كردستان: بارزاني يعلن فوزه بالانتخابات الرئاسية.. والمعارضة تتهم أنصاره بالهجوم على مقراتها

مقتل شخص وإصابة 20 آخرين في إطلاق نار.. ومرشح للرئاسة يطالب بإلغاء النتائج ويهدد برفع شكوى قضائية

أنصار مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، يحتفلون بفوزه في الانتخابات في أربيل مساء أول من أمس (رويترز)
TT

خيمت على إقليم كردستان العراق خلال الساعات الـ48 المنصرمة التي أعقبت عملية الاقتراع في الانتخابات النيابية والرئاسية التي جرت في الإقليم السبت الماضي، أجواء متوترة ومشحونة في معظم أرجاء الإقليم، وتحديدا في العاصمة أربيل ومدينة السليمانية اللتين شهدتا حوادث أمنية متفرقة عقب إعلان فوز رئيس الإقليم، مسعود بارزاني، برئاسة الإقليم بحصوله على 70 في المائة من أصوات الناخبين.

وأعلن فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان عن فوز بارزاني، رئيس الإقليم الحالي، في الانتخابات. ونقل الموقع الإلكتروني الرسمي لحكومة الإقليم عن حسين قوله: إن «المعلومات الأولية التي وصلتنا تشير إلى فوز مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، بنسبة 70% من أصوات الناخبين». وأوضح أنه «طبقا للمعلومات الأولية فإن القائمة الكردستانية (التي تضم الحزبين الرئيسيين بالإقليم، بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، وبارزاني) فازت بنسبة 60% من أصوات الناخبين». وأضاف حسين أن «النتائج النهائية ستعلن من قبل المفوضية العليا للانتخابات في العراق خلال الأيام القليلة المقبلة».

ومن جهتها، قالت مصادر من قائمة التغيير المعارضة، إن في ساعة متأخرة من ليلة أول من أمس هاجم المئات من أنصار القائمة الكردستانية، التي تسمى شعبيا بـ«قائمة السلطة الحاكمة»، عددا من مقرات قائمة التغيير برئاسة السياسي الكردي، نوشيروان مصطفى، بما فيها مقر مكتب القناة الفضائية التابعة لحركة التغيير في أربيل وبلدة جومان. وأضافت المصادر أنه تمت مداهمة منازل مرشحي القائمة، «ونهبوا محتويات المقرات، وكسروا كل ما فيها من أجهزة وممتلكات، ومزقوا ملصقات القائمة، وصور رئيسها، وأصابوا كادرا متقدما في أحد المقرات بجراح». وقال الدكتور شاهو سعيد، المتحدث الرسمي باسم قائمة التغيير، لـ«الشرق الأوسط»: إن «مسلحي الحزبين الحاكمين من الاسايش والشرطة والحرس، أطلقوا النار على حشود من المدنيين الذين خرجوا للاحتفال في شوارع أربيل، الليلة الماضية، ما أدى إلى مصرع شخص واحد وإصابة 19 آخرين، كما اقتحم مسلحو السلطة في مدينة دهوك منزل أحد مرشحينا، ويدعى عبد الواحد عبد العزيز، وأشبعوه ضربا، وأهانوا زوجته وأولاده، ودمروا كل ما في منزله من أثاث، ما دفعه إلى الفرار نحو مدينة السليمانية، تاركا كل ممتلكاته بعد أن هددوه بالقتل لو بقي هناك».

وكانت قائمة التغيير، بزعامة مصطفى، الذي كان الرجل الثاني في قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني، لكنه انشق عنه لاحقا وأصبح معارضا له، أعلنت فوزها في مدينة السليمانية، معقل طالباني، بحصولها على المرتبة الأولى في عدد أصوات الناخبين.

ومن جانبه، أكد هادي علي، مسؤول المكتب السياسي في الاتحاد الإسلامي الكردستاني بزعامة صلاح الدين بهاء الدين، رئيس قائمة الإصلاح والخدمات التي تضم حزبين كرديين إسلاميين وآخرين علمانيين، أن «المئات من أنصار القائمة الكردستانية، المدججين بشتى صنوف الأسلحة، حاصروا، بعد منتصف الليلة الماضية (قبل الماضية)، مقر المكتب السياسي للاتحاد الإسلامي، ومقر محطته التلفزيونية الفضائية «بيام» في مدينة أربيل، وحاولوا اقتحامه بدافع الاعتداء، كما فعلوا قبل ذلك مع مقرات التغيير».

وقال علي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: لقد «حاول أولئك المسلحون تكرار الأحداث التي وقعت في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2005 عندما تعرضت مقرات الاتحاد الإسلامي في دهوك إلى الاقتحام والنهب وقتل عدد من حراسها، ولولا تدخل محافظ أربيل، ومدير مكتب رئيس حكومة الإقليم، اللذين استغثنا بهما، لتعرضت مقراتنا في أربيل للدمار، مثل مقرات التغيير».

