باكستان تنقل مدانا بقتل صحافي أميركي إلى كراتشي

وادي سوات على طريق التعافي * محاكمة وسيط اتفاقية السلام

TT

قال مسؤولون باكستانيون أمس، إن متشددا إسلاميا بريطاني المولد، حكم عليه بالإعدام لقتله الصحافي الأميركي دانييل بيرل، نقل إلى سجن في كراتشي وسط مخاوف متعلقة بالإجراءات الأمنية.

وحكم على أحمد عمر سعيد شيخ، المعروف بالشيخ عمر، بالإعدام عام 2002 لدوره في قتل بيرل، الذي كان يعمل صحافيا في «وول ستريت جورنال» الذي خطف في كراتشي في يناير (كانون الثاني) عام 2002 أثناء إجرائه تحريات بخصوص موضوع صحافي عن المتشددين الإسلاميين. وعثر على بيرل مقطوع الرأس في وقت لاحق. وظل الشيخ عمر، الذي كان طالبا في كلية لندن للاقتصاد بالسجن المركزي في حيدر آباد، الواقعة على بعد نحو 160 كيلومترا إلى الشمال من مدينة كراتشي بجنوب البلاد، قبل نقله إلى هناك أمس. وقال علاء الدين عباسي، نائب المدير العام للسجون في حيدر آباد لـ«رويترز»: «نقل إلى كراتشي بسبب مخاوف أمنية». ولم يذكر تفاصيل، ولكن مسؤولين آخرين قالوا، إن الوضع الأمني في سجن حيدر آباد تدهور مؤخرا، وأن السجناء احتجزوا 24 من العاملين بالسجن رهائن في الشهر الماضي.

وأجبر تدهور الوضع الأمني السلطات بالفعل على نقل سلمان ثاقب، الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة في قضية بيرل، إلى سجن آخر في حيدر آباد بعد مشاجرة مع نزلاء آخرين.

من جهة أخرى في مينغورا بالشريط القبلي تناولت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير لها أمس الوضع في وادي سوات الباكستاني بعد عدة أشهر من بدء العملية العسكرية الضخمة التي قام بها الجيش الباكستاني ضد مقاتلي طالبان. وقالت الصحيفة إن المدارس أعادت فتح أبوابها رسميا. والجنود يقفون عند نقاط التفتيش وقد فرضوا نوعا من النظام. وهناك آلاف كثر عادوا إلى هنا إلى بلدة لم تمس تقريبا، وإن ظلت تحت ضغط عسكري. وأضافت الصحيفة في تقرير لها، إن مينغورا وهي بلدة روعتها المعارك في وادي سوات، لا تزال مع ذلك متوترة. وجهود باكستان لإعادة الأمور إلى الحالة الطبيعية، في اختبار حيوي لقدرة الحكومة على التصدي لطالبان تتأرجح بين الخوف والأمل تاركة النصر النهائي على المتشددين هدفا بعيدا. وتحت سطح الهدوء النسبي ثمة شعور بأن صراعا جديدا أكثر غدرا ربما كان في دور التشكل، صراع وقد يأخذ الأمر شهورا قبل أن يتحدد مصير المنطقة التي كانت تتمتع بالرخاء في نهاية المطاف. وقال الكاتبان إنه بالأمس كانت جثة مربوطة الأيدي بجبل، وقد أطلقت النار على الرأس من الخلف ترقد على جانب أحد الطرق الرئيسية. وثمة قصاصة ثبتت على القميص كتب عليها بالأردية، أن الضحية اسمه جول خيتاب، وأنه من ماتا وهي واحدة من معاقل طالبان القوية. وأضيفت كلمة «أعداء سوات».

