ميتشل يطمئن نتنياهو بأنه يمارس ضغوطا على الفلسطينيين والدول العربية لتحقيق السلام

وسط أجواء تفاؤلية حول تفاهمات إيجابية بين إسرائيل وواشنطن حول المستوطنات

مستوطن يهودي يصل إلى كوخ في مستوطنة جديدة باسم «يا نسور» بالقرب من بلدة طولكرم بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

في الوقت الذي بثت فيه أجواء تفاؤلية حول لقاءات السناتور جورج ميتشل، مبعوث الرئيس الأميركي في الشرق الأوسط، بعد لقاءاته في كل من رام الله والقدس الغربية، كشفت مصادر مقربة من الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس أن ميتشل أبلغه بأن واشنطن تمارس الضغوط أيضا على الأطراف الفلسطينية وكذلك على الدول العربية حتى تتخذ خطوات إيجابية تجاه إسرائيل.

وقالت هذه المصادر إن ميتشل قال لبيريس إن رسالته إلى العالم العربي تقول إن الولايات المتحدة مصرة على تحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط يضع حدا لمعاناة الفلسطينيين وينقل شعوب المنطقة كلها إلى عصر السلام والازدهار ولهذا الغرض يوجد ثمن على الجميع أن يدفعوه. وأضافت أن ميتشل أوضح لعدد من قادة الدول العربية الذين التقاهم وسيوضح لبقية الزعماء العرب أن توجها إيجابيا منهم سوف يشجع إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو على الإقدام على خطوات كبيرة في عملية السلام كانت تخشى القيام بها حتى الآن.

وكان ميتشل قد عقد لقاء مطولا، أمس، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي استغرق ساعتين ونصف الساعة، أمضيا معظمه (ساعة ونصف الساعة) على انفراد. وخرجا من اللقاء ليتحدثا عن «تقدم» كما قال نتنياهو و«تقدم جيد» كما قال ميتشل، في التباحث حول قضية البناء الاستيطاني.

وقال ميتشل إنه متفائل من التقدم على طريق وضع أسس متينة للسلام مع سورية ولبنان والفلسطينيين. وقال نتنياهو إن إسرائيل والولايات المتحدة تتعاونان على التقدم في مسيرة السلام لخدمة مصالح إسرائيل وسائر شعوب المنطقة. واتفقا على لقاء آخر في أواسط الشهر المقبل لمواصلة البحث في سبيل استئناف مسيرة السلام.

واعتبرت أوساط إسرائيلية هذه التصريحات الإيجابية دليلا على تقدم طفيف في المحادثات، حيث إنه كان من المتوقع أن تسفر زيارة ثلاثة وفود رفيعة من الولايات المتحدة إلى إسرائيل في أسبوع واحد، عن نتيجة كبيرة. ولكن هذا لم يتحقق، وقد طلبت إسرائيل مهلة إضافية ووافق ميتشل على منحها.

وكشفت هذه المصادر أن ميتشل يدير اتصالات مكثفة مع الرئاسة الفلسطينية أيضا خلال وجوده في واشنطن وأنه عين له نائبا مسؤولا عن هذه الاتصالات يقوم بزيارات سرية إلى السلطة الفلسطينية مرتين أو ثلاثا في الشهر على الأقل. وأن هذه الاتصالات تسفر عن عدة تفاهمات بين الطرفين وأن ميتشل يحرص على إبقاء الفلسطينيين في الصورة ويطلعهم على نتائج لقاءاته في إسرائيل وغيرها. وأضافت أن ميتشل يستفيد من هذه الاتصالات لمناقشة الإسرائيليين في تفاصيل التفاصيل في القضايا المتعلقة بالواقع على الأرض الفلسطينية.

وكان نتنياهو قد أبلغ ميتشل عن سلسلة تسهيلات قدمتها إسرائيل للفلسطينيين في إطار ما يسميه «السلام الاقتصادي». وبعد اللقاء، طار نتنياهو بالمروحية إلى جسر الملك حسين (اللنبي)، واختار أن يعلن من هناك تسهيلات إضافية. فقال إن حكومته قررت فتح هذه المعبر الحدودي، لمدة 24 ساعة في اليوم وذلك لفترة تجريبية، فإذا نجحت من الناحية الأمنية فإنه سيبقيه مفتوحا. وأضاف نتنياهو: «هذا المعبر هو المنفذ الوحيد الدولي لسكان الضفة الغربية من الفلسطينيين. ويعتبر إكسير الحياة للاقتصاد الفلسطيني. وقد أصدرت أوامر بتسهيل العبور والتعامل على هذا الجسر لتشجيع الاقتصاد الفلسطيني». كما أعلن نتنياهو أنه ينوي السماح للمواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48) بالدخول الحر إلى البلدات الفلسطينية. وهذا أيضا يصب في مصلحة الاقتصاد الفلسطيني، حيث إن مواطني إسرائيل العرب يعتبرون قوة شرائية مهمة لاقتصاد الضفة الغربية. وأضاف نتنياهو أنه سيزيل كل الحواجز العسكرية البيروقراطية وسيوسع إمكانيات عمل قوات الشرطة الفلسطينية وسيقدم على خطوات أخرى لتشجيع الاقتصاد، باعتبار أن «السلام الاقتصادي» هو أكبر عنصر لتسهيل عملية السلام والوصول بها إلى تسوية دائمة.

يذكر أن وفدا أميركيا كبيرا ورفيعا يصل إلى إسرائيل، اليوم، برئاسة مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيم جونز، والمستشار الخاص للرئيس لشؤون إيران والشرق الأوسط، دينيس روس، ليبحث في تقدم المسيرة السلمية بالارتباط مع الجهود لإقامة تحالف واسع لدول المنطقة في مواجهة خطر التسلح النووي الإيراني. وفي رام الله، أكد ميتشل أن البيت الأبيض بعث مؤخرا برسائل إلى الحكومات العربية يحثها فيها على اتخاذ إجراءات بناء ثقة لخلق جو مناسب لإجراء مفاوضات السلام. وقال إن الدعوات المكتوبة والمطالبة باتخاذ خطوات تصالحية، وجهت إلى سبع دول عربية على الأقل وتتزامن مع حملات مسؤولين أميركيين لدفع إسرائيل إلى تجميد النشاطات الاستيطانية في الأراضي المحتلة.

لكن صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، اتهم إسرائيل بعدم احترام تعهداتها في إطار خارطة الطريق. وقال إنها لم تظهر أي نية لإيقاف أنشطتها الاستيطانية غير المشروعة، لا سيما في القدس الشرقية المحتلة وحولها. وتابع: «من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية ترفض استئناف المفاوضات المتعلقة بالوضع النهائي والقضايا الرئيسية التي توقفت في ديسمبر (كانون الأول) 2008».