للرئيس يتولى مهام الرئيس في حالة موته أو إقالته أو استقالته أو الحكم بعدم صلاحيته. كما يترأس النائب الأول للرئيس اجتماعات الحكومة في حالة سفر الرئيس.

وبالإضافة إلى تصريحات خاتمي، دعا مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهو أعلى هيئة تحكيم سياسية في إيران، أحمدي نجاد إلى «عدم إحداث شقاق» عبر الإصرار على هذا التعيين. وقال المجلس الذي يترأسه رفسنجاني بحسب الموقع الإلكتروني للتلفزيون الرسمي «ندعو أحمدي نجاد إلى تفادي استخدام أفراد يمكن أن يؤثروا في وحدة الحكومة»، بينما تظاهر المئات من الطلاب المحافظين أمس في طهران وهم يهتفون «اطيع القائد لأن هذا مطلب الأمة» مطالبين أحمدي نجاد بـ«إقالة مشائي» بحسب ما نقلت وكالة «ايسنا»، فيما قال رجل الدين المحافظ جعفر شاغوني إن أحمدي نجاد يخاطر بتعريض نفسه للعزلة بين المحافظين، موضحا في تصريحات نقلتها وكالة «فارس» للأنباء المقربة من الحرس الثوري: «المحافظون لا يتسامحون إزاء من يتحدي المرشد الأعلى». وبينما كانت التحذيرات لأحمدي نجاد حول تشكيلة حكومته الجديدة تأتي من الإصلاحيين في البرلمان الذين قالوا إنهم لن يمرروا أي تعيينات لا يرون فيها الكفاءة، فإن المحافظين انضموا للصف أمس معلنين أيضا أنهم سيعارضون تعيينات في حكومة نجاد طالما أصر على تعيين مشائي. وقال والي إسماعيلي أحد النواب المحافظين في البرلمان الإيراني، في بيان نقل على موقع إلكتروني للمحافظين، إن موقف أحمدي نجاد سيجعل ولادة حكومته مسألة صعبة. يذكر أنه لا يمكن لأحمدي نجاد تمرير أي تعيين في حكومته بدون تصديق البرلمان على أعضاء الحكومة المتوقع أن يتم الإعلان عنها مطلع الشهر المقبل. إلى ذلك، وفي ملمح آخر على الصعوبات التي تواجه سلطات خامنئي، تحدث آية الله خاتمي في خطبة الجمعة أمس عن «مخططات تحاك» في إيران لإضعاف خامنئي عقب انتخابات متنازع على نتيجتها الشهر الماضي. وتابع: «نعلم بأمر بعض الاجتماعات الخاصة التي انطوت على توجيه إهانات. نعرف أمر المخططات التي تحاك ضد الزعيم، لكن أنتم يا من تعقدون هذه الاجتماعات ينبغي أن تعلموا أنه لن يكون بمقدوركم الوقوف في وجه الشعب». وأضاف خاتمي عضو مجلس الخبراء «شعبنا سيدافع عن الزعيم حتى آخر قطرة من دمه». ويأتي ذلك فيما دعا 50 عضوا بمجلس الخبراء المؤلف من 86 مقعدا، رئيس مجلس الخبراء على أكبر هاشمي رفسنجاني في بيان إلى إظهار «تأييد أكبر» للزعيم الأعلى. وقال البيان «الكثيرون.. يتوقعون من رئيس المجلس الذي ساعد دائما الزعيم في تذليل المشكلات والعراقيل في السابق أن يظهر تأييدا أكبر وأكثر وضوحا للزعيم في هذه الأوقات الحساسة». وكان رفسنجاني قد أعلن يوم الجمعة الماضي أن «إيران في أزمة» وقال إن هناك شكوكا بشأن نتيجة الانتخابات. وعدت تصريحات رفسنجاني تحديا واضحا لسلطة خامنئي الذي يعد الشخصية الأكثر نفوذا في إيران والذي أقر بإعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد بعد الاقتراع مباشرة.

وكان مصدر إيراني مطلع مقرب من الإصلاحيين قد كشف لـ«الشرق الأوسط» أن ما تريده الحركة الإصلاحية هو «بدء مساءلة خامنئي على قراراته». وأوضح المصدر «هناك اتفاق بين كبار رجال الدين ومراجع التقليد في قم والمسؤولين في الحركة الإصلاحية، وعلى رأسهم رفسنجاني وموسوي وخاتمي وكروبي ورجال أعمال ومثقفون ومفكرون بارزون، على أهمية دور مجلس الخبراء برئاسة رفسنجاني في الأزمة الحالية. مجلس الخبراء لديه ملاحظات على أداء خامنئي خلال الأزمة الحالية. والأغلب أن الإصلاحيين يريدون إحياء تلك المواد في الدستور التي تنص على أن المرشد يمكن مساءلته وإقالته من قبل مجلس الخبراء إذا أساء التصرف أو انحاز لطرف على حساب الآخر. أو تصرف كزعيم لتيار سياسي معين بدلا من أن يتصرف كزعيم أمة». وكشف المصدر الإيراني عن أن ما بحثه رفسنجاني مع آيات الله في قم ومشهد وسياسيين بارزين في طهران، ممن شاركوا في الثورة الإيرانية، تعلق في جزء كبير منه بـ«دور خامنئي» في الأزمة. فيما قال مصدر إيراني آخر إن المرشد والفريق المحيط به يريد أن يضع حدا لتحركات رفسنجاني، وأن الصدام بينهما محتمل.

وفي إطار ضغوط المحافظين على رفسنجاني، بدأ رجل الدين المحافظ والأب الروحي لأحمدي نجاد آية الله مصباح يزدي التحرك في مجلس الخبراء الإيراني لزيادة الضغوط على رفسنجاني وإعلان دعمه لنتائج الانتخابات الإيرانية وحكومة أحمدي نجاد. إلا أنه من غير المرجح أن تنجح تلك التحركات في ضوء دعم كبار آيات الله لرفسنجاني، إذ قال آية الله اسد بيات زنجاني، أحد أكبر آيات الله في إيران مؤيدا رفسنجاني أمس: إن الشرعية تأتي من الشعب، موضحا أن الجمهورية الإسلامية «يمكن أن تنهار إذا لم تحترم إرادة الشعب». وقال زنجاني في بيانه أمس: «الهيمنة والسلطوية لا تضمن الشرعية. الشرعية تقوم على ثقة الشعب. عندما يعترف الناس بالحكومة، تصبح الحكومة شرعية. وبغير ذلك لا تكون الحكومة شرعية. بغير ذلك تفقد السلطات تلقائيا شرعيتها وتنهار. أحذر السلطات وأدعوها إلى أن تأخذ مثالا من مصير الاتحاد السوفياتي السابق».

كما انتقد زنجاني الطريقة التي تعاملت بها السلطات مع المتظاهرين في الشارع، ويأتي ذلك فيما كشفت مواقع إلكترونية إيرانية أمس أن ابن مستشار بارز للرئيس السابق للحرس الثوري محسن رضائي قتل خلال سجنه بعد تظاهرات طهران في الأسابيع الماضية. وقالت المواقع الإيرانية إن الشاب واسمه محسن روح الله أميني، ابن عبد الله حسين روح الله أميني مستشار رضائي، اعتقل خلال مظاهرات يوم 9 يوليو (تموز) الحالي وسجن في سجن «ايفين»، موضحة أن أسرته لم تعلم عنه شيئا إلى أن اتصلت السلطات أول من أمس وأخبرت الأسرة أن محسن وهو في العشرينيات من العمر مات في السجن دون إعطاء تفاصيل إضافية.

إلى ذلك انتقد آية الله أحمد خاتمي أيضا مزاعم المعارضة المتواصلة بحدوث تلاعب في نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في الثاني عشر من يونيو (حزيران) الماضي، ورفضهم الاعتراف بانتخاب أحمدي نجاد مرة ثانية. وأدان آية الله بوجه خاص دعوة الرئيس السابق محمد خاتمي لإجراء استفتاء على شرعية تولي أحمدي نجاد السلطة. وقال «استيقظ.. لقد جرى الاستفتاء يوم الثاني عشر من يونيو وصوت 24.5 مليون من إجمالي أربعين مليون لصالح أحمدي نجاد، ومن ثم فإن حكومة الرئيس شرعية دون شك». وأكد أن القيادة والمؤسسة أقوى من أن تلحق الاحتجاجات بهما أي ضرر. وانتقد أيضا جماعات المعارضة لمحاولتها طلب الدعم من خارج إيران ووسائل الإعلام الغربية لنشاطاتها، وقال إن ذلك الدعم سيكون بلا طائل في النهاية.