وزير الخارجية الصومالي لـ«الشرق الأوسط»: لم ولن نطلب تدخلا عسكريا أميركيا مباشرا

كلينتون تعتزم لقاء الرئيس الصومالي في 5 أغسطس * أوروبا تطلق مشروعا لتدريب قوات أمن صومالية

TT

استبقت الحكومة الصومالية لقاء سيعقده الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في العاصمة الكينية نيروبي الأسبوع المقبل، بإبرامها اتفاقا غير مسبوق مع شركة أميركية خاصة لإدارة أموالها. وقال وزير الخارجية الصومالي محمد عبد الله عمر، إن الشيخ شريف سيجتمع مع كلينتون في نيروبي على هامش منتدى تجاري سنوي سيعقد في الخامس من الشهر المقبل. وكانت الخارجية الأميركية أعلنت في بيان أول من أمس أن كلينتون تعتزم لقاء رئيس الصومال الذي شكل حكومة انتقالية، وذلك في إطار جولة في سبع دول افريقية الأسبوع المقبل. وسيكون هذا أول اجتماع على هذا المستوى بين الرئيس الصومالي الذي تولى منصبه مطلع العام الجاري ومسؤول كبير في إدارة الرئيس باراك أوباما.

وبعد زيارتها إلى كينيا ستتوجه كلينتون إلى جنوب أفريقيا ثم أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وليبيريا والرأس الأخضر، ومن المتوقع أن تؤكد على رسالة الرئيس الأميركي بارك أوباما التي ربطت بين تقديم المساعدات والحكم الرشيد في أفريقيا.

وأفاد مصدر حكومي صومالي أن الرئيس شريف سيطلع وزيرة الخارجية الأميركية على الوضع في الصومال والتطورات التي شهدها في الآونة الأخيرة، كما سيقدم الشكر للإدارة الأميركية الجديدة على دعمها للحكومة الصومالية.

ولفت وزير الخارجية الصومالي عمر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من مدينة نيويورك الأميركية حيث سيشارك اليوم في اجتماع لمجلس الأمن الدولي للنظر في طلب بلاده فرض عقوبات صارمة على اريتريا لتدخلها في شؤونها الداخلية، أن اجتماع نيروبي بين الشيخ شريف ووزيرة الخارجية الأميركية سيعقد بمشاركة عدد من وزراء الحكومة الصومالية من بينهم عمر نفسه، بينما سيبقى رئيس الوزراء عمر عبد الرشيد شارمارك في العاصمة الصومالية مقديشو.

وأضاف: «الأميركيون كانوا دائما من الداعمين الجيدين لحكومتنا والاجتماع يظهر أن الولايات المتحدة تؤيد الحكومة بشكل كامل».

وقدمت واشنطن مؤخرا معدات عسكرية بقيمة 10 ملايين دولار إلى الحكومة الصومالية وطلبت من حلفائها في منطقة القرن الأفريقي تقديم مساعدات عسكرية إلى الصومال، يأتي هذا في إطار محاولتها لتعزيز قدرات السلطة التي يترأسها الشيخ شريف في مواجهة المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة به. وقال وزير الخارجية الصومالي: «لدينا توقعات متفائلة بما يمكن أن يتمخض عنه لقاء نيروبي المرتقب من نتائج لصالح الصومال»، مشيرا إلى أن واشنطن مؤيدة لعملية السلام والمصالحة والوفاق الوطني. وأضاف: «بالنسبة لهذه الحكومة فهذا أول اجتماع من نوعه ويُعد تطورا مهما ولافتا للانتباه». لكن عمر نفى في المقابل أن تكون حكومته بصدد طلب تدخل عسكري أميركي مباشر لوقف الحرب التي يشنها المتمردون الإسلاميون ضدها، وقال: «لن يكون هناك أي تدخل عسكري أميركي في الصومال. لم ولن نطلب» ذلك.

كما نفى مشاركة خبراء أميركيين في تدريب القوات الصومالية الحكومية، موضحا أن هناك مشروعا لتدريب هذه القوات في جيبوتي برعاية فرنسا.

