أغلبية البريطانيين مع سحب القوات البريطانية من أفغانستان

قلة عدد القوات الأفغانية تضعف جهود «الناتو»

الضابط الأميركي دينيس يتحدث إلى سائق شاحنة أفغاني في وادي كونار بأفغانستان أمس (رويترز)
TT

ربما تؤدي هجمات أميركية وبريطانية في أفغانستان إلى تحجيم حركة طالبان قبل الانتخابات التي تجري الشهر المقبل، ولكن النجاح على المدى الطويل يعتمد على سيطرة قوات الأمن الأفغانية على الأرض، ولكنها قوات ضعيفة وقليلة العدد. وأول من أمس أنهت بريطانيا عملية عسكرية ضد طالبان استمرت خمسة أسابيع وقالت إنها طهرت بلدات وقرى واقعة بواد في إقليم هلمند من المتشددين.

ويقع الإقليم مترامي الأطراف في جنوبي البلاد، ولا يزال معقلا للمتمردين. وكان الهدف السيطرة على الأرض والحفاظ عليها قبل الانتخابات الرئاسية والمحلية في 20 أغسطس (آب) ثم تعزيز قوة الحكومة المحلية وتقديم تمويل لإعادة البناء ومساعدات أخرى على أمل إبعاد طالبان. ولكن مع انتهاء الهجوم اعترف قائده بأن النجاح النهائي يعتمد على قوات الأمن الأفغانية، غير أن عددا قليلا جدا من أفرادها تلقى تدريبا حتى الآن أو يمكنه العمل بكفاءة إلى جانب القوات الغربية أو على انفراد.

وقال البريجادير تيم رادفورد متحدثا من هلمند عبر الدوائر المغلقة: «الأمر المهم حقا على المدى الأطول هو التأكد من وجود عدد كاف من قوات الأمن الوطنية الأفغانية». وتابع: «يرافقنا عدد من أفراد من الشرطة والجيش الوطني الأفغانيين ولكنه غير كاف. لو كان العدد أكبر لحققنا إنجازا أكبر. الأمر الواضح أننا نحتاج مزيدا من أفراد الجيش الوطني الأفغاني. هذا ما سعى رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون للضغط على الرئيس الأفغاني حميد كرزاي من أجله، كما أكد عليه قادة عسكريون أميركيون يدركون أن تشكيل قوات أمن عراقية على درجة من الكفاءة ساهم في قمع العنف هناك. وهذا الشهر قال براون بعدما تحدث إلى كرزاي في هذا الصدد: يتضح لي تماما ضرورة اضطلاع الجيش الأفغاني بدور أكبر» من منطلق حرصه على مشاركة أكثر من 650 جنديا أفغانيا أرسلوا كتعزيزات. وقال: «ستكون الوسيلة المثلى للمضي قدما في حالة سيطرة قواتنا على أراض هو وجود قوات أفغانية محلية من الجيش والشرطة على الأرض للاحتفاظ بها». وساهمت الدول الكبرى الأعضاء بحلف شمال الأطلسي في تدريب نحو 95 ألف جندي في الجيش الأفغاني وعدد مماثل تقريبا من رجال الشرطة، لذا فإن العدد الإجمالي صغير نسبيا في دولة يقطنها 30 مليون نسمة تعاني من مشكلات أمنية خطيرة مثل أفغانستان. فضلا عن ذلك، تتفاوت الإمكانات تفاوتا كبيرا، بصفة خاصة في الشرطة، وينبغي بشكل دائم التعامل مع مشكلات تتعلق بالفساد وقلة المعدات وضعف القيادة والتحكم وأخطاء في عمليات الإمداد والتموين. وصرح الكولونيل كريستوفر لانغتون الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن لـ«رويترز»: «ما زالت تفتقر قوات الأمن الأفغانية لقدرات مهمة، وبصفة خاصة الشرطة». وأضاف: «حين يجري تطهير أراض والسيطرة عليها ينبغي أن يكون الهدف أن تتمكن القوات الدولية من التحرك والسماح لقوات الأمن الوطنية الأفغانية بمواصلة السيطرة عليها بينما تجري أعمال البناء. لا يملك الجيش الأفغاني في الوقت الحالي قدرة كافية للقيام بالمهمة. وبحكم التجربة العملية في مكافحة التمرد، يتطلب الحفاظ على الأمن بين كل ألف نسمة نحو 20 إلى 25 من أفراد الجيش أو الشرطة. ويعد هلمند من أكثر الأقاليم تمردا، ويقطنه نحو 3.1 مليون نسمة، مما يعني أن الحفاظ على الأمن هناك يحتاج ما بين 26 إلى 32 ألفا من رجال الشرطة والجيش. ويوجد نحو 14000 جندي من بريطانيا والولايات المتحدة ودول أخرى أعضاء في حلف شمال الأطلسي في هلمند. وعدد قوات الشرطة والجيش الأفغانيين أبعد ما يكون عن أن يكون كافيا لسد العجز. وفي الأسبوع الماضي اعترف البريجادير جيمس كوان من بريطانيا الذي يتولى قيادة لواء في هلمند في أكتوبر (تشرين الأول) أن وجود عدد أكبر من قوات الأمن الأفغانية حيوي لنجاحه، ولكنه أضاف: «سأتدبر أمري بما لدي». إلى ذلك اعتبر أكثر من نصف البريطانيين أنه لا يمكن الانتصار في الحرب الدائرة في أفغانستان ويجب سحب القوات على الفور من هذا البلد، حسب ما جاء استطلاع للرأي نشرته الثلاثاء صحيفة «الإندبندنت». وأشار الاستطلاع الذي أعده معهد «كوريس» لحساب الصحيفة البريطانية، إلى أن 58% من الأشخاص الذين سئلوا عن رأيهم يعتبرون أن الهجوم على متطرفي طالبان في أفغانستان لن ينجح. في حين اعتبر 31% العكس.

وأضاف أن 52% من البريطانيين يريدون رحيل القوات البريطانية من هذا البلد مقابل 43%. وأوضح أن نحو 75% من المستطلعين يعتبرون أن العسكريين ليسوا مجهزين بالمعدات المناسبة للقيام بمهمتهم بشكل جيد في أفغانستان. فقط 16% لهم رأي معارض. وأخيرا، يعتبر 60% من الأشخاص الذين سئلوا رأيهم أنهم يعارضون إرسال تعزيزات ومعدات إضافية إلى الجبهة، حسب الاستطلاع الذي أعد مطلع يوليو (تموز) من خلال الهاتف على شريحة من 1008 أشخاص. ونشر الاستطلاع غداة انتهاء العملية البريطانية «مخلب النمر» ضد طالبان في جنوبي أفغانستان وإعلان وزارة الدفاع البريطانية مقتل جنديين بريطانيين.

ورفع هذا الهجوم من عدد الجنود الذين قتلوا في أفغانستان إلى 22 منذ بدئه مطلع شهر يوليو (تموز)، وإلى 191 منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2001. وينتشر أكثر من تسعة آلاف جندي بريطاني في أفغانستان، خاصة في ولاية هلمند (جنوب) الأكثر عنفا، التي تعتبر معقلا لحركة طالبان.