حكومة مليلية المحلية تطالب مدريد بإيقاف إجراءات تسليم مغربيين متهمين في عمليات إرهابية

الحكومة الإسبانية لم تتخذ قرارا نهائيا.. والقضية تحولت إلى جدل سياسي

TT

حذرت الحكومة المحلية لمدينة مليلية التي تحتلها إسبانيا في شمال المغرب من العواقب التي يمكن أن تترتب على تسليم مطلوبين من سكان المدينة من طرف السلطات المغربية بسبب ارتباطهما بأنشطة إرهابية منسوبة إلى « تنظيمات جهادية» في المغرب. ولم تحدد السلطات المحتلة طبيعة تلك العواقب والمتضررين منها.

وطالب دانييل كونيصا، المتحدث باسم الحكومة المحلية التي يسيطر عليها الحزب الشعبي الإسباني المحافظ، من الحكومة المركزية في مدريد أن توقف الإجراءات القضائية المتعلقة بتسليم مغاربة يحملون جنسيات مزدوجة (الإسبانية والبلجيكية) وهما علي أعراس ومحمد الباي، اللذان سبق للرباط أن أصدرت ضدهما مذكرة اعتقال دولية، نفذها الأمن الإسباني الذي اعتقلهما في أبريل (نيسان) من العام الماضي، بمدينة مليلية حيث عثرت عناصر الأمن بسكناهما على قرائن وأدلة ترجح اتهام المغرب لهما، نقلا على أثر ذلك إلى مدريد حيث تم التحقيق معهما وتم فحص المحجوزات في مختبرات الشرطة العلمية، فتبين للقضاء الإسباني مشروعية الطلب المغربي خاصة أن أعراس والباي محتفظان بالجنسية المغربية.

وقالت حكومة مليلية إن أمر ترحيل المطلوبين إلى المغرب لمواجهة التهم المنسوبة إليهما تقرره الحكومة في مدريد، لكنها ناشدت المغرب أن يكتفي بإيفاد إنابة قضائية تتولى استجواب المتهمين فوق الأراضي الإسبانية على أن يكتفي الجانب القضائي المغربي بعرض حججه وبعدها يقرر القضاء الإسباني إن كانت الأدلة كافية ليقرر محاكمتهما وأن تتولى المهمة العدالة الإسبانية وليس المغربية. على اعتبار أنهما مواطنان أوروبيان، يمنع القانون محاكمتهما خارج بلدان الاتحاد الأوروبي.

وأثار هذا الموضوع ردود فعل كثيرة في مدينة مليلية، استغلها الحزب الحاكم في إطار السجال السياسي المستمر بينه وبين الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم في مدريد والمعارض في مليلية. وسجل تطورا مثيرا بخصوص هذه الواقعة، إذ انحاز الحزب الشعبي كلية إلى جانب عائلتي أعراس والباي اللتين تحظيان بدعم بعض السكان المغاربة المقيمين في مليلية، بل إن الحزب الشعبي تبنى أطروحة التمييز الرائجة بين سكان المدينة من أصل إسباني وبين المغاربة، إذ يعتقد بعض المغاربة هناك أنه لو تعلق الأمر بإسبانيين خالصين لما وافقت الحكومة المركزية على ترحيلهما. واستغل الحزب الشعبي تلك الحملة لاستمالة مغاربة مليلية للتصويت على مرشحيه في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت في شهر يونيو (حزيران) الماضي.

يذكر أن المحققين الأمنيين المغاربة تكونت لديهم قناعة من خلال التحريات التي أجروها على فترات، أن أعراس، له صلة بتفجيرات الدار البيضاء في مايو (أيار) 2003 التي أسفرت عن قتلى وجرحى، في حين تشتبه في انتماء المتهم محمد الباي لخلية عبد القادر بلعيرج الإرهابية التي تحاكم في محكمة الاستئناف بمدينة سلا المجاورة للرباط.

ويعتقد المحققون المغاربة أن الاستماع إلى أعراس والباي، سيلقي أضواء على مناطق ما زالت معتمة في ملفي خلية بلعيرج وأحداث الدار البيضاء، خاصة أن المحققين يشكون في أن الباي كان مكلفا بالحصول على الأسلحة من أوروبا لفائدة تنظيم بلعيرج وإدخالها إلى المغرب عن طريق مليلية القريبة من مدينة الناضور، حيث تنشط بين المدينتين شبكات تهريب البضائع والمخدرات القادرة على إدخال كل الممنوعات.

وفي سياق آخر سلمت السلطات الإسبانية أخيرا تاجر المخدرات الملقب «النيني» الذي هرب من سجن القنيطرة أواخر عام 2007 وأصدر المغرب في حقه نفس الإجراء الذي استجاب له القضاء الإسباني في أعلى مستوياته ممثلا في المحكمة الوطنية والمحكمة العليا اللتين اعتمدتا الجنسية الأصلية وليست التي اكتسبها «النيني» الذي استفاد بدوره من تعاطف فئات من سكان سبتة المحتلة، رغم أنه تاجر دولي للمخدرات تصل ثروته إلى ما يقرب 35 مليون يورو. ويواجه الآن نتائج أفعاله في السجن بالمغرب.

وواجهت الحكومة الإسبانية بخصوص الملفين المذكورين ضغوطات من الرأي العام وخاصة في سبتة ومليلية التي حركتها جهات غامضة لكنها في النهاية اختارت الامتثال للسلطة القضائية لكي لا يكون الامتناع عن الترحيل سابقة، على الرغم من أن دفاع «النيني» أوصل ملف موكله إلى ردهات محكمة العدل الأوروبية في «ستراسبورغ» التي واجهت إحراجا مما دفعها إلى تسجيل الملف دون البت فيه.