«بشير الأميركي» فتح للمباحث الأميركية نافذة نادرة على تجنيد الأجانب في معسكرات «القاعدة»

اعترافاته قادت إلى محاكمة 6 أفراد في بلجيكا بتهمة التخطيط لشن هجمات إرهابية > ذهب إلى بيشاور للبحث عن زوجة فوقع في قبضة الأمن

TT

وافق برايانت نيل فيناس، الشاب الأميركي الذي كان يعيش دون هدف وسافر من لونغ آيلاند إلى باكستان لكي ينضم إلى «القاعدة»، على القيام بهجوم انتحاري في العام الماضي.

وبعد ذلك، قام الشاب الذي كان يعرف بالاسم المستعار «بشير الأميركي»، برحلة داخلية إلى مدينة باكستانية بحثا عن زوجة. وفي بيشاور، قام العملاء الباكستانيون بالقبض على ذلك الأميركي المهتدي إلى الإسلام، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وهذه الفصول في سلسلة أسفار فيناس تمتلئ بالتفاصيل المتعلقة بكيفية استخدام «القاعدة» لطلبات التقديم، والتقييمات المكتوبة للطلاب، وتوجيه الحياة في معسكرات الإرهابيين، وتدريب الطلاب على أجهزة كتم الصوت وبناء الأحزمة الناسفة، وقد ورد ذلك كله في وثيقة خاصة بمحامي دفاع بلجيكي من ملخص لأجزاء من التحقيقات التي أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالية مع فيناس. وفي شهر يناير (كانون الثاني) وقف فيناس البالغ من العمر 26 عاما في جلسة استماع في محكمة «فيدرال ديستركت» في بروكلين واعترف بالتهم المنسوبة إليه خلال مدة بقائه في باكستان وأفغانستان. وقد اعترف بتلقي تدريب لدى تنظيم القاعدة والتآمر على قتل جنود أميركيين وتقديم المعلومات إلى قادة إرهابيين يمكن أن تؤدي إلى هجمات على خطط السكك الحديدية في لونغ آيلاند. ويعتبر اعتراف فيناس جوهريا في محاكمة ستة أفراد في بلجيكا بتهمة التخطيط لشن هجمات إرهابية في هذا البلد. ولكن حتى الوقت الحالي فإن الملخص يقدم نافذة نادرة للحياة وتدريب الطلاب في تنظيم القاعدة ممن يعيشون في جبال غرب باكستان، فضلا عن تصوير حياة ورغبات فيناس، الذي بدأ كشاب شاحب الوجه وله شعر داكن، وقد اهتدى إلى الإسلام وقطع نصف الكرة الأرضية لكي يحارب القوات الأميركية. وتوضح الوثيقة القبول السريع لفيناس وتقدمه في الفصول التدريبية بعد أسابيع من وصوله إلى باكستان وتدربه على معالجة المتفجرات مثل «تي إن تي»، و«سي فور»، والتقارير المكتوبة عنه بعد فترة من العمل على أمور مثل الخطف والاغتيال.

وعلى النقيض من ذلك، ففي الولايات المتحدة، يبدو فيناس وقد ترك أقل قدر من العمل. فهناك الكثير مما لم يكشف عنه فيما يتعلق بسبب اهتدائه إلى الإسلام وكيف توجه نحو اعتناق فكر «القاعدة». فهو لم يكن أحد أفراد العصابات مثل جوس باديلا الذي ولد في بروكلين وحكم عليه بالتآمر الإرهابي، ولم يكن منعزلا مثل الأميركي من أصل يمني في لاكاوانا بنيويورك الذي اعترف بحضور معسكرات التدريب لدى تنظيم القاعدة.

