واشنطن: مباحثات ميتشل في دمشق تهدف لمعرفة ماذا يمكن لسورية فعله في «سلام شامل»

المبعوث الأميركي في سورية اليوم للقاء الأسد قادما من الإمارات

TT

أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي أن الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل سيزور سورية اليوم لبحث آفاق عملية السلام مع إسرائيل. وقال كراولي في تصريح للصحافيين الخميس إن هذه الزيارة الثانية لميتشل إلى سورية منذ منتصف يونيو (حزيران) تهدف إلى «محاولة معرفة ما يمكن لسورية أن تفعله للتحرك باتجاه عملية شاملة». وأضاف «نحاول أيضا معالجة.. قضايا ثنائية مع سورية اعتقد أننا سندرس الأمرين». وكان أوباما عمل على تحريك الاتصالات الدبلوماسية للتعاون مع دمشق بهدف تحريك محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وعلقت إدارة الرئيس السابق جورج بوش العلاقات مع دمشق في 2005 اثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

وقال أوباما في مقابلة مع شبكة «سكاي نيوز» مؤخرا إن «هناك جوانب في سلوك سورية تثير قلقنا، لكننا نعتقد أن هناك إمكانية لأن تكون سورية بناءة أكثر في مجمل هذه القضايا». وأضاف «لكن كما تعرفون أنا أؤمن بالتعاون وآمل أن نتمكن من مواصلة تحقيق تقدم على هذه الجبهة». وأوضح الناطق باسم الخارجية الأميركية أن ما تبقى من برنامج ميتشل ليس جاهزا بعد. وقال إن ميتشل «سيكون في إسرائيل الأحد للقاء مسؤولين إسرائيليين ومسؤولين فلسطينيين وينوي التوقف في مصر والبحرين خلال جولته».

ووصل ميتشل أمس إلى الإمارات في مستهل جولة في المنطقة، وأجرى محادثات مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وقالت وكالة الأنباء الإماراتية إن ميتشل بحث مع الشيخ محمد «المستجدات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية» وناقش معه «سبل تحريك عملية السلام في المنطقة إضافة إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك»، وذلك في حضور وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان. ونقلت الوكالة عن ولي عهد أبوظبي الذي يشغل أيضا منصب نائب القائد الأعلى للقوات الإماراتية المسلحة تشديده على «ضرورة التحرك الجاد على المستويين الإقليمي والدولي لدفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي باتجاه مسار المفاوضات السلمية والعمل على إيجاد حل سلمي دائم وشامل استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية». وقبل وصول ميتشل إلى دمشق المتوقع أن يكون مساء اليوم السبت، أمضى مساعده فريدريك هوف، المكلف بالملف السوري عدة أيام في دمشق، منتظرا ميتشل، وأثناء ذلك حضر هوف حفل استقبال في منزل السفير التركي في ضاحية يعفور قرب دمشق، بمناسبة انتهاء مهمته سفيرا لبلده في سورية، كما حضر حفل السفارة المصرية بمناسبة العيد الوطني.. هذا ولم يعلن رسميا عن زيارة هوف إلى سورية التي تعد الثانية له خلال شهر واحد، كما لم يعلن عن لقائه أيا من المسؤولين السوريين، ونفت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» علمها بحصول هكذا لقاءات وقالت المصادر إن المسؤول الأميركي حضر حفلي الاستقبال في السفارتين التركية والمصرية والتقى هناك عددا من الحضور لكنها لا تعلم بأي لقاءات أخرى أجراها في دمشق. ومن اللافت تزامن زيارة هوف إلى دمشق مع الزيارة المفاجئة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى مدينة حلب ولقائه الرئيس السوري، وذلك بعد ساعات من إعلان أردوغان أن هناك «طلبات بدأت تصلنا لإحياء عملية المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل»، مؤكدا استعداد أنقرة لاستعادة دورها كراع لهذه المفاوضات. وذكر بيان رسمي سوري أن المحادثات بين الأسد وأردوغان «تطرقت إلى ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، الذي يتطلب توافر الإرادة السياسية الحقيقية لدى إسرائيل من أجل صنع السلام المستند إلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية وانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان السوري حتى خط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967» ومع أن زيارة أردوغان كانت مرتقبة إلا أن توقيتها كان «مفاجئا» بحسب ما علمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية مطلعة، وكانت صحيفة «صباح» التركية المقربة من الحكومة عشية مغادرة أردوغان لأنقرة ربطت بين زيارته وزيارة هوف إلى إسرائيل ومن ثم سورية منتصف الشهر الجاري.

ويشار إلى أن هوف أكد خلال مباحثاته مع وزير الخارجية وليد المعلم «سعي الولايات المتحدة للعمل من أجل تحقيق السلام الشامل في المنطقة وعزمها على القيام بدورها الفاعل والمتوازن من أجل استئناف المفاوضات على جميع المسارات». من جانب آخر وفي الوقت الذي أعلن فيه المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي الخميس أن جورج ميتشل سيزور سورية السبت لبحث آفاق عملية السلام مع إسرائيل. كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مدريد يلتقي رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو الذي أعرب عن «اهتمام إسبانيا بتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط وضرورة توفير المتطلبات الأساسية لصنعه» مشيرا في هذا الصدد إلى «الدور الحيوي الذي تضطلع به سورية ومشددا على أهمية تحقيق الوحدة الفلسطينية ـ الفلسطينية». ومن جانبه أكد الوزير المعلم استعداد سورية «لتحقيق السلام العادل والشامل المستند إلى مرجعية مدريد وقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام في حال توفر إرادة حقيقية لدى إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان السوري حتى خط الرابع من حزيران 1967 ووقفها لكافة نشاطاتها الاستيطانية وفتح المعابر التي تسمح بوصول الاحتياجات الأساسية للشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة». بعدها توجه الوزير السوري إلى لندن يوم أمس الجمعة والتقى وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميلباند. مصادر إعلامية سورية أعربت عن اعتقادها بوجود تنسيق بين التحركات الدبلوماسية ما بين واشنطن ـ أنقرة، وأنقرة ـ دمشق، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن السوريين يبدون «تجاوبا ومرونة مع المساعي الأميركية بخصوص السلام لكنهم ليسو متفائلين حيال الموقف الإسرائيلي».

من جانبه قال لـ«الشرق الأوسط» الباحث السوري المتخصص بالشؤون الأميركية في مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة دمشق الدكتور مروان قبلان : «يلاحظ أن هناك جهدا أميركيا واضحا تجاه دمشق، لوجود اعتقاد لدى إدارة الرئيس أوباما بأن تحريك العملية السلمية على كل المسارات تتطلب تعاونا سوريا» وأضاف قبلان «لذلك لا يمكن تحقيق نتائج على المسار الفلسطيني بدون دفع المسار السوري» لافتا إلى أن «هناك الآن مقاربة أميركية شاملة لقضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وليس مقاربة جزئية تفضل مسارا على مسار كما كان أيام الإدارة السابقة» وتوقع قبلان أن تشهد الأيام القادمة مزيدا من التركيز الأميركي على دمشق.