قال الكاتبان، إن ثمة شائعات تروج عن دفن جثث خلال الأسبوعين الماضيين، في إشارة إلى أن الجيش ربما يستعد لاستخدام القتل خارج القانون لتصفية العشرات. وقال مراد علي، وهو موظف حكومي، إنه شاهد ثلاث جثث أطلقت النار على رؤوسها ترقد بأسلوب مماثل خلال الأيام الستة الماضية. وعندما سئل عن هوية الرجل أجاب قائد بالجيش، وقد اكتسي وجهه بالحزن، «ربما كان واحدا من الأشرار». وقال المتحدث باسم الجيش ناصر خان، إن الجيش لا يعلم شيئا عن حالات القتل، ولن يصفح عن مرتكبيها. ومضى الكاتبان إلى القول، إنه إذا لم يكن أحد يعرف على وجه الدقة هوية صاحب الجثة، فإنها ثمة إشارة واضحة على أن الصراع في سوات لم ينته بعد. وقال الكاتبان، إن قادة طالبان لا يزالون مطلقي السراح مما يثير الهلع والخوف ممن عانوا على أيديهم.

وقد ذاب مقاتلو طالبان في محيط سوات أو المناطق المجاورة، تاركين الجنود والمدنيين على حد سواء، وقد تملكهم الرعب من الإجابة على السؤال، متى يعود المتمردون وكيف؟. واليوم وبعد مرور ثلاثة شهور على بدء هجوم الجيش، فإن كثيرين بين أكثر من مليون شخص قد عادوا ويتوقعون الهدوء، لكن لا يزالوا غير متأكدين من قدرة الجيش على ضمانه.

والفشل في قتل أو أسر قادة طالبان ترك كثيرين وهم في شك من أن الجيش لا يأخذ أمر القضاء على طالبان مأخذ الجد. ولتهدئة هذه المخاوف قام الجيش علانية بتقديم أربعة من الصبية الذين قال، إنه تم أسرهم من قبل طالبان ووضعهم في معسكر للتدريب مع أكثر من مائة آخرين، جميعهم من الرهائن. وقال الكاتبان إن الصبية أبلغوهم أن محاضرا قال لهم إن الجيش منظمة «كافرة» مليئة بالمرتدين. وحتى هذه اللحظة فإن وجود الجيش يتم التسامح معه. لكن حقيقة أن الجنود يقيمون في المدارس وتم استخدام ساروش أكاديمي التي تحظى بتقدير كبير كسجن لمتشددي طالبان، لا تجعل الناس في حالة سرور أيضا. إلى ذلك تتجه الحكومة الباكستانية إلى محاكمة رجل دين بارز لعب دورا في المفاوضات، التي أدت إلى اتفاقية سلام بين الحكومة وحركة طالبان في وادي سوات. وقد لعب صوفي محمد، دورا للتوصل في فبراير (شباط) لاتفاقية سلام تنص على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في وادي سوات، مقابل إنهاء حركة طالبان هجماتها في المنطقة. إلا أن انهيار اتفاقية السلام هذه في شهر أبريل (نيسان) أسفر عن تنفيذ الجيش الباكستاني لعملية واسعة على طالبان أدت إلى نزوح مليوني شخص. ووجهت الحكومة لصوفي محمد، تهمة العصيان ومساعدة الإرهاب والتآمر. ويواجه صوفي محمد، في حالة إدانته حكما بالسجن مدى الحياة، فيما قد يصل الحكم إلى الإعدام. وتتعلق التهم بخطبة ألقاها صوفي محمد، في أبريل الماضي، أدان فيها النظام الديمقراطي الانتخابي، وقال إن دستور باكستان غير إسلامي. وصوفي محمد هو والد زوجة قائد حركة طالبان في وادي سوات مولانا فضل الله. وقال قائد شرطة سوات ساجد خان محمد، إن هذه الاتهامات تستند إلى خطاب ألقاه صوفي محمد في التاسع عشر من أبريل (نيسان). وكان رجل الدين الإسلامي قد أعلن في حينها أنه لا يؤمن بالديمقراطية والدستور والنظام القضائي والبرلماني في باكستان.