واشنطن تأمل تلقي رد من طهران حول برنامجها النووي في سبتمبر

إيهود باراك: لم نسقط الخيار العسكري ضد إيران.. ونتمنى أن يفعل الآخرون مثلنا

نتنياهو وغيتس يتشاركان ضحكة خلال غداء عمل بين الجانبين الإسرائيلي والأميركي في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

نقل وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، إلى القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل، أمس، تعهدات من الرئيس باراك أوباما، بـ «تعزيز التفوق العسكري والتكنولوجي المطلق على جميع الدول التي تحارب إسرائيل سواء في العالم العربي أو إيران»، وذلك في إطار الانسجام الإسرائيلي مع السياسية الإقليمية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط المعتمدة على «دفع عملية السلام والتوصل إلى سلام إقليمي بين إسرائيل والعالم العربي».

وقالت مصادر إسرائيلية رفيعة، أمس، إنه على الرغم من السرية المطلقة التي أحاطت بلقاءي غيتس، مع كل من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ونائبه ووزير دفاعه، إيهود باراك، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، فإن بعض المعلومات سربت ورُشح عنها أن غيتس وافق على إيجاد صيغة تفاهم حول صفقة بيع طائرات «إف ـ 35» المتطورة إلى إسرائيل، وهي الصفقة التي كانت تصطدم بعقبات بسبب طلب إسرائيل تركيب أجهزة إنذار إسرائيلية فيها بغرض تخفيض سعرها. ووافق على تزويد إسرائيل بغالبية طلباتها العسكرية. وسعى إلى طمأنتها بالوقوف إلى جانبها في القضايا الأمنية من دون تحفظ.

وقالت مصادر عليمة إن غيتس وبقية المسؤولين الأميركيين الذين يزورون إسرائيل هذا الأسبوع، يسعون لطمأنة إسرائيل بأن تجاوبها مع مستلزمات السلام مع الفلسطينيين وسائر العرب، لن يمس بأمنها وأن الولايات المتحدة تقف إلى جانبها بكل قوتها.

وقد اختار غيتس زيارته إلى إسرائيل ليعلن منها أن بلاده حددت شهر سبتمبر (أيلول) موعدا ينتهي فيه انتظار واشنطن ردا إيجابيا من إيران للحوار حول تسوية الأزمة الناشئة من جراء مشروع التسلح النووي. وقال غيتس في مؤتمر صحافي مع نظيره الإسرائيلي إيهود باراك إن «الرئيس (باراك أوباما) يتوقع بالتأكيد أو يأمل في رد ما هذا الخريف، ربما خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة» في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وقال غيتس إن الولايات المتحدة اختارت سبيل الحوار والدبلوماسية لتسوية هذه الأزمة، ولكن هذا لا يعني أننا سننتظر من دون حدود، وسننتظر حتى انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة (في سبتمبر) لتعطي الأمم المتحدة رأيها في الموضوع. وقصد بذلك فرض عقوبات اقتصادية أشد على الجمهورية الإيرانية. وأوضح أن بلاده تعتقد أن تشديد العقوبات هو أحد الأسلحة الذي قد يستخدم في حالة سلوك إيران بشكل سلبي. ودعا غيتس إيران إلى التجاوب مع العرض الأميركي السلمي هذا، مؤكدا أن الأمر لا يطرح على طهران بسبب أخطار التسلح الإيراني النووي على إسرائيل وأمنها أو على دول الجوار العربي والأوروبي لإيران، أو أخطاره على مصالح الولايات المتحدة فحسب، بل أيضا لأن ذلك يخدم مصالح إيران وأمنها.

ومن جهته، عاد إيهود باراك ليتحدث عن التهديدات العسكرية بحضور غيتس، المعروف أنه يعارض وسبق وحذر إسرائيل من العمل العسكري ضد إيران. فقال «ليس سرا أننا نعتقد بضرورة تشديد العقوبات على إيران من الآن. ونحن لا نسقط الخيار العسكري ضد إيران. ولأننا لا نستطيع إجبار غيرنا على أن يسلكوا طريقنا، فإننا نكتفي بتقديم النصح لهم أن يفعلوا مثلنا».

وعندما لاحظ الصحافيون الإسرائيليون أن غيتس يعيد تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بتوفير «مظلة» أمنية لإسرائيل ولجميع حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من خطر اعتداء إيراني، توجهوا بالسؤال إلى باراك: هل الولايات المتحدة ستحارب عن إسرائيل؟ فأجاب «نحن نشكر الولايات المتحدة على ما تقدمه لنا من دعم مالي وعسكري وتكنولوجي ما يضمن لنا التفوق الدائم على خصومنا مجتمعين، ولكننا دولة مستقلة، ونفضل أن نحمي أنفسنا بأنفسنا».

وقال بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه أكد خلال محادثاته مع غيتس على «الحاجة إلى استخدام كل الوسائل لمنع إيران من امتلاك قدرات نووية عسكرية».

وبعد انتقاله بعد ظهر أمس إلى الأردن عاد غيتس وتطرق إلى الموضوع الإيراني، قائلا إن إسرائيل تدعم سياسة الولايات المتحدة المتبعة مع إيران بشأن برنامجها النووي، لكنه أشار أيضا إلى استعداد واشنطن لفرض عقوبات إضافية في حال لم تستجب طهران.

وقال غيتس في مؤتمر صحافي عقده في عمان: «لدي إحساس بأن الحكومة الإسرائيلية لديها استعداد لإعطاء المجال لاستراتيجيتنا لتعمل». وأضاف «من الواضح انه في حال عدم نجاح الحوار فإن الولايات المتحدة مستعدة للدفع باتجاه فرض عقوبات إضافية لن تكون بشكل تدريجي». وأشار غيتس إلى أنه في مثل هذه الحالة فإن واشنطن «ستحاول الحصول على دعم دولي لموقف أكثر حزما»، إلا انه أعرب عن أمل واشنطن بأن تستجيب طهران لدبلوماسية الولايات المتحدة. وقال الوزير الأميركي: «ما زال أملنا بأن تستجيب إيران لليد الممدودة من قبل رئيسنا بشكل إيجابي، دعونا نرى ما سيحدث».

في غضون ذلك، أكدت إيران، أمس، أنها لا تسعى إلى إنتاج سلاح نووي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، حسن قشقوي، خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي، إن «إيران وقعت معاهدة حظر الانتشار النووي ومن حقنا القيام بأنشطة نووية سلمية. لا مكان للأسلحة الذرية في قدراتنا الدفاعية». وجاءت تصريحات قشقوي ردا على تأكيد وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أن واشنطن لن تسمح لإيران بترهيب الدول المجاورة لها.

وتتزامن زيارة غيتس إلى القدس مع جولة يقوم بها المبعوث الأميركي في للشرق الأوسط جورج ميتشل، الذي يسعى للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل بشأن تجميد المستوطنات في الأراضي التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم المستقبلية عليها.

وعاد ميتشل، إلى إسرائيل، أمس، بعد زيارته الخاطفة والمفاجئة إلى القاهرة. وسيواصل لقاءاته اليوم فيها. وفي يوم غد يصل إلى إسرائيل وفد رفيع آخر يضم كلا من جيم جونس، مستشار الأمن القومي، ودينيس روس، المستشار الخاص للرئيس في شؤون إيران والشرق الأوسط. وفي حين يهتم غيتس بالتعاون العسكري الثنائي وبالموضوع الإيراني ويهتم ميتشل بالموضوع السياسي والسلام الإقليمي، يهتم وفد جونس بالربط بين الأمرين. فهو يعمل على إقناع إسرائيل بضرورة التجاوب مع متطلبات السلام الإقليمي، لأن هذا هو الشرط الأساس للنجاح في إقامة تحالف إقليمي ضد إيران.