اللقاءات الإسرائيلية الأميركية: تفاهمات حول الاستيطان واستعداد لمفاوضات سلام إقليمية

نتنياهو يبلغ جونز أن إسرائيل لن تفك الحصار عن قطاع غزة قبل إطلاق سراح شاليط

TT

أسفرت اللقاءات الثلاثة لمسؤولين أميركيين كبار في إسرائيل، الأسبوع الجاري، عن سلسلة تفاهمات بين حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس باراك أوباما، «تقرب التوصل إلى اتفاقات بخصوص القضايا المختلف عليها، بما في ذلك وقف البناء في المستوطنات، وتدفع باتجاه مباشرة مفاوضات سلام شاملة بين إسرائيل والدول العربية والفلسطينيين».

ونشأت قضية خلافية جديدة تتعلق بالمطلب الأميركي فك الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، والرد الإسرائيلي عليه، بأن الحصار لن يفك بالكامل إلا إذا أطلق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير لدى «حماس»، جلعاد شاليط. وكان آخر اللقاءات الأميركية بين مسؤولين إسرائيليين وبين وفد سياسي أمني عسكري، برئاسة مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، الجنرال جيمس جونز، ومستشار الرئيس الخاص بشؤون الخليج وإيران، دنيس روس، وفيها جرى البحث بالتفصيل عن سبل تحريك المسيرة السلمية مع الفلسطينيين ومع سورية ولبنان وسائر الدول العربية مقابل رفع مستوى التنسيق بين البلدين حول مواجهة خطر التسلح النووي الإيراني وتعزيز الضمانات الأميركية لأمن إسرائيل وتفوقها العسكري على كل دول المنطقة.

وقد عقد هذا الوفد عدة لقاءات، آخرها لقاء مع رئيسة حزب «كاديما» المعارض، تسيبي لفني، ورئيس الدولة، شيمعون بيريس، ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ورئيس مجلس الأمن القومي، عوزي أراد. وبطلب من نتنياهو، انفرد مع جونز لأكثر من ساعة ونصف الساعة. وباختتام الاجتماع قال مصدر من مكتب الناطق بلسان رئيس الوزراء، إن المحادثات شملت عدة قضايا استراتيجية في مقدمتها متطلبات السلام مع الفلسطينيين وموضوع التهديد الإيراني بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط والعالم وغيرهما من القضايا الاستراتيجية الأخرى. وذكرت مصادر مقربة من ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الطرفين أكدا قرب التوصل إلى اتفاقات في القضايا المختلف عليها بين الجانبين، بما فيها قضية الاستيطان. وحسب هذه المصادر يبدو أن الولايات المتحدة تراجعت عن موقفها الذي طرحته حتى الآن بإصرار شديد، لتجميد البناء في جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلت سنة 1967 (القدس الشرقية والضفة الغربية)، ووافقت على صيغة جديدة تقول: تجميد جميع قرارات البناء الاستيطاني في جميع المناطق التي احتلت سنة 1967، باستثناء المشاريع التي بوشر العمل في بنائها داخل المستوطنات.

وقالت هذه المصادر بشيء من الاغتباط إن التراجع الأميركي تم في أعقاب الضغوط التي تعرض لها الرئيس الأميركي من داخل الولايات المتحدة. وأشاروا في هذا السياق إلى الحملة التي بدأتها صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية منذ شهرين ضد هذه الضغوط، والتي بلغت ذروتها، أمس، بالمقال الافتتاحي للصحيفة الذي ينتقد أوباما على انه في الشهور الستة الأولى من حكمه نجح في تحسين علاقة الولايات المتحدة مع جميع دول العالم، بما في ذلك روسيا وسورية وكوبا وفنزويلا، وأساء العلاقات فقط مع دولة واحدة هي إسرائيل. ونجح في رفع شعبية الولايات المتحدة في جميع دول العالم، وفشل في إسرائيل حيث هبطت نسبة التأييد للولايات المتحدة من 76% إلى 63% من الإسرائيليين. واقتبسوا بشكل خاص الفقرة التي احتواها المقال حول «الخطأ الفاحش» في الإصرار على تجميد البناء الاستيطاني وقال: «أمام الإصرار الإسرائيلي المقابل سيضطر الرئيس إلى التراجع والتوصل إلى حل وسط، وهذا لن يرضي العرب، الذين زادوا إصرارا على طلب وقف الاستيطان وسيرون في تراجع أوباما ضعفا من طرفه تجاه إسرائيل». وحرص مكتب نتنياهو على القول إن جونز طلب منه أن يفك الحصار عن قطاع غزة تماما وفتح المعابر أمام كل ما يحتاجه الفلسطينيون من بضائع، بما في ذلك الاسمنت، وان رئيس الوزراء الإسرائيلي رفض الطلب قائلا انه لن يفك الحصار إلا إذا أطلقت حكومة «حماس» سراح جلعاد شاليط. وأكد انه سمح لشحنة اسمنت أن تدخل، لأول مرة منذ فرض الحصار، فقط لكي تنفذ مشاريع الأمم المتحدة الإنسانية. وقال إن إدخال هذه الشحنة هو للتجربة، فإذا سيطرت عليها حكومة «حماس»، فإنه سيوقف دخول شحنات إضافية من الاسمنت.

وفي ما يتعلق بمفاوضات السلام، أكد الطرفان أنهما يسعيان للاستعداد المكثف لإجراء مفاوضات حول سلام إقليمي شامل في الشرق الأوسط، مع الفلسطينيين ومع سورية ولبنان وسائر الدول العربية.