أميركي يعد «أبو» مشروعات التهويد في القدس ومحيطها

ميسكوفيتش معني بإحباط أي تسوية مستقبلية بشأن المدينة

TT

من وراء الكواليس وبعيدا عن الأضواء، على بعد آلاف الأميال يشرف ملياردير يهودي أميركي على معظم مشروعات الاستيطان الهادفة إلى تهويد مدينة القدس ومحيطها. فلا يكاد يخلو تقرير إسرائيلي عن مشروعات التهويد التي تعصف بالمدينة دون الإشارة إلى الدور الذي يقوم به أورفينغ ميسكوفيتش الذي يتولى تمويل عمليات شراء الأراضي والعقارات الفلسطينية والبناء عليها. ويؤكد الدكتور خليل التفكجي مدير قسم الخرائط في الجمعية العربية في القدس، والخبير الفلسطيني بشؤون القدس أن هذا العجوز الذي جمع ثروة طائلة من خلال المضاربات لا يتردد في دفع أي مبلغ بهدف دفع مشروعات التهويد قدما في المدينة المقدسة، والتي كان آخرها شراء فندق «شيبرد» في القدس الشرقية والذي كان في الأساس منزل الحاج أمين الحسيني مفتي القدس وقائد الثورة الفلسطينية الكبرى التي تفجرت عام 1936.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» ينوه التفكجي إلى أن ميسكوفيتش هو الذراع التنفيذية لمشروعات التهويد في القدس، في حين كان رئيس وزراء إسرائيل الأسبق أرييل شارون هو الغطاء السياسي لهذه المشروعات، منوها إلى أنه عندما كان شارون يشغل منصب وزير الإسكان عام 1990 وضع خطة «القدس الكبرى» التي تقوم على بناء 26 حي يهودي جديد في البلدية القديمة من القدس ومحيطها، عبر رفع عدد اليهود القاطنين في المدينة ومحيطها إلى مليون مستوطن. وأضاف: «منذ ذلك الوقت كان بين النخب السياسية في إسرائيل وميسكوفيتش تبادل أدوار، بحيث تمنح الحكومة الإسرائيلية الغطاء السياسي لمشروعات التهويد ويقوم ميسكوفيتش بالتمويل».

ويشدد التفكجي على أن ميسكوفيتش يعمل من منطلقات دينية متطرفة، مشيرا إلى أن مشروعات التهويد التي يعكف على تمويلها تهدف إلى اقتطاع كل المناطق التي يرى اليهود أنها تنتمي إلى ما يسمى بـ« الحوض المقدس»، الذي يضم قبور أنبياء وملوك اليهود بزعمهم.

ويوضح التفكجي أن هذا هو الذي يسفر حماس ميسكوفيتش الشديد للاستثمار في البناء في بلدة سلوان التي تقع شرق القدس، حيث يعتبر اليهود أن هذه البلدة تحتضن المدينة التي بناها داود قبل ألفي عام. وقد مول ميسكوفيتش شراء 560 دونمًا في حي سلوان الذي يقع شرق المدينة، بملايين الدولارات، حيث أقيمت على هذه الأرض ما يطلق عليه المستوطنون «مدينة داود»، فضلا عن مسؤوليته عن شراء معظم العقارات والمنازل في المدينة، ويشير التفكجي إلى أن أهم العوامل الاستراتيجية التي تحرك ميسكوفيتش وتدفعه إلى استثمار أموال طائلة في هذا النوع من الاستثمار هو إدراكه أن مشروعات التهويد تقطع الطريق على أي إمكانية للتوصل إلى تسوية سياسية بشأن مستقبل القدس، وجعل إمكانية تقسيمها أمرا مستحيلا.

من ناحيته يقول الصحافي شالوم يروشالمي إن الذي يتولى تنفيذ عمليات التهويد بشكل عملي هما منظمة «عطيرات كوهنيم» التي يرأسها ماتي دان هكوهين، ومنظمة «إليعاد» التي يقودها دافيد باري، في حين يتولى تمثيل هاتين المنظمتين سياسيا إليشيع بيلغ عضو المجلس المحلي في البلدية عن حزب الليكود. ويوضح يروشالمي في تقرير نشره في عدد أمس من صحيفة «معاريف» أن أوري بن عيزرا زوج بنت ميسكوفيتش هو الذي يتولى من منزل صهره في ميامي مهمة عمليات تحويل الأموال لصالح الأنشطة التهويدية. ويبدي ميسكوفيتش اهتماما خاصا بدعم عمليات التهويد في البلدة القديمة من القدس والأحياء المحيطة بها، على الرغم من أنه قام بتمويل عمليات بناء في الخليل وبعض المستوطنات المنتشرة في أرجاء الضفة الغربية. ويرتبط ميسكوفيتش فكريا بالتيار الديني الصهيوني، وتحديدا بالحاخام شلومو أفنيري الذي يُعتبر الأب الروحي لمشروعات التهويد في القدس ومحيطها، وأحد قادة الجمهور الديني الصهيوني. وينقل يروشالمي عن بيلغ قوله إن الهدف من مشروعات التهويد هو العمل على عدم إعادة تقسيم مدينة القدس مجددا، وكسر التواصل الديموغرافي والعمراني الفلسطيني فيها.

وإن كان ميسكوفيتش يتولى تمويل عمليات التهويد في القدس، فإن الملياردير اليهودي الأسترالي الأصل إسحاق كوتنيك يتولى تمويل عمليات التهويد والاستيطان في مدينة الخليل ومحيطها. وترى محافل إسرائيلية أن المستوطنين تمكنوا من شراء الكثير من العقارات في الخليل ومحيطها بفعل التبرعات السخية التي يقدمها كوتنيك الذي يُعتبر من أبرز أنصار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومن ممولي حملته الانتخابية.