جدل حول إقامة منشأة عسكرية بأميركا تستضيف معتقلي غوانتانامو

تحت إشراف وإدارة وزارات الدفاع والعدل والأمن الداخلي

TT

صرح مسؤولون بالإدارة الأميركية أول من أمس بأن الإدارة الأميركية تفكر في نقل بعض المحتجزين بالسجن العسكري بغوانتانامو بكوبا إلى منشأة عسكرية داخل الولايات المتحدة، تشتمل على قاعات محكمة لإقامة محاكم جنائية فيدرالية ولجان عسكرية لمحاكمة الإرهابيين المشتبه بهم.

وسوف تخضع المنشأة ذات الإجراءات الأمنية المشددة لإشراف وإدارة وزارة الدفاع والعدل ووزارة الأمن الداخلي، والتي سوف تضطلع كل منها بالمسؤولية عن عدد محدد من السجناء. ويقول المسؤولون إنه من المحتمل أن يودع بهذه المؤسسة كذلك السجناء المحكوم عليهم بالسجن مدى الحياة والسجناء الذين صدر قرار بالإفراج عنهم ولكن دولهم تفضل استقبالهم. ومن المحتمل أن يقضي السجناء الذين صدرت ضدهم أحكام من المحاكم الفيدرالية أو اللجان العسكرية عقوبتهم في تلك المنشأة.

وأضاف المسؤولون أن المخططين بالإدارة الذين كانوا يبحثون عن موقع لإقامة تلك المنشأة يفكرون في اختيار السجن العسكري بفورت ليفنورث بكانساس، أو سجن آخر خاضع لإجراءات أمنية مشددة بستانديش بميتشغان، والذي كان مقررا إغلاقه.

وقد أكد مسؤول بالإدارة أن تلك الأفكار التي أذاعتها لأول مرة وكالة أنباء أسوشييتد برس أول من أمس كانت محل خلاف بين هيئتين كانتا مكلفتين بدراسة سياسة الاحتجاز، وأكد المسؤول أنهما لم يتوصلا إلى شيء حتى الآن. وقال: «هذه هي إحدى تلك الأفكار التي طرحناها وخضعت للنقاش»، مضيفا أن فريق العمل المضطلع بهذه المهمة لم يقرر بعدُ ما إذا كان سيوصي بمثل ذلك الاقتراح للوزارات المختصة، أو أنه سيقدم به توصية إلى الرئيس أوباما.

وقد تحدث ذلك المسؤول وغيره من المسؤولين دون الإفصاح عن هويتهم، لأنهم ليس مخولا لهم الحديث علانية حول تلك القضية.

وفي أولى الإجراءات التي اتخذها بعد وصوله إلى البيت الأبيض، وقّع الرئيس أوباما على أمر تنفيذي يلزم إدارته بإغلاق معتقل غوانتانامو خلال عام، ولكن تلك الخطط ووجهت بمعارضة سياسية عنيفة شملت بعض الديمقراطيين وزادت من حدة الجدال حول كيفية صياغة سياسة الاحتجاز بصفة عامة.

ويقول المسؤولون بالإدارة إن خطط نقل المحتجزين قد تخفف حدة معضلة تفرقة المحتجزين على عدد من اللجان القضائية، وهي الخطوة التي كانت تقتضي وضع خطة أمنية مفصلة لكل من تلك اللجان، كما تقتضي تحديثا للكثير من تلك المنشآت. وسوف تمركز فكرة السجن الواحد المعارضة السياسية، وقد تلقى الفكرة التأييد في حالة إقامة المنشأة في ميتشغان.

تقول تارا أندرينغا المتحدثة الرسمية باسم السيناتور كارل ليفين نائب الديمقراطيين في الكونغرس عن ولاية ميتشغان: «إذا أيد مسؤولو الولاية والمسؤولون المحليون الفكرة فإن السيناتور يعتقد أن الإدارة سوف تضعها في الاعتبار».

وكان بعض المفوضين عن ولاية ميتشغان في الكونغرس قد اقترحوا إعادة تجديد السجن قبل استقبال محتجزي غوانتانامو، كوسيلة للمساعدة في تحفيز الاقتصاد من خلال خلق فرص عمل محلية في الجزء الشمالي من ميتشغان، وذلك وفقا لمصادر بالإدارة والكونغرس، ولكن قضية إغلاق السجن في كوبا كانت تلقى معارضة كلا الحزبين في الولاية.

