مسؤول أميركي يؤكد لقاءين مع «مجلس المقاومة» العراقية في تركيا بعلم بغداد.. والهاشمي ينفي التمهيد لهما

ممثل عن الجماعة المسلحة: الأميركيون رفضوا شروطنا.. وكشفنا أمر المباحثات للضغط

TT

فيما أكد مسؤول أميركي علم أطراف في الحكومة العراقية باجتماع ضم عددا من فصائل «المقاومة» فيما يسمى بـ«المجلس السياسي للمقاومة العراقية» والجانب الأميركي، وتوقيع بروتوكول بينهما لدخول تلك الجماعة في العملية السياسية في البلاد وخوض الانتخابات النيابية المقبلة، نفى مكتب نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي ما ورد في تقارير عن أن الهاشمي كان وسيطا لترتيب ذلك اللقاء.

وكان طارق الهاشمي قد توجه إلى تركيا مرات عدة خلال العامين الماضي والحالي، كانت آخرها في يونيو (حزيران) الماضي والتقى خلالها بكبار المسؤولين الأتراك. وقال مصدر في مكتب الهاشمي لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة الهاشمي إلى تركيا كانت تحمل عدة ملفات من بينها وأهمها ملف المياه وتدفقها وزيادة الحصة عبر نهر الفرات»، نافيا أن «يكون هناك أي لقاء أو تنسيق مع أي جهة تقول إنها من المقاومة أو شخصيات من السفارة الأميركية كما ادعت بعض وسائل الإعلام، وقد نشر المكتب تكذيبا مباشرا على إحدى الصحف العراقية التي أشارت إلى مثل هذه الوساطة بين الأميركان والمقاومة».

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن صحيفة عراقية محلية، ذات ميول شيعية، أن «قادة سياسيين عراقيين كبارا مشاركين في العملية السياسية هم عرّابو اللقاءات السياسية التي جرت بين ممثلي المجلس السياسي ورجال الأمن الأميركيين، يقف على رأسهم طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية الذي قضى أياما في تركيا حول هذا الموضوع».

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت أنها اطلعت على «بروتوكول ينظم الجلسات التفاوضية بين ما يسمى بممثلي المجلس السياسي للمقاومة، وممثلي الحكومة الأميركية، وبشهادة ممثل الحكومة التركية». وذكر بيان للحكومة أنه تقرر «توجيه مذكرتي استفسار خطيتين إلى سفارتي الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية التركية في بغداد حول هذا الموضوع، وما يحمله البروتوكول في طياته من تدخل في الشأن السياسي العراقي الداخلي، مع التأكيد على السفارتين الأميركية والتركية بتقديم أجوبة واضحة».

وتتزامن هذه المعلومات مع زيارة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي إلى الولايات المتحدة، وحصوله على تأكيدات من الرئيس الأميركي باراك أوباما بعدم التساهل مع من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين.

من جانبها، قالت صحيفة «واشنطن بوست» في عددها أمس إن المفاوضات بين الأميركيين وبين قادة الفصيل المسلح جرت على جولتين في الربيع الماضي.

وأشارت إلى أن المفاوضات ضمت ثلاثة على الأقل من قادة الجماعات المسلحة وثلاثة مسؤولين من وزارة الخارجية الأميركية حين جرى لقاءان في آذار (مارس) ومايو (آيار) الماضيين. وأنه كان من المفترض عقد اجتماع ثالث في يونيو (حزيران) غير أنه تعذر عقده، حسب ما أوردته الصحيفة نقلا عن الشيخ علي الجبوري ممثل الفصيل المسلح في اتصال هاتفي من قطر.

وأحجم مسؤولون أميركيون عن ذكر تفاصيل الاجتماعين، غير أنهم أكدوا وقوعهما في مارس (آذار) ومايو (أيار) الماضيين. وقال بي جي كراولي، متحدث باسم الخارجية الأميركية، إن مسؤولين دبلوماسيين وعسكريين «التقوا بفصيل واسع من الشخصيات بغرض تعزيز المصالحة والوحدة الوطنية»، مضيفا أن الاجتماعين وقعا منذ أشهر قلائل وبعلم مسؤولين في الحكومة العراقية، كما أكد مسؤولون أتراك عقد الاجتماعين في تركيا. غير أن سامي العسكري، النائب المقرب من المالكي، نفى معرفة الأخير بتلك اللقاءات.

وقال الجبوري إنه كشف عن الاجتماعين كوسيلة للضغط على الجانب الأميركي الذي كان قد قرر عدم عقد اجتماع ثالث. وذكر الجبوري أنه لم يكن مشاركا في تلك المحادثات، كما أحجم عن ذكر أسماء الشخصيات التي شاركت فيها.

وقال الجبوري إنه كان للفصيل المسلح أربعة مطالب، وهي اعتذار رسمي أميركي للشعب العراقي عن احتلال العراق، وإطلاق سراح جميع المعتقلين، والتعهد بإعادة إعمار العراق، ودعم أميركي للإصلاح في البلاد الذي يتضمن وصول الفصيل المسلح إلى الحياة السياسية. وقال الجبوري إن «مطالبنا ليست بمستحيلة»، مضيفا أن «الأميركيين فقدوا تأثيرهم في العراق والقوة الآن لصالح دول أخرى كإيران»، بحسب الصحيفة.

ومن جانبه، قال وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري لـ"الشرق الاوسط": "استغربنا من عقد هكذا اجتماع" بين ممثلين عن فصائل مسلحة وممثلين عن الحكومتين اميركية وتركية. وشدد زيباري على اهمية الحرص في التدقيق من هذه المعلومات، قائلاً: "بدأنا نتحقق من صدقية الوثيقة ومصداقية ما اثير". واضاف: "اجرينا اتصالات مع الجانبين التركي والاميركي لمعرفة حقيقة الموضوع". وتترقب الحكومة الرد من الجهتين حول هذا الاجتماع.

وأشارت مصادر مطلعة لـ«لشرق الأوسط» إلى أن «المجلس السياسي للمقاومة العراقية» يضم تحت جناحه أربعة فصائل، هي «حماس العراق» و«الجيش الإسلامي» و«الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية (جامع)» و«أنصار السنة والهيئة الشرعية». وأضافت تلك المصادر أن تلك المجاميع متواجدة في سورية ولها أطراف سرية داخل العراق، وأن لدى هذه الأطراف اتصالات بالجانب الأميركي، وقد تم تنسيق اللقاء من داخل العراق وصولا إلى تركيا.

وقالت المصادر المطلعة إن «هذه الفصائل الأربعة قد شكلت مجلسها السياسي، وهي مدعومة من دولة عربية، وإن أحد رجال الأعمال العرب المعروفين يقوم بتمويل هذه المجاميع وإنه قام ومجموعة من داخل العراق بالتوسط لإجراء اللقاء مع الأميركيين»، وأوضحت المصادر أن الهدف من هذه اللقاءات هو الحصول على دعم أميركي لدخول العملية السياسية من خلال الانتخابات القادمة. إلى ذلك، نفت مصادر مطلعة من التيار الصدري أن يكون الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قد التقى أثناء زيارته التي أجراها في مايو (أيار) الماضي إلى تركيا أو زيارته الحالية إلى سورية بأي من تلك الفصائل. وأكدت تلك المصادر المطلعة أن الصدر «التقى بالمقاومة من التيار الصدري تحديدا».

وكانت مصادر من التيار الصدري قد كشفت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» عن نية الصدر اللقاء بـ«المقاومة العراقية للاحتلال الأميركي» خلال تواجده في سورية التي وصل إليها قادما من إيران. وقالت المصادر المطلعة إن «المقاومة الشيعية كانت جزءا من التيار الصدري لكنها انفصلت ورفضت أن تكون ضمن المقاومة التي لا تعترف بالفوارق المذهبية وتكون تحت خيمة العراق، فكونت لها فصيلا أطلق عليه المقاومة الإسلامية الشيعية»، وأضافت «أما المقاومة الأخرى (السنية) فهي مقاومة اندس فيها البعثيون من أجل الوصول إلى السلطة، وهناك 13 فصيلا شكلها ضباط في المخابرات العراقية السابقة وحزب البعث من أجل العودة للعملية السياسية في محاولة للدخول كأشخاص فيها ثم معاودة الانفصال بعد ذلك لتشكيل حزبهم من جديد (البعث) والذي يطلق عليه الآن حزب العودة».