اليمن: معارك ضارية وقطع طريق رئيسية..تنذر بحرب سادسة مع الحوثيين

اللجنة الأمنية: الجيش لن يقف مكتوف الأيدي * الحوثي: استولينا على «المشنق» قرب الحدود السعودية و«الحصامة» ما زالت في أيدينا

قوات يمنية لمكافحة الإرهاب خلال تدريبات في منطقة جبلية خارج العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

عادت نذر الحرب بين قوات الجيش والحوثيين من جديد في عدد من المناطق والمديريات في محافظة صعدة، على خلفية الاشتباكات والمواجهات العنيفة التي دارت بين الجانبين في الأيام الثلاثة الماضية. وحملت اللجنة الأمنية العليا المعنية بملف صعدة عبد الملك الحوثي القائد الميداني لحركة الحوثيين نتائج هذه التطورات في ميدان المواجهات وما يترتب عليها من عواقب.

وأفادت الأنباء باستيلاء الحوثيين على منطقة ساقين، بعد معارك ضاربة مع قوات الجيش اليمني الذي تفيد المعلومات بمقتل عشرة من جنوده في المواجهات التي دارت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. فيما نفت وزارة الدفاع اليمنية الأنباء التي تحدثت عن استهداف نجل الرئيس اليمني، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، بقصف لعناصر من القاعدة في محافظة مأرب.

واعترف عبد الملك الحوثي القائد الميداني للحوثيين بالسيطرة على مديرية ساقين. وقال في بيان صادر عنه إن المواطنين في المديرية قاموا «بمعالجة العدوان بأنفسهم» وتم «إنهاء الوضع هناك بصورة نهائية». وأرجع الحوثي السيطرة على مديرية ساقين إلى ما سماه بـ«الاعتداءات المتكررة من قبل المواقع العسكرية في المنطقة»، وأن ذلك جرى بعد «رصد وتسجيل للخروقات والاعتداءات المتواصلة وتقديمها إلى لجنة الوساطة». مشيرا إلى أن معاناة المواطنين في تلك المنطقة «تعدت الحدود».

ونفى عبد الملك الحوثي الأنباء التي تحدثت عن استرداد القوات الحكومية لمنطقة «الحصامة» الحدودية مع السعودية. وقال إن القوات الحكومية فشلت في عملية زحف على المنطقة «وباءت محاولتها بالفشل، وانكسر الزحف»، مؤكدا أن المواجهات ما زالت مستمرة، وأن مسلحيه تمكنوا من السيطرة على منطقة «المشنق» الواقعة على الحدود اليمنية السعودية، مبررا ذلك بـ«دفع الضرر والعدوان الذي ألفت السلطة على انتهاجه».

من جهتها، قالت اللجنة الأمنية العليا في بيان أمس إن رجال القوات المسلحة وأجهزة الأمن لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء هذه الأحداث بما آلت إليه الأوضاع في صعدة، في ضوء استمرار من سماهم البيان بالعناصر التخريبية والإرهابية في ممارسة الأعمال الإجرامية بمواصلة الاعتداءات من قبل الحوثيين على المواطنين ورجال الأمن، ومن ذلك جرائم القتل والاختطاف وقطع الطرقات وتدمير المنازل وتشريد المواطنين. وقالت اللجنة في صيغة تحذيرية إن القوات المسلحة وقوات الأمن ستقوم بواجباتها الدستورية والقانونية لحماية المواطنين وحماية ممتلكاتهم، وتطهير المدارس والمراكز الصحية والمباني الحكومية من تلك العناصر الإجرامية، وإعادة المواطنين الذين شردهم الحوثيون إلى منازلهم. وأهابت اللجنة العليا الأمنية بالمواطنين في صعدة الوقوف صفا واحدا خلف القوات المسلحة والأمن لعودة الأمن والاستقرار إلى جميع المناطق والمديريات في محافظة صعدة. فيما قالت مصادر محلية في صعدة إن الحوثيين قطعوا الطريق الرئيسية التي تربط العاصمة صنعاء ومدينة صعدة في مديرية المهاذير، ومنعوا المواطنين من المرور في الطريق في هذه المنطقة. وذكرت مصادر محلية في صعدة لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الجيش تقدمت في مديرية