وقد أبدى أكثر من سيناتور من ولاية كانساس والجمهوريين، سام براونباك وبات روبرت، معارضة واضحة لاستخدام منشأة فورت ليفنورث لاحتجاز معتقلي غوانتانامو، بحجة أنه يجب إبقاء المنشأة في كوبا مفتوحة. كما أنهم قالوا إن أي نقل للسجناء إلى كانساس سوف يحد من قدرة القيادة وقيادة الأركان العسكرية على جذب الأفراد الأجانب للعمل بالجيش، والذين قد يترددون لحضور البرامج بفورت ليفنورث إذا ما تم نقل سجناء غوانتانامو إليه.

وقال براونباك في تصريح له أول من أمس: «ليس منطقيا أن ننفق الملايين والملايين من الدولارات لبناء ما هو موجود لدينا بالفعل في غوانتانامو، كما أن منشأة فورت ليفنورث تخضع لإجراءات أمنية متوسطة وليس لديها سوى جناح واحد يخضع لإجراءات أمنية مشددة، وهو لا يسع سوى 30 سجينا فقط. ولا يستطيع ذلك الجناح تلبية كل الاحتياجات المطلوبة لكل هؤلاء المساجين وفريق المساعدة وقاعات المحاكم، فهذه ليست سوى فكرة سيئة جرت فكرة سيئة في الوقت الذي يمضي سريعا».

وقد منع الكونغرس الإدارة من استخدام المال لنقل سجناء غوانتانامو الذين يبلغ عددهم 229 سجينا إلى الولايات المتحدة، كما اشترط السياسيون من كلا الحزبين أن تقدم الإدارة خطة تفصيلية قبل أن يوافقوا على نقل سجناء مثل خالد شيخ محمد، الذي يدعى أنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

وقد نقلت الإدارة بالفعل محتجزا واحدا إلى الولايات المتحدة لكي يخضع لمحاكمة فيدرالية، وهو أحمد جيلاني من تنزانيا، والذي نفى التهم الموجهة إليه في محكمة بمانهاتن في يونيو (حزيران)، والتي تتعلق بصلته بتفجير سفارتي أميركا في شرق أفريقيا في 1998، والذي أسفر عن مقتل 224 شخصا بما فيهم 12 أميركيا.

ويقول مسؤولون بالإدارة إن إقامة منشأة تشتمل على سجن وقاعات للمحكمة لن تلغي احتمال خضوع مجموعة معينة من المحتجزين للمحاكمة في نيويورك أو فيرجينيا حيث وقعت هجمات 11 سبتمبر (أيلول). وكان من المفترض أن يمثل محمد وأربعة آخرون من المحتجزين لمحاكمة أمام لجنة عسكرية، إلا أن إدارة أوباما قد أعلنت عن وقف تلك الإجراءات في معتقل غوانتانامو. وقد أصر المسؤولون بالإدارة على عزمهم التعاون مع الكونغرس، حيث تحتاج أي سياسة جديدة للاحتجاز أو إقامة المنشآت الجديدة إلى الدعم التشريعي. ولم يتم حتى الآن حل قضايا مثل كيفية تكوين هيئة المحلفين بالنسبة للمحاكمات الفيدرالية في مثل ذلك النوع من السجون. وتقول الإدارة إنها قد أعلنت عن إطلاق سراح أكثر من 50 من السجناء بمعتقل غوانتانامو، وإن وزارة الخارجية تبحث حاليا مع الحكومات في أوروبا وغيرها عن أماكن لاستقبالهم. وإذا لم تقُم الإدارة بنقل بعض المحتجزين بحلول شهر يناير (كانون الثاني)، فيمكن أن يتم وضع بعض المحتجزين الذين أطلق سراحهم بإحدى المنشآت العسكرية التي تخضع لإجراءات أمنية عادية تماثل تلك الموجودة بالمنشأة الكوبية. وقد أشارت الإدارة إلى أن بعض المحتجزين بمعتقل غوانتانامو سوف يخضعون لمحاكمات فيدرالية، وبعضهم سوف يخضع للجان العسكرية. كما قالت إنه قد يكون هناك فئة ثالثة من المحتجزين، والذين ينظر إليهم باعتبارهم مصدرا للخطر، ولكنهم لا يمكن تقديمهم للمحاكمة نظرا لعدم وجود أدلة كافية أو لحماية المعلومات الاستخباراتية.

يقول المسؤولون بالإدارة إن أي نظام للاحتجاز الأبدي سوف يخضع للإشراف القانوني، حيث سيصدر القضاء تقارير دورية، كما أنه سوف يخضع لرقابة الكونغرس. ولكن مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان والحقوق المدنية مثل منظمة «هيومان رايتس ووتش» واتحاد الحريات المدنية الأميركي تعارض الاحتجاز دون محاكمة.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»