المالكي يتعهد أمام سكان حلبجة بالقصاص العادل من منفذي الهجوم الكيماوي عليها

وعد بتحويل البلدة الكردية إلى محافظة.. وأكد: البعث لن يعود مهما أغدقوا عليه من أموال

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يدون كلمة في سجل الزيارات في متحف مخصص لضحايا الهجوم الكيماوي على حلبجة خلال زيارته للبلدة أمس (تصوير: جمال بنجويني)
TT

في اليوم الثاني من زيارته لإقليم كردستان تفقد صباح أمس رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بلدة حلبجة التابعة لمحافظة السليمانية، واستهل زيارته باللقاء مع المسؤولين الإداريين في البلدة، وممثلي بعض المنظمات الجماهيرية غير الحكومية في مقدمتها جمعية الدفاع عن حقوق ضحايا كارثة حلبجة واستمع إلى آراء ومقترحات ومطالب ممثلي سكان البلدة.

ومن ثم زار مقبرة شهداء حلبجة التي تضم رفاتات 5000 آلاف من ضحايا قصف البلدة بالسلاح الكيماوي المحرم دوليا في 16 مارس (آذار) 1988 من قِبل قوات النظام العراقي السابق، ووضع أكاليل من الورد على نصب الشهداء وتفقد المتحف الخاص بصور الضحايا وأسمائهم وألقى كلمة في حشد غفير من سكان حلبجة الذين احتشدوا عند النصب التذكاري لفاجعة حلبجة. وتعهد المالكي خلال كلمته بـ«إنزال القصاص» بالمدانين في القضية.

ووصف المالكي في خطابه فاجعة حلبجة بـ«الجرح الذي أصاب كل الخيّرين والشرفاء والأحرار في العالم» إلا من نعتهم بـ«أصحاب الضمائر الميتة الذين درجوا على الجريمة واستهانوا بدماء الناس وأرواحهم»، في إشارة إلى أركان النظام السابق وأتباعه في العراق.

وقال إن «الجريمة هنا في حلبجة رسمت أبشع الصور التي لا بد للتاريخ أن يسجلها في ذاكرته، فإن حزب البعث مر من هنا وترك هذه المأساة كما مر من هناك تاركا المقابر الجماعية وقتل الناس أحياء».

وأردف المالكي قائلا إن «جريمة حلبجة لم تكن الجريمة الوحيدة التي ارتكبها النظام السابق بحق الشعب الكردي بل تبعتها عمليات الأنفال والعمليات العسكرية التي كانت تقتل الناس الأبرياء والأطفال ولم تسلم منها حتى آبار المياه التي جففها البعث للقضاء على مقومات الحياة في هذه البقعة الجميلة من العراق». ومضى يقول: «علينا أن نقف أمام هذا الحدث التاريخي وأن نولي أهلنا في حلبجة أقصى درجات الاهتمام، فلقد كانت حقبة البعث التي مرت بالعراق من أسوأ المراحل التاريخية وأشدها قتامة في تاريخ البلاد، لذا ينبغي أن تكون مأساة حلبجة مساوية للبعث وكذلك المقابر الجماعية».

وأردف المالكي قائلا: «علينا أن نخطط كيف نعمل حتى لا يعود إلينا دكتاتور دموي جديد ينشر حقدا عنصريا وإثنيا يضطهد فيه الناس في البلاد وتذهب قوافل جديدة من الشهداء».

ومضى يقول: «أعاهدكم ومعي كل الإخوة في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وكل المكونات السياسية بالعمل الجاد للتخفيف من معاناة سكان حلبجة وتعويض أسر الشهداء ومعالجة الجرحى، وسنتابع مطالبكم غبر قنواتها المعنية التي يمكن أن تكون مساعدة في النظر في إمكانية تحويل حلبجة إلى محافظة تقديرا لإرثها التاريخي والجريمة التي ارتُكبت بحقها».

ودعا المالكي إلى «تعزيز علاقات الأخوّة والوئام بين جميع العراقيين واتخاذ الانتماء إلى الوطن أساسا للتعامل مع المواطنين، والعمل المشترك لبناء عراق يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات ويتمتعون فيه بالحرية ويخلو من التمييز العنصري والعرقي بخلاف ما كان سائدا في زمن البعث». وأضاف: «طبقا لما ورد في القرآن الكريم فإننا أولياء دماء أولئك الضحايا الذين سقطوا شهداء في حلبجة وينبغي أن ننزل القصاص بالقتلة والمجرمين المسؤولين عن تلك الجريمة وإلا فإن السكوت عن هذه الجريمة وأولئك المجرمين الذين قتلوا كل هؤلاء الشهداء ستكون وصمة عار في جباهنا مرة أخرى، وإنه لمن العار أن يدافع أحد عن أولئك المجرمين».

وتابع مخاطبا الحضور: «أقول لكم بكل صراحة إننا لن نتنازل ولن نتوقف ولن نسكت أبدا حتى ننزل القصاص العادل بحق الذين اقترفوا هذه الجريمة الشنيعة لأن هذه هي مسؤوليتنا كأولياء دم، وكل عراقي شريف هو ولي دماء الذين سقطوا في حلبجة».

وكانت المحكمة الجنائية العراقية العليا المتخصصة بمحاكمة رموز النظام العراقي السابق قد أصدرت حكما بالإعدام في يونيو (حزيران) 2007 على علي حسن المجيد الملقب بـ«علي كيماوي» ابن عم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وهو واحد من أبرز المتهمين في قضية الإبادة الجماعية في حق أكراد العراق في الثمانينات. غير أن الحكم لم ينفد حتى الآن بسبب جدل قانوني.

واستطرد المالكي قائلا: «لقد قدمنا مشروعا إلى مجلس النواب لتعويض جميع الذين تضرروا من النظام السابق أضرارا مادية أو روحية، وقد صادق عليه مجلس النواب وأعيد إلى مجلس الوزراء لتعديل بعض فقراته، وسنواصل مسألة التعديلات حتى يصدر القرار النهائي وسنتوجه لتعويض أهالي حلبجة الذين فقدوا الكثير والكثير أسوة بكل العراقيين الضحايا ودون استثناء أو تمييز، فنحن نقف مع أهالي حلبجة ومع كل الشعب الكردي».

وأعرب المالكي عن شجبه لـ«الجهات التي تدعم البعث وتيار عزة الدوري وتحاول إعادته إلى الساحة العراقية ليعيث فيها مزيدا من الخراب»، على حد وصفه. وقال: «ثقوا أنه لن يعود ولن تعود أيامه السوداء إلى العراق مهما أغدقوا عليه من الأموال والجهود ما دامت تصرخ الأرواح مطالبة إيانا بالوقوف ضد الجريمة في البلاد».