مسؤولون فرنسيون: شرطان سوريان للتقدم من بينهما كشف واشنطن خطتها للسلام في المنطقة

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن دمشق تريد «ثمنا» مقابل ابتعادها عن طهران.. والعراق بوابة التقارب مع واشنطن

TT

فيما يصل المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشيل، إلى دمشق اليوم، في ثاني زيارة له إلى العاصمة السورية في أقل من شهرين، قالت مصادر فرنسية واسعة الإطلاع تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، إن سورية «لن تلتزم بشيء ولن تخطو أي خطوة قبل أن يتحقق لها أمران: الأول، أن تكشف واشنطن عن خطتها للسلام في المنطقة، والثاني أن تحصل على تعهد إسرائيلي مبدئي بالانسحاب من كل هضبة الجولان المحتلة، على أن يترك برنامج الانسحاب والتفاصيل والتدابير الأمنية المرافقة للمفاوضات اللاحقة».

والحال، كما تقول المصادر الفرنسية، إن الإدارة الأميركية «لم تكشف حتى الآن» لا الخطة الإجمالية التي ستعتمدها من أجل السلام ولا تصوراتها «التفصيلية» حول المسارات الثلاثة (اللبناني والفلسطيني والسوري( بحيث اكتفت واشنطن بالإشارة حتى الآن إلى المبادئ الأساسية، من غير الكشف لا عن آلية محددة ولا عن أجندة دقيقة.

ورغم ذلك، ترى باريس أن السلطات السورية التي «تجد نفسها في وضع مريح» تريد أن «تطبع» علاقاتها مع واشنطن اقتداء بما حصل مع فرنسا ومع عدة بلدان أوروبية، ولهذا الغرض فإنه «ترسل إشارات إيجابية» تعكس رغبتها في التقارب مع إدارة الرئيس أوباما، الذي ترى فيه «رجل ثقة» و«جدية» في السعي إلى السلام، ناهيك عن الفلسفة السياسية التي يتبعها، والقائمة على التعامل مع الأنظمة والحكومات القائمة، بما في ذلك مع تلك التي كانت واشنطن على خلافات حادة معها.

وفي اللقاءات التي عقدت مؤخرا، أبلغ مسؤولون سوريون نظراءهم الفرنسيين، أن دمشق «ترى في أوباما رجلا متحررا من الهيمنة الإسرائيلية» وبالتالي فإنه «قادر على اتخاذ مواقف مستقلة عن ضغوطها» بحيث تصب في «مصلحة السلام العادل» في المنطقة. وإذا كان التطور الإيجابي في العلاقات الأميركية ـ السورية مرده مجيء إدارة الرئيس أوباما، غير أن باريس ترى أن المسؤولين السوريين قاموا من جانبهم بـ«جهد» للتقارب مع واشنطن في أكثر من ملف. وترى فرنسا أن التطور الأهم تناول الملف العراقي. وتفسر المصادر الفرنسية الخيار السوري بعاملين اثنين: الأول، أهمية الموضوع العراقي بالنسبة للإدارة الأميركية، وبداية بالنسبة لحياة الجنود الأميركيين، ورغبة أميركا في إنجاح خروجها من العراق بأقل الخسائر، والثاني تخوف سوري من أن تؤدي الفوضى في العراق بعد الخروج الأميركي من وقوعه تحت النفوذ والسيطرة الإيرانيين، وهو «ما تريد دمشق تفاديه».

وكان لافتا خلال الزيارة التي قام بها الوزير الفرنسي برنار كوشنير، مؤخرا إلى دمشق، أن الرئيس السوري طلب منه خلال لقائهما أن «تساعد» باريس رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مهمته. وقالت المصادر الفرنسية إن ذلك يعد «تحولا حقيقيا» في الموقف السياسي السوري الذي ترافقه «تدابير أمنية إيجابية» اتخذتها سورية على حدودها مع العراق، وتعترف واشنطن بفعاليتها.

وكان فريدريك هوف، مساعد ميتشيل للشؤون اللبنانية والسورية، سبق الأخير إلى دمشق من أجل القيام باتصالات تمهيدية، تتناول موضوع استئناف مفاوضات السلام السورية ـ الإسرائيلية، وهو ما سيكون «الطبق الرئيسي» في محادثات ميتشيل مع وزير الخارجية وليد المعلم والرئيس الأسد.

وتقول المصادر السورية إن الحوار الأميركي ـ السوري من شأنه «المساعدة على الاستقرار والأمن» في المنطقة ما يعني ضمنا أنه يشمل الملفات اللبنانية والفلسطينية والعراقية، وكلها ملفات تلعب سورية بخصوصها دورا فاعلا.

وتقول المصادر الفرنسية، إن الحوار الأميركي ـ السوري يشمل إيران والرغبة الأميركية ـ الغربية في «إبعاد» دمشق عن طهران. والسبيل إلى ذلك يتمثل في «توفير خيارات إضافية» لسورية تكون بديلا عن تحالفها مع إيران .وتتقاطع هذه الأهداف مع أخرى عربية ـ خليجية. غير أن باريس ترى أن الوصول إلى ذلك الهدف «لا يمكن أن يكون إلا في نهاية مسار وليس في بدايته» فضلا عن أنه يفترض أن تحصل دمشق على «ثمن سياسي ـ اقتصادي له» ليس أقله استعادة الجولان والاعتراف بالمصالح السورية الإستراتيجية والحصول على مساعدات تمكن السلطات السورية من تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلد.