المالكي يبحث تنفيذ الاتفاق الاستراتيجي مع كلينتون.. وتزويد قواته بأسلحة

رئيس الوزراء العراقي يعد بحماية المستثمرين الأميركيين من التقلبات

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يضع إكليلا من الزهور على قبر الجندي المجهول في مقبرة ارلنغتون التي تضم رفاة قتلى الجنود الأميركيين في فرجينيا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

ترأس نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، اجتماع لجنة التنسيق العليا بين العراق والولايات المتحدة لتنفيذ اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أمس. وهذا الاجتماع الموسع يعتبر محطة أساسية في انتقال العلاقات بين العراق والولايات المتحدة من علاقة أمنية وعسكرية إلى علاقة موسعة ترتكز على التعاون السياسي والاقتصادي.

وصرح مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال المتقاعد جيم جونز بأن «اجتماع اللجنة التنسيقية العليا تهدف إلى تنفيذ اتفاقية الإطار الاستراتيجي وكيفية توسيع التعاون السياسي والاقتصادي»، موضحا أن ترأس المالكي وكلينتون الاجتماع «فرصة لتنسيق دعم العلاقات الطبيعية» بين البلدين. وجاءت تصريحات جونز خلال مشاركته في اجتماع «مبادرة الأعمال في العراق» في غرفة التجارة الأميركية التي ألقى المالكي الكلمة الرئيسية فيه. وشدد المالكي على استعداد الحكومة العراقية لحماية أموال المستثمرين، موضحا أن البرلمان العراقي سيقر إصلاحات لقانون الاستثمار. وقال المالكي: «إذا أنجزنا صفحة الأمن أجد نفسي مسرورا أن أقف أمامكم لنعرض عليكم تطلعاتنا وعملية الإعمار والبناء وتعويض الشعب العراقي عما عاناه من حرمان». وتعهد أن «الاستثمار في العراق سيكون محميا من القانون وليس عرضة للتقلبات السياسية والأمنية». ودعا المالكي الشركات الأميركية بالاستثمار في العراق، موضحا أن «كل شيء في العراق يحتاج إلى إعادة إعمار وتجديد من آبار النفط إلى الغاز الذي ما زال يحترق من دون استثمار كذلك المياه والمعامل المتوقفة والزراعة».

واستطاع المالكي خلال زيارة إلى الولايات المتحدة إزالة بعض التوتر الذي أثير بينه وبين مسؤولين أميركيين في الفترة السابقة. وقال المالكي في مستهل كلمته في غرفة التجارة الأميركية: «بلدانا اشتركا في ملحمة تاريخية قل نظيرها في العالم المعاصر في التصدي لأشد هجمة إرهابية». وأضاف أن العراق والولايات المتحدة شركاء في «منع تداعيات الهجمة الإرهابية ومنع انزلاق البلاد إلى الحرب الأهلية، وهي ثمرة التضحيات التي قدمها البلدان.. لقد دفعنا شبح الحرب الأهلية والتقسيم». وحصل المالكي على دعم كبير خلال مشاركته في اجتماع غرفة التجارة الأميركية، حيث اعتبر جونز أن «بقيادة رئيس الوزراء المالكي، العراق يتولى مسؤولية مستقبلة». وأضاف: «يمكننا أن نفخر في هذه المرحلة من العلاقات.. يا سيد رئيس الوزراء نتمنى لك الخير بينما نعبر معك إلى مرحلة جديدة لمستقبل واعد ولامع». ويذكر أن جونز كان عضوا في غرفة التجارة الأميركية ولديه تاريخ طويل معها. ويذكر أيضا أن المسؤولين الأميركيين شعروا بارتياح لزيارة المالكي لمقبرة «ارلينغتون» للجنود الأميركيين، وهو المسؤول الأبرز الذي زار المقبرة منذ حرب 2003. وأعلن أمس عن عقد مؤتمر موسع للاستثمار، في واشنطن يومي 20 و21 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، برعاية غرفة التجارة الأميركية. وقال المالكي إن هذا الاجتماع سيكمل ما بدأه مؤتمر الاستثمار في لندن في أبريل (نيسان) الماضي الذي افتتحه المالكي. ويعتبر الجانب الاقتصادي والتجاري أساسيا في المرحلة المقبلة لعلاقات البلدين. ولفت جونز إلى أهمية الجانب الاقتصادي وتعاون القطاع الخاص في استقرار العراق، قائلا: «المرحلة المقبلة ستربطنا بشكل أكبر سويا». وأضاف جونز أن الولايات المتحدة ستدعم التحاق العراق بمنظمة التجارة الحرة، بالإضافة إلى اعتباره «الإعلان عن عقود النفط الشهر الماضي كان مثاليا وعادلا». وضمن جهود تنفيذ أطر تعاون عراقية ـ أميركية خارج الإطار الأمني، أعلنت الحكومة العراقية عزمها التعامل مع كونسورتيوم فيه 22 جامعة أميركية أساسية وتشارك حوالي 250 جامعة بشكل عام فيه لتطوير التعليم العالي في العراق واستقبال الطلاب العراقيين على منح حكومية. ويشارك المالكي اليوم في فعالية في «أكاديمية التنمية والتعليم» في واشنطن للإعلان عن التعاون الأكاديمي بين البلدين.

وقال زهير عبد الغني حمادي، وهو مستشار لرئيس الوزراء العراقي ويترأس اللجنة التعليمية العليا: «حرصنا على أن تكون المبادرة بعيدة عن الطائفية والمحاصصة»، موضحا أن طريقة توزيع المنح تتبع التعداد السكاني لكل محافظة. وأضاف في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»: «رئيس الوزراء تعهد لنا بعدم دخول الطائفية في مشروعنا وهذا ما حرصنا عليه». كما أطلقت مبادرة لإرسال 10 آلاف طالب عراقي لإكمال الدراسات الجامعية والدراسات العليا في الخارج على مدار الخمس سنوات المقبلة. ولكن اللجنة التعليمية العراقية العليا ما زالت في طور التطوير وتقرر إرسال 500 طالب فقط هذا العام. إلا أن الحكومة الحالية تبقى لديها 6 أشهر فقط قبل الانتخابات العامة المقبلة، مما يعرض هذه الخطط إلى مخاطر التغيير التي قد تجلبها الحكومة المقبلة. وردا على سؤال حول احتمال تأثير نتائج الانتخابات وتغيير الحكومة على هذه الخطط، قال حمادي: «هناك إجماع شامل في العراق على أهمية التعليم، والحصول على التعليم مطلب عام، الكل يريده وليس فقط الأغنياء أو الطبقة الوسطى بل أولئك الذين ينتسبون إلى الطبقات ذات الدخل المحدود أيضا». وكان المالكي قد بحث مساء أول من أمس تزويد بلاده بالأسلحة، وبقاء جنود أميركيين إلى ما بعد الانسحاب التام نهاية عام 2011.

وأجرى المالكي محادثات مع وزير الدفاع روبرت غيتس مساء الخميس حول احتياجات الجيش العراقي في مجال التجهيز. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جيف موريل بعد اللقاء إن العراقيين «بحاجة لتجهيزات كبيرة ولا يخافون من التعبير عن ذلك». وأضاف «أن الاحتياجات تشمل الجو والبر والبحر». لكنه رفض الكشف عن تفاصيل ما تضمنته طلبات بغداد للتسلح.

وكان المالكي قد ألمح إلى بقاء محتمل لقوات أميركية بعد نهاية عام 2011، تاريخ الرحيل النهائي للجيش الأميركي عن العراق. وقال خلال كلمة ألقاها في معهد أبحاث في واشنطن «طبقا للاتفاقية الموقعة في نوفمبر (تشرين الثاني) بين البلدين، فإن الوجود الأميركي ينتهي عام 2011». وأضاف «رغم ذلك، في حال تطلبت القوات العراقية المزيد من التأهيل والدعم، فسنبحث ذلك عندها وفقا لحاجات العراق».