مسؤول برلماني: واشنطن أبلغت بغداد بأنها ما زالت مسؤولة عن سياسة العراق

الهاشمي يجدد نفيه الضلوع بالمحادثات مع المسلحين ويطالب بفتح تحقيق «عالي المستوى» لكشف ملابسات المفاوضات في تركيا

TT

فيما يستمر السجال السياسي في العراق حول البروتوكول الذي تردد أنه وقع بين ما يعرف بـ«المجلس السياسي للمقاومة» العراقية وممثلين عن الحكومة الأميركية برعاية تركية، لضم المجموعة المسلحة إلى العملية السياسية، طالب نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي، بفتح تحقيق «على مستوى عال» من أجل كشف ملابسات هذا الموضوع وإطلاع الرأي العام على الحقيقة، وجاءت مطالبة الهاشمي إثر توجيه اتهامات له بلعب دور الوسيط لعقد ذلك البروتوكول. وجدد الهاشمي نفيه الضلوع بـ«التمهيد» للمحادثات بين الجماعة المسلحة والجانب الأميركي، وقال بيان لمكتب الهاشمي، أمس: «لا علاقة له (الهاشمي) من قريب أو بعيد بمفاوضات تجري ـ إن صحت ـ بين أطراف أميركية من جهة وممثلي المجلس السياسي للمقاومة من جهة أخرى بوساطة تركية ولم يحضر بل لم يدعَ للمشاركة في هذه اللقاءات وليس مطلوبا منه ذلك أصلا».

وكانت الحكومة العراقية قد وجهت مذكرتي استفسار خطيتين إلى سفارتي الولايات المتحدة وتركيا حول اللقاء الذي تم في تركيا، بدون علمها وعدته تدخلا في الشأن الداخلي العراقي. غير أن متحدثا باسم وزارة الخارجية الأميركية أكد وقوع المحادثات على جولتين، وأنهما تمتا بعلم أطراف في الحكومة العراقية. كما أكد مصدر، قال إنه ممثل عن «المجلس السياسي للمقاومة»، وقوع لقاءين، وأشار إلى تعثر عقد لقاء ثالث بسبب رفض الجانب الأميركي شروط المجموعة. وأضاف بيان نائب الرئيس العراقي، الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أنه «لو تمت دعوة الهاشمي لمثل هذه الاجتماعات كممثل لمجلس الرئاسة لما تأخر في تلبيتها لأنها ببساطة تندرج في إطار المصالحة الوطنية والإسهام في حل المشكلات بين العراقيين أنفسهم». وذكر البيان أن «الوثيقة موقعة بتاريخ 6 مارس (آذار) 2009 وكان السيد النائب طيلة شهر مارس داخل العراق، وسفرات السيد النائب ومهامه في الخارج موجودة ومنشورة على الموقع لمن أراد التفاصيل».

وأشار البيان إلى أن زيارة الهاشمي الأخيرة إلى تركيا هي «إجازة شخصية تمتع بها لأول مرة منذ تسنمه منصبه منذ ما يزيد على ثلاث سنوات، استغلها في لقاءات على مستوى عال مع القادة الأتراك من أجل معالجة شح المياه في حوض الفرات حصرا ونجح في ذلك».

وكانت صحيفة محلية قد وجهت اتهامات إلى الهاشمي بلعب دور الوسيط في المباحثات بين الطرفين. إلى ذلك، أكد عادل البرواري، النائب عن التحالف الكردستاني، وعضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، أن الحكومة العراقية تلقت جوابا من قبل السفارة الأميركية حول استفساراتها التي تقدمت بها بشأن ما تم خلال اللقاء الذي تم في تركيا.

وقال البرواري لـ «الشرق الأوسط» إن «الأمور قد بحثت على مستوى وزراء خارجية البلدين (العراق وأميركا)، وأن الجواب الأميركي أشار إلى أن الولايات المتحدة ما زالت هي المسؤولة عن السياسية الخارجية والداخلية للعراق من خلال سعيها إلى إنجاح العملية الديمقراطية في العراق، وأن ما حصل كان ضمن مشروع المصالحة الوطنية في البلاد، لكن دون تهميش دور الحكومة العراقية».

وفيما إذا كانت التحركات الأميركية بهذا الشأن تعد خرقا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين، قال البرواري إن «الاتفاقية الأمنية لم تطرح فيها هكذا مواضيع، إنما تطرقت إلى كيفية انسحاب القوات الأميركية وتسليم الملف الأمني إلى الجانب العراقي، سيما أن القضايا السياسية كانت خارج إطار الاتفاقية الأمنية التي تعد عسكرية أكثر مما هي سياسية»، مضيفا أن رئيس الوزراء نوري المالكي ربما سيقوم بإطلاع مجلس النواب أو هيئة الرئاسة بنتائج زيارته الأخيرة إلى أميركا، لكنه استبعد أن تتم مناقشة موضوع البروتوكول داخل مجلس النواب. من جانبه، قال باسم شريف، النائب عن حزب الفضيلة، أن «هناك جملة وردت في الاتفاقية الأمنية تؤكد أن أميركا ملزمة بمساعدة العراق بمحاربة الجماعات المسلحة والميليشيات فضلا عن فلول النظام السابق».

وأضاف شريف لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا كان تصنيف ما سبق من الجهات هي التي تم التفاوض معها فبهذه الحالة فإن الأمر يعد خرقا للاتفاقية الأمنية من قبل الجانب الأميركي»، لكنه أضاف أن «أميركا إلى الآن لم تعلن أسماء الجهات التي تفاوضت معها، وبالتالي فإننا لا يمكن أن نطلق أحكامنا مسبقا، يجب معرفة تفاصيل القضية لنتمكن من التعامل مع الأمر».

وقال شريف إن «الحكومة العراقية كانت قد أجرت مفاوضات في 2007 في إطار ما يعرف بالمصالحة الوطنية من خلال محاولة ضم جماعات مسلحة خارج البلاد إلى العملية السياسية»، متسائلا عن سبب «دهشة الحكومة» إزاء محادثات الأميركيين مع ممثلين عن الجماعات المسلحة.