حاكم كردفان السابق لـ«الشرق الأوسط»: أبيي ستتحول إلى حالة أشبه بالصحراء الغربية

عبد الرسول النور القيادي في قبيلة المسيرية: أخذوا منا «بحر العرب».. ومناطق تاريخية عزيزة علينا

عبد الرسول النور
TT

قال قيادي بارز من قبيلة المسيرية العربية في منطقة «أبيي» التي أعيد ترسيم حدودها بقرار من هيئة التحكيم الدولية في لاهاي الأربعاء الماضي، إن المنطقة ستتحول إلى مرحلة صراع جديدة، يتمثل في عملية الاستفتاء المقررة في يناير (كانون الثاني) 2011، لتحديد تبعيتها سواء إلى الجنوب أم الشمال، مشيرا إلى أن قبيلته «قبلت بالتحكيم رغم أنه غير مرض.. وسلب منا بحر العرب، ومناطق تاريخية عزيزة لدينا».

وكشف عبد الرسول النور القيادي في المسيرية وحاكم إقليم كردفان السابق في حوار مع «الشرق الأوسط» أنهم يستعدون من الآن إلى مرحلة الاستفتاء حول مصير أبيي «حتى تبقى ضمن حدود الشمال»، وقال إن المعركة الآن تتمثل في من يحق له المشاركة في الاستفتاء. وكانت المحكمة قلصت مساحة المنطقة، مما أخرج مناطق البترول منها، واعتبرت قبيلة الدينكا نقوك (الأفريقية) كبرى قبائل المنطقة، هم السكان الأصليون فيها، لكنها سمحت لقبيلة المسيرية الرعوية، بحرية التنقل فيها، واستخدام مياه الأنهار في المنطقة. وقد احتج مسؤولون في القبيلة العربية، على أنهم لا يريدون النفط، ولكن يريدون المراعي لمواشيهم الضخمة، ومصادر المياه، ويعتبرون أن جميع الأراضي شمال بحر العرب هي أراضيهم، بما فيها مدينة أبيي حاضرة المنطقة، فيما المناطق جنوب بحر العرب هي لقبيلة دينكا نقوك. ودحض النور أقوال المسؤولين في الحركة الشعبية بأن الاستفتاء هو فقط من حق قبيلة الدينكا. وقال «من حق المسيرية المشاركة في الاستفتاء حسب برتوكول أبيي في اتفاق نيفاشا» (اتفاق السلام بين الشمال والجنوب وقع عام 2005 وأنهى الحرب الأهلية)، وشدد النور وهو من بين أبناء قبيلة المسيرية المشاركين في عمليات المرافعة حول التحكيم وحضر جلسة إعلان القرار في لاهاي «إذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق، فإن الاستفتاء لن يقوم في أبيي»، وحذر من أن المنطقة ستصبح مثل وضع الصحراء الغربية، بين المغرب والبوليساريو، إذا لم يحدد الأشخاص الذين يحق لهم التصويت. وتوقع حدوث احتكاكات في المنطقة في الفترة المقبلة بعد صدور القرار.

* أنت شاركت في جملة مراحل مرافعات التحكيم لصالح قبيلة المسيرية التي تنتمي إليها، وشاركت في الجلسة التي أعلن فيها الحكم، فما هو رأيكم في قرار هيئة التحكيم الدولية؟

ـ كنا نتوقع حكما أفضل من هذا، نتفق مع أقوال القاضي «الحصاونة»، أحد قضاة المحكمة الذي اعترض على قرار الحكم، ونرى أنه غير مرض.

* هل هناك إيجابيات يمكن ذكرها في قرار المحكمة؟

ـ نعم، نحن طالبنا منذ أربعة أعوام بأن تقرير خبراء أبيي غير مقبول لأنه تجاوز الصلاحيات الممنوحة للخبراء، والآن قالت المحكمة إنهم تجاوزوا في 7 نقاط من جملة 11 نقطة، ويكفي التجاوز في نقطة واحدة في مثل هذه الأمور، هذه إيجابية، كما أن المحكمة أقرت حقوق الرعي والتنقل للمسيرية، وحصرت المنطقة التي يفترض تقرير مصيرها في عام 2011 عبر الاستفتاء.

* أين هي السلبيات، في القرار؟

ـ أعطوهم نهر «بحر العرب»، وكل روافده، أعطوهم حتى آخر رافد للبحر في الشمال، كما أخذوا منا عددا من المناطق التاريخية بالنسبة لنا، في قبيلة المسيرية، لذلك نحن نقول إننا قبلنا القرار مع عدم الرضا.

* كيف تفكرون في المستقبل، خاصة وأنكم تتحدثون عن عدم الرضا؟

ـ نحن نستعد من الآن للاستفتاء حول مصير أبيي، حتى تظل شمالية.

* ولكن قيادات في الحركة الشعبية صرحت بأن التصويت في استفتاء أبيي لدينكا نقوك فقط، وغير مسموح للمسيرية بالتصويت في العملية؟

ـ هذا الكلام غير صحيح برتوكول أبيي، الذي تم التوقيع عليه من قبل الشريكين في نيفاشا نص على سكان المنطقة دون تحديد قبيلة معينة.

* لكن قرار المحكمة تحدث عن الحقوق التقليدية والثانوية؟

ـ الحقوق التقليدية تشمل سكان المنطقة، وهي مثل الرعي وحق التصويت والتملك والتنقل وغيرها.

* الحكم قال إن الأرض لدينكا نقوك حسب التفسير القبلي للحكم، فكيف يشارك المسيرية في الاستفتاء؟

ـ في الاستفتاء الحديث يقوم على الجغرافيا، وليس على من الذي سكن في أبيي.

* هناك من يرى أن هناك معضلة حول تحديد الشخص المسموح له بالتصويت في أبيي؟

ـ نعم إذا لم يتفق الطرفان، فإن قضية أبيي ستظل عقدة مستمرة، مثل عقدة «الصحراء الغربية»، في المغرب، التي ظلت لعقود غير محسومة بسبب من هو الشخص المسموح له بالتصويت، بشأن مصير الصحراء. ولكن نحن نعمل على تغيير الاستراتيجية.

* وما هي ملامحها؟

ـ الإجابة ليست الآن.

* هل تتوقع حدوث احتكاكات بين المسيرية والدينكا بعد القرار؟

ـ نحن المسيرية من مصلحتنا أن تحل المشكلة سياسيا، ونسعى معا للحل السياسي.

* في حال مشاركة المسيرية في الاستفتاء، هل لديكم ثقة من أنهم سيرجحون كفة إبقاء أبيي في الشمال؟

ـ حسب البرتوكول، فإن المسيرية سيشاركون في الاستفتاء، وسيم ذلك عبر ترتيبات مشتركة بين الشريكين، كما انني أقول إن المسيرية هناك عددهم كبير، كما أن هناك عددا كبيرا من دينكا نقوك معنا يتحدثون عن البقاء في الشمال.

* هل تتوقع أن تعود هذه «العقدة» بالشريكين مرة أخرى إلى المحكمة للتحكيم بشأنها؟

ـ هذا صراع جديد، يحكم فيه الشريكان، بالعودة إلى بروتوكول أبيي، الذي يشير إلى ترتيبات يجب أن تتخذ لتقرير مصير أبيي. لا أتوقع أنهما سيعودان للمحكمة مرة أخرى.. وأقول إن البروتوكول أعطى حق المواطنة المشتركة لسكان أبيي في حال الانفصال، أي أن يحمل سكانها من مسيرية ودينكا نقوك الجنسية المزدوجة. أرى أن البروتوكول جيد.

* ولكن لم يحدد من الشخص الذي يحق له التصويت؟

ـ لا هذا محسوم في البروتوكول، أما إذا اختلف الشريكان في هذا الأمر فلن يحدث الاستفتاء أبدا، وستظل أبيي مثل الصحراء الغربية، تابعة للرئاسة. هناك مجموعات من السكان العرب يعيشون في حوالي 6 آلاف كيلومتر في منطقة التماس مع الجنوب، يقضون نحو 8 أشهر في جنوب السودان سنويا، كيف لا يحق لهم التصويت في الاستفتاء المقبل، لتقرير مصير جنوب السودان بين الانفصال أو الوحدة (عام 2011). نحن ندعو في الفترة المقبلة لمؤتمر يضم هؤلاء وهم نحو 22 قبيلة في التماس لنقول من خلاله نحن جزء من أي استفتاء.

* اتفاق السلام قال إن الاستفتاء لسكان جنوب السودان، وهذه القبائل شمالية في الأساس؟

ـ نعم قال سكان جنوب السودان، ولكن لم يقل قبيلة محددة، ونحن سكان التماس نقضي 8 أشهر في الجنوب، نحن سكان في الجنوب، ولذا يحق لنا التصويت في الاستفتاء المقبل، نحن نفهم من خلال الاتفاق، الجنوب الجغرافي وليس الجنوب من حيث الجنس أو الإثنية.