ومن جانبه، أوضح اللواء جبار ياور، وكيل وزارة البيشمركة، والمتحدث الرسمي باسم قوات حماية إقليم كردستان، بأن قوات البيشمركة لم تتحرك من ثكناتها إطلاقا، ولم تتلق أي أوامر عسكرية من مراجعها العليا للقيام بأي عمل أو نشاط داخل المدن من قبيل مداهمة مقرات أي طرف سياسي، لا قبل عملية الانتخابات ولا بعدها، لأن مهام قوات البيشمركة هي خارج نطاق المدن. وقال اللواء ياور لـ«الشرق الأوسط»: إن «هناك لبسا يتكرر باستمرار من قبل الناس في الإقليم، بل وحتى من قبل السلطات الاتحادية أيضا، ويتعلق بتسمية كل مسلح كردي بالبيشمركة، في حين أن القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي لها صنوف ومرجعيات مختلفة»، وأوضح قائلا: إن «قوات البيشمركة لم تكن مكلفة بأي واجبات أمنية داخل المدن بخصوص عملية الانتخابات، باستثناء حماية الإقليم وحفظ أمن الحدود، بخلاف قوى الأمن الداخلي التي كانت تحت إشراف اللجنة الأمنية العليا برئاسة وزير الداخلية، والتي كانت مكلفة بحفظ الأمن في المدن والقصبات».

وأضاف ياور أن «قوات البيشمركة محافظة على حياديتها في عملية الانتخابات، ولم تكلف بأي مهام رسمية داخل المدن».

إلى ذلك، كان من المقرر أن تعلن النتائج، بالنتائج الأولية، للانتخابات في وقت لاحق أمس. وقالت سوزان شهاب، المتحدثة الرسمية باسم القائمة الكردستانية، التي يرأسها الدكتور برهم أحمد صالح، نائب رئيس الوزراء العراقي، ونائب الأمين العام في الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني، إن «في ضوء المعلومات شبه المؤكدة المتوفرة لدينا حتى الآن فإن القائمة الكردستانية حاصلة على نحو 61 مقعدا من مقاعد البرلمان القادم (111 مقعدا)، ما عدا أصوات الناخبين في عملية التصويت الخاص، التي لم تفرز كليا بعد، وهذا يعني أننا حصلنا على أغلبية غير مطلقة من مقاعد البرلمان، وأن من حقنا تشكيل الحكومة القادمة».

وفي ردها على اتهامات جميع الأطراف المشاركة في الانتخابات للقائمة الكردستانية بـ«ممارسة عمليات تزوير واسعة ومفضوحة في مراكز انتخابية»، قالت المتحدثة: إن «المفوضية هي التي ستقول كلمتها في هذا الصدد، فهناك أكثر من 600 شكوى مقدمة من مختلف الأطراف». وحول ما إذا كانت القائمة الكردستانية ستقبل بنتائج الانتخابات أم لا، وما إذا كانت النسبة المذكورة قد أصابتها بالإحباط، قالت سوزان: إن «الأهم عندنا هو شعب كردستان الذي انتصر في هذه المعركة الانتخابية وأدلى برأيه بحرية مطلقة، ونحن مؤمنون بالعملية الديمقراطية، وقد أكدنا مرارا خلال الحملة الانتخابية أننا سنقبل النتائج كيفما كانت، فبعد 25 يوليو (تموز) ستبدأ مرحلة جديدة من الحياة الديمقراطية القائمة على التعايش والقبول بالرأي والرأي الآخر في كردستان».

وفي الشأن ذاته، عقد الدكتور كمال ميراودلي الذي خاض الانتخابات الرئاسية كأحد أبرز المتنافسين مع بارزاني، مؤتمرا صحافيا في مدينة السليمانية، الليلة قبل الماضية، أكد فيه أنه حصل على أغلبية أصوات الناخبين في عموم محافظة السليمانية، وأنه «لولا ما وصفه بعمليات التزوير المفضوحة التي مورست في أربيل ودهوك لحصل على المرتبة الأولى».

وقال ميراودلي: إن «الحزبين الحاكمين مارسا عمليات تزوير مفضوحة في أربيل ودهوك، فهناك ناخبون صوتوا أكثر من 10 مرات ومن بينهم أقارب لي شخصيا أكدوا أنهم صوتوا 7 مرات»، وأضاف: «أطالب بإلغاء نتائج الاقتراع لانتخاب رئيس الإقليم، وسأرفع شكوى لدى المحكمة الدستورية العراقية والمحكمة الدولية ما لم تتدخل المفوضية العليا للانتخابات».

وتابع ميراودلي، وهو أكاديمي ويعمل مستشارا لعمدة لندن، قائلا: «من هذه اللحظة أعتبر نفسي رئيسا لإقليم كردستان، وسأتصرف وفقا لذلك، وأطالب منتسبي قوات البيشمركة، وقوى الأمن الداخلي، بالامتناع عن محاربة أبناء شعبهم، وألا يقفوا ضد الديمقراطية».

ودعا ميراودلي قائمتي التغيير والإصلاح إلى تشكيل معارضة قوية في البرلمان القادم.