ويبدو أن الشاب رقيق الكلام والمصاب بالربو قد تأثر بقضية الطلاق الحادة بين والديه. وقد أفاد أحد أصدقائه بأنه قد انغمس في تناول المخدرات، وبعد ذلك أصبح يسير على «الطريق المستقيم» بل إنه قام برسم صلبان على يده ليشير إلى التزامه بأسلوب الحياة غير المسرف في الملذات والشهوات. لكن معظم زملائه القدامى في الدراسة يقولون إنهم لا يعرفون سوى القليل عنه أو إنهم لا يتذكرونه. وقد التحق بالجيش عام 2002 لكنه استبعد بعد ثلاثة أسابيع فقط في فورت جاكسون بساوث كارولينا، إما لأسباب صحية أو لأنه لم يتأقلم مع الحياة العسكرية الصارمة. بل إن والدته التي ظلت بعيدة عنه فترة طويلة بعد انتقاله للعيش مع والده قبل تسعة أعوام، كانت تتحدث عن فيناس وكأنه شخص غريب. وقالت وهي تجلس في سيارة خارج بيتها المتواضع في ميدفورد بلونغ آيلاند «لقد حطم قلبي. إنه ليس ابني. حظ سعيد له. لقد اختار أن يكون كذلك».

وحسب مذكرات التحقيق، فإن فيناس قد اهتدى إلى الإسلام عام 2004 وهو يعتبر نفسه عضوا في الجماعة السلفية وهي جماعة أصوليه تتبع المذهب الإسلامي السني. وحتى بداية عام 2007، كان لا يزال يحضر محاضرات في الهيئة الإسلامية في لونغ آيلاند في سيلدن على الرغم من أن قليلا من الأعضاء الباكستانيين والبنغال الموجودين هناك قالوا إنهم يتذكرون الكثير عنه. وقال نيار إمام وهو إمام المسجد ويعمل صيدلانيا ومن أصل باكستاني «لقد كان مهذبا تماما ورقيق الكلام ولم يتحدث في السياسة على الإطلاق».

والمسجد مقام على كنيسة قديمة ويقع وسط مجموعة من محلات البقالة الحلال ويجذب نحو 400 شخص في خطبة الجمعة. ويقول إمام إنه يراقب الغرباء فضلا عن أولئك الذين يحاولون تجنيد أعضاء في الجماعات المتشددة. وفي العاشر من سبتمبر (أيلول) عام 2007 استقل فيناس طائرة إلى لاهور في باكستان. وفي ملخص التحقيقات، قال إنه اعتمد على أصدقائه في مساعدته على ترتيب رحلة سفره، لكنه قال إنه لم يعرف شيئا عن الخطط المعدة له. وبمجرد وصوله إلى لاهور، اتصل بشخص آخر من نيويورك (لم يكشف عن هويته في الموجز) وقد دله على معسكرات التدريب التابعة لـ«القاعدة». وفي غضون ثلاثة أسابيع، اتجه فيناس إلى الحدود الجبلية في مقاطعة كونار بأفغانستان بصحبة عناصر مسلحة. وقد هاجم البعض منهم قاعدة عسكرية أفغانية بالبنادق والصواريخ والقنابل اليدوية، بينما قام آخرون ومن بينهم فيناس بتخزين الذخيرة في سفح أحد الجبال. ومع رجوعه إلى باكستان، طلب من الشاب الذي جاء من لونغ آيلاند أن يصبح عضوا في وحدة تقوم بتنفيذ الهجمات الانتحارية. وقد وافق على ذلك، لكن قادة «القاعدة» أعادوا التفكير في الأمر مرة أخرى وقالوا إنه يحتاج إلى المزيد من التعليم الديني. وبعد ذلك وفي وزيرستان بين مارس (آذار) ويوليو (تموز) 2008، انخرط فيناس في التعليم الديني لـ«القاعدة». وقد كانت هناك ثلاث دورات دراسية أساسية، يحضر في كل منها من 10 إلى 20 طالبا حسبما ورد في مذكرات التحقيق.

* خدمة «نيويورك تايمز»