العمل في أنفاق غزة مغامرة غير محسوبة

ضعف الإمكانيات الهندسية وصغر مساحة الشريط الحدودي أديا إلى تداخل الأنفاق

TT

ما زالت غزة تعيش الصدمة الناجمة عن مقتل سبعة من الشباب حرقا عندما اشتعلت النار في أحد أنفاق التهريب التي تصل قطاع غزة بمصر أول من أمس. وعلى الرغم من أنه قتل حتى الآن 93 شخصا في عشرات الحوادث داخل الأنفاق، فإنه لم يحدث أن سقط هذا العدد الكبير من القتلى في حادث واحد كما حدث أول من أمس. التحقيقات الأولية التي أجريت حول الحادث الذي بات الغزيون يطلقون عليه «نفق الموت» تدلل على أن كميات كبيرة من البنزين تسربت من أحد الأنفاق إلى نفق مجاور كان يتواجد فيه السبعة، الأمر الذي أدى إلى اشتعالها ومقتل السبعة. الذين يعملون في مجال تجارة الأنفاق يؤكدون أن الحادث المؤلم هو نتيجة طبيعية لعدم تنظيم حفر وإقامة الأنفاق على طول الشريط الحدودي الذي يربط القطاع بمصر والذي يمتد لمسافة 5 كلم. ويقول سلامة (45 عاما)، أحد الأشخاص المرتبطين بالأنفاق وتجارتها لـ «الشرق الأوسط» إن الأنفاق قريبة جدا من بعضها البعض الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى تأثر أي نفق بما يحدث في النفق المتاخم له. وينوه المغشي إلى أنها لم تكن المرة الأولى التي يتسرب فيها وقود من أحد الأنفاق المخصصة لتهريب الوقود إلى نفق آخر، لكن ذلك لم يؤد في المرات السابقة إلى اشتعال حرائق.

وينوه سلامة إلى حقيقة أن طابع النفق يؤثر على مستوى الأمان فيه، منوها إلى أن جميع الأنفاق المخصصة لتهريب الوقود تكون عادة في عمق عشرة أمتار أي قريبة من سطح الأرض الأمر الذي يجعلها عرضة للانهيار بسبب الظروف الجوية، أو بفعل القصف الإسرائيلي. أيمن (28 عاما) الذي يعمل في مجال حفر الأنفاق يؤكد أنه نظرا لافتقاد الأشخاص الذين يقومون بحفر الأنفاق إلى المعدات الهندسية اللازمة، فإنه في بعض الأحيان تتداخل الأنفاق في بعضها البعض. وأضاف في حديث لـ «الشرق الأوسط» قائلا «يمكن للإنسان أن يتفاجأ بعد أسبوع من الحفر الشاق والمتواصل بأن حفره يؤدي إلى نفق قائم أصلا، فيكون عندها مضطرا لإغلاق النفق الذي شرع في حفره من فوهته لأنه لن يكون بوسعه استخدامه نظرا لتقاطعه مع نفق قائم». وهناك مشكلة أخرى تتمثل في صغر مساحة الشريط الحدودي وكثرة الأنفاق التي تجاوزت الألف نفق، الأمر الذي يجعل المكان مزدحما بالأنفاق مما يجعل إمكانية التداخل بينها كبيرة. ويشير إبراهيم، وهو أحد الذين يعملون في مجال تجارة الأنفاق، إلى الدور الكبير الذي لعبه القصف الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة وبعدها، حيث استهدف الأنفاق مما أدى إلى إضعافها والدفع نحو انهيار الكثير منها.

لكن رغم المخاطرة الشديدة التي ينطوي عليها العمل داخل الأنفاق فإن الآلاف من الأشخاص يعتبرون هذه الأنفاق مصدر رزقهم الوحيد. حسن (37 عاما)، من المنطقة الوسطى في القطاع يقول إنه ليس في حكم الوارد لديه التوقف عن العمل في الأنفاق على اعتبار أن ذلك مصدر الرزق الوحيد الذي يعيل عائلته المكونة من ثمانية أشخاص. واقع الأنفاق جعل حركة حماس وحكومتها هدفا للكثير من الانتقادات. النائب جميل المجدلاوي القيادي في الجبهة الشعبية انتقد بشدة عدم حرص الحكومة على فرض إجراءات الأمان في الأنفاق.