ومن المقرر أن يطلق الاتحاد الأوروبي بعثة لتدريب قوات الأمن والشرطة في الصومال مطلع الشهر المقبل. وأعلن الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، على هامش اجتماعات وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسل، أن الاتحاد سيطلق بعثة تدريب قوات الأمن والشرطة في الصومال مطلع أغسطس (آب) القادم. وأشار إلى أن هناك مفاوضات مكثفة تجري مع ممثلي الحكومة المؤقتة في الصومال لإطلاق هذه البعثة، حيث «ركزنا خلال هذه المشاورات على المهمات التدريبية وآليات التمويل والتعاون من الاتحاد الأفريقي في هذا المجال». وشدد سولانا على أولوية مهمة أطلانطا لمحاربة القرصنة قبالة السواحل الصومالية، وقال «تبقى هذه المهمة هي المشاركة الأكبر من قبل الاتحاد في تعزيز الأمن والاستقرار في الصومال»، مشيرا إلى أن أطلانطا تتسع وتكتمل أكثر فأكثر خاصة مع مشاركة فرقتين من النرويج وقطع بحرية أخرى من كرواتيا. وتعتزم القوات الفرنسية الموجودة في جيبوتي القيام بتدريب 500 من الضباط العسكريين لصالح الحكومة الصومالية. فيما ستقوم القوات الجيبوتية أيضا بتدريب 1000 عنصر من الجيش والشرطة الصوماليين. ووصل إلى جيبوتي نحو 500 عسكري وشرطي إلى قاعدة «هلهل» العسكرية التابعة للجيش الجيبوتي لتلقي تدريبات مكثفة ومن المتوقع أن يصل الباقي إلى جيبوتي خلال الأيام القليلة القادمة. في المقابل قال وزير الخارجية الصومالي لـ«الشرق الأوسط» إن الأمم المتحدة ستقود وفدا بمشاركة الاتحاد الأوروبي لاختبار برنامج تدريب القوات الحكومية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستكون ممثلة بشخص أو اثنين في الوفد.

وتأتى هذه التحركات غداة تشكيل لجنة أمنية رباعية من الحكومة الصومالية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (الأميصوم) للإشراف على الوضع الأمني في العاصمة مقديشو وإعادة تأهيل وتدريب مختلف القوات الأمنية والعسكرية الموالية لحكومة الشيخ شريف. وغابت الجامعة العربية عن المشاركة في هذه اللجنة، فيما قال وزير الخارجية الصومالي: «نود أن نرى وفودا وأعضاء من الجامعة العربية قريبا ضمن هذه التحركات التي تستهدف إعادة ترتيب الوضع الأمني في البلاد». وأضاف: «مصر وسورية عرضتا في السابق تدريب قوات الأمن والجيش ونريد أن نرى مسؤولين من هاتين الدولتين في مقديشو قريبا للعمل على وضع هذه المقترحات موضع التنفيذ».

واستعانت الحكومة الصومالية للمرة الأولى أمس بخدمات شركة خاصة لإدارة أموالها من أجل طمأنة الجهات المانحة الدولية والحصول على الأموال الموعودة بشكل أسرع. وفي تصريحات له أمس قال وزير الخارجية الصومالي «إن الحكومة الحالية موجودة منذ ستة أشهر فقط، ومؤسساتنا خاصة أجهزة جمع الضرائب وإدارة العائدات انهارت بالكامل خلال سنوات الحرب الأهلية الـ18». وأضاف: «ليس لدينا موظفون يملكون خبرة أو تدريبا، وعلينا الآن التعامل ليس فقط مع المجموعة الدولية وإنما أيضا مع الدول والحكومات، وبالتالي فنحن بحاجة للمساعدة لإدارة هذه الأموال، وهدف العقد مع شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» هو دعمنا ومساعدتنا».

وسيكون على الشركة الأميركية جمع الأموال ووضعها في حساب خارج الصومال والمشاركة في إدارة النفقات الحكومية عبر ضبطها. وأضاف عمر «إن نظامنا المصرفي دُمر بالكامل، وليس لدينا بنك تجاري في الصومال حيث يمكن إيداع المال. ويجري حاليا إعادة بناء البنك المركزي. وحين يبدأ في العمل سيكون من الممكن إيداع كل حساباتنا وأموالنا فيه»، مشيرا إلى أن «الحكومة الانتقالية ستفتح حسابا في الخارج، يناسب المانحين ويناسبنا».

وتعهدت المجموعة الدولية خلال شهر ابريل (نيسان) الماضي في مؤتمر للمانحين في بروكسل بتقديم 213 مليون دولار للحكومة الانتقالية الصومالية لدعم إعادة إرساء الأمن، حيث يفترض أن يستخدم جزء من هذا المال في تمويل مكافحة القرصنة البحرية والقوات الأفريقية.