واشنطن تخالف حلفاءها وتدعم زيادة ميزانية وكالة الطاقة الذرية

إعطاء الأولوية في الصرف لتقوية سبل الضمان النووي

TT

عبرت الولايات المتحدة عن غبطتها للإجماع الذي حظي به مشروع ميزانية الوكالة الدولية للطاقة الذرية للعام 2010 ـ 2011 أثناء الاجتماع الخاص الذي عقده مجلس أمناء الوكالة، 35 دولة، بمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا، صباح أمس، حيث تمت الموافقة على زيادة الميزانية بما يعادل نسبة 5,4% عن ميزانية العام الماضي، لتصبح في مجملها 318.1 مليون يورو.

وكان مجلس أمناء الوكالة، قد عقد بالأمس جلسة خاصة للنظر في بند الميزانية، وذلك حتى يصل لقرار يرفعه مجلس الأمناء للجمعية العمومية لإجازته في اجتماعها الشهر القادم، بعد أن تعذر ذلك من قبل بسبب خلافات حادة بين الدول الأعضاء حول الميزانية، وعلى وجه الخصوص حول ترتيب أولويات الوكالة ومهامها، وبالتالي ترتيب أولويات الصرف. وفيما ترى الدول المتقدمة مطلقا أن الأولوية وبذلك أكبر بنود الصرف يجب أن توجهها الوكالة لتقوية سبل الضمان النووي، ترى الدول النامية أن الأولوية المطلقة يجب أن تكون لبند التعاون التقني.

من جانب آخر سجلت متابعات «الشرق الأوسط» اختلافا واضحا هذه المرة في الموقف الأميركي بخصوص ميزانية الوكالة إذ أن الولايات المتحدة، ورغم اتفاقها مع حلفائها التقليديين من الدول الغربية، أن الأولوية يجب أن تكون لبند الضمان النووي، إلا أنها عكسهم تماما دعمت وبشدة ضرورة زيادة ميزانية الوكالة مخالفة بذلك حلفاءها من كبار الدول الغربية المانحة وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والنرويج الذين تحفظوا بل عارضوا أي زيادات في ميزانية الوكالة للعام القادم متمسكين بمبدأ «النمو صفر» الذي يسود تطبيقه على المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، بدعوى أن هذه المنظمات لا تحتاج لمزيد من الدعم المالي بل تحتاج لترتيب أمورها، وإعادة النظر حول أولوياتها حتى يتم تأطير أوجه الصرف وفقا لتلك الأولويات، بحساب الأهم فالمهم ثم الثانوي. مشيرين إلى أن الوكالة بلغة العصر لا تحتاج لمزيد من المال بل تحتاج لاتباع حمية «رجيم» لتنظيم أوجه صرفها، واجتثاث الشحوم والترهلات بدلا عن إهدار مواردها بسبب عدم تحديد الأولويات تحديدا صحيحا.

وتكمن المشكلة أساسا في أن ترتيب الأولويات يختلف من دولة مانحة للأخرى، ومن دولة عضو للأخرى. وفقا لاختلاف ما تطلبه كل دولة من الوكالة وما تتوقعه منها دوليا.

وكانت الولايات المتحدة التي دعمت، هذه المرة وبقوة، تقديم مزيد من الدعم المالي لميزانية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد ابتدرت بيانها الرسمي لاجتماع الأمس بشكر الدول الأعضاء لتبرعها رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، رغم تمسك الدول الغربية بسياسة النمو صفر. مؤكدة أهمية أن تتوفر للوكالة الدولية الوسائل والموارد المالية ما يمكنها من القيام بمهامها، وذلك بوصفها المؤسسة الدولية الوحيدة من نوعها التي تعمل على مراعاة تطبيق وتحقيق الضمان النووي، وحماية العالم من الإرهاب النووي.

من جانب آخر كان عدد من المتحدثين في اجتماع الأمس من الدول النامية، وفي مقدمتهم الأرجنتين ومصر، قد عبروا صراحة عن أن موافقتهم على مشروع الميزانية قد تم فقط لمجرد حرصهم على ألا ينفرط عقد الإجماع الدولي داخل مجلس أمناء الوكالة. مبدين تحفظهم الشديد تجاه محاولات التخفيف من أهمية بند التعاون التقني الذي تقدمه الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة الدول النامية من دولها الأعضاء والأخذ بيدهم في مسيرتهم النووية للاستفادة من الذرة.

من جانب آخر أشار مصدر دبلوماسي أميركي في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إلى أن زيادة دعم الحكومة الأميركية لميزانية الوكالة يجيء كجزء من تنفيذ برنامج الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي دعا إليه أثناء حملته الانتخابية. مذكرا أن تلك الأطراف التي خططت مع أوباما لدعم الوكالة باعتبارها الجهاز الدولي الوحيد الذي بإمكانه الحفاظ على السلم النووي أصبحوا اليوم يتبوأون مناصب تساعدهم على تطبيق تلك السياسة. مشيرا إلى أن اليوم الذي قد تضاعف فيه الحكومة الأميركية من مشاركتها في ميزانية الوكالة ليس بعيدا. الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تدفع حاليا 25% من ميزانية الوكالة.