انتخابات كردستان: المفوضية ترجئ إعلان النتائج وتؤكد أن الشكاوى ستؤثر «بشكل جوهري»

المعارضة تتهم الحزبين الحاكمين بالتلاعب في النتائج الأولية.. ورئيس الحكومة يعتذر عن «الفوضى»

TT

فيما أكدت المفوضية العليا للانتخابات في العراق أن الإعلان عن نتائج الانتخابات النيابية والرئاسية التي جرت في إقليم كردستان العراق يوم السبت الماضي قد أرجئ إلى وقت لاحق لم تحدده، وصفت منظمات راقبت الانتخابات العملية الانتخابية بأنها سارت بشكل «جيد» لكن «خروقات وعمليات تزوير» حدثت خلال الساعة الإضافية، خاصة في مدينة أربيل. وقال فرج الحيدري، رئيس المفوضية إن إرجاء الإعلان عن نتائج الانتخابات جاء بسبب عدم انتهاء عملية فرز أصوات الناخبين وعدم حسم الشكاوى والطعون الكثيرة المقدمة من قبل القوائم والكيانات السياسية، التي قال إن كثيرا منها «سيؤثر على طبيعة النتائج بشكل جوهري».

وفي الشأن ذاته عقد ممثلو ثلاث منظمات كردية مغتربة من الذين تولوا مراقبة عملية الانتخابات في الإقليم، مؤتمرا صحافيا مساء أول من أمس بمدينة السليمانية، أعلنوا من خلاله تفاصيل تقارير منظماتهم التي تتخذ من السويد وبريطانيا مقرا لها.

وقال جبار أمين عضو حزب الخضر والنائب الاحتياط في البرلمان السويدي إن «عملية التصويت جرت على نحو جيد في كل من السليمانية وأربيل خلال الفترة القانونية التي كانت محددة لها، لكن تمديد فترة التصويت لساعة واحدة تسبب في تشويه سمعة العملية برمتها، حيث ارتكبت غالبية الخروقات وعمليات التزوير خلال الساعة الإضافية، خاصة في مدينة أربيل».

وانتقد أمين قرار المفوضية العليا بتمديد فترة التصويت، وقال إن «القرار لم يكن صائبا إطلاقا، لأن مراكز الاقتراع لم تكن مزدحمة أبدا كي يتطلب الأمر وقتا إضافيا». وأضاف: «ومع ذلك، فإننا مقتنعون بالعملية عموما وسنقبل بنتائجها».

وفي تطور لاحق، أصدرت قائمتا «التغيير» و«الإصلاح» المعارضتان بيانا مشتركا أمس أكدتا فيه أن «الحزبين الحاكمين انتهجا كل الأساليب غير القانونية للتأثير في نتائج الانتخابات، وما برحا يرفضان الإذعان لإرادة شعب في كردستان».

وقال البيان: «نحن في قائمتي الإصلاح والتغيير نعلن للعالم أن نجاح تجربة الانتخابات في الإقليم أهم عندنا من بضعة مقاعد في البرلمان، وكنا حريصين على اتباع الشفافية والنزاهة في العملية برمتها، وما زلنا نقدس ونحترم إرادة شعبنا التي لا تقبل أي مساومة أو انتهاك».

وأضاف البيان أن «الحزبين الحاكمين ما برحا ينتهكان إرادة الشعب بإعلانهما المستمر عن نتائج غريبة ومثيرة للاندهاش، لا تعبر إطلاقا عن النتائج الحقيقية للانتخابات، ما يشكل دليلا دامغا على أنهما يتلاعبان حتى بالنتائج الأولية».

وكانت حكومة إقليم كردستان قد أعلنت أول من أمس فوز مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان بنسبة 70% من أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية، وأن القائمة الكردستانية، التي تضم الحزبين الرئيسيين بالإقليم بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني وبارزاني، فازت بنسبة 60% من أصوات الناخبين. بينما أعلنت قائمة التغيير المعارضة، بزعامة السياسي الكردي نوشيروان مصطفى، التقدم في محافظة السليمانية، معقل طالباني.

ودعا البيان شعب كردستان إلى رفض النتائج المعلنة من قبل الحزبين الحاكمين وقال: «نحيط المفوضية العليا علما بأن أصوات الناخبين أمانة مقدسة ينبغي الحفاظ عليها وعدم السماح بارتكاب المظالم بحق شعب كردستان، كما نطالبها بالتحقيق العادل في الشكاوى المقدمة إليها من قبلنا واتخاذ الإجراءات اللازمة بصددها».

إلى ذلك، ساد جو من الهدوء أرجاء الإقليم بعد توترات شهدتها مدينة أربيل، تحديدا عشية إعلان القائمة الكردستانية فوز بارزاني بمنصب رئيس الإقليم، حيث تعرضت مقرات قائمة التغيير إلى تدمير، كما قتل مدني وأصيب 19 آخرون بجروح من عيارات نارية أطلقها عشوائيا مسلحون موالون للقائمة الكردستانية، كما حاصر مسلحون مقر المكتب السياسي للاتحاد الإسلامي بزعامة صلاح الدين محمد بهاء الدين ومقرات الجماعة الإسلامية في كردستان التي يتزعمها رجل الدين علي بابير اللذين خاضا الانتخابات ضمن قائمة واحدة هي قائمة «الإصلاح والخدمات». وألقت قوى المعارضة باللائمة على الحزبين الحاكمين، الاتحاد الوطني والديمقراطي، في تحريض أنصارهما ودفعهم نحو الاعتداء على أحزاب قائمة الإصلاح وقائمة التغيير، وحملوا حكومة الإقليم المسؤولية في عدم ضبط الأوضاع الأمنية على الرغم من قدرتها على ذلك، ما دفع نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة الإقليم الذي يشغل منصب عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي أيضا، إلى زيارة مقر قيادة الجماعة الإسلامية برفقة سكرتير المكتب السياسي فاضل مطني ميراني ومحافظ أربيل نوزاد هادي، والالتقاء بأمير الجماعة علي بابير وتبرئة ساحة الحزب والحكومة من تلك الأحداث.

وقال بارزاني في مؤتمر صحافي مشترك عقده بعيد الزيارة مع بابير إن «أشخاصا غير مسؤولين وفوضويين تجمهروا أمام مقر الجماعة الإسلامية في وقت متأخر من ليلة السبت وقاموا بأفعال غير لائقة ومخلة بالقانون، لذلك نحن كسلطة حكومية جئنا لنقدم الاعتذار لأمير الجماعة الإسلامية على تلك الممارسات غير اللائقة، ونؤكد أنها لا تمت بأي صلة إلى الحزب الديمقراطي أو برئيس الإقليم، وندينها بشدة بصفة حكومية وحزبية أيضا».

وشدد بارزاني على أن «الحكومة ستتخذ إجراءات قانونية صارمة، كما سيتخذ الحزب الديمقراطي إجراءات صارمة بحق الفوضويين بغض النظر عن انتماءاتهم، سيما أنهم رفعوا صور مسعود بارزاني وأعلام الحزب الديمقراطي خلال ممارساتهم تلك، الأمر الذي أثار انزعاج بارزاني الذي هو رئيس لكل الإقليم» على حد تعبيره.

كما اعتذر رئيس الحكومة ووفد الحزب الديمقراطي من صلاح الدين بهاء الدين، أمين عام الاتحاد الإسلامي، على ما بدر من «الفوضويين» من ممارسات بحق الاتحاد الإسلامي في مدينة أربيل. يذكر أن مقرات حزب الاتحاد الإسلامي، وهو حزب لا يؤمن بحمل السلاح، كانت قد تعرضت في محافظة دهوك التي يحظى فيها الاتحاد بشعبية جارفة إلى هجمات مسلحة من قبل أنصار الحزب الديمقراطي في السادس من ديسمبر (كانون الأول) 2005 ما أسفر عن إحراق مقر فرع الاتحاد ومقتل ثلاثة من كوادره بينهم عضو في المكتب السياسي، وإصابة 24 آخرين بجراح، وجاءت تلك الأحداث بعد انتخابات نيابية خاضها الاتحاد الإسلامي بقائمة منفصلة وحصل فيها على نسبة عالية من أصوات الناخبين في محافظة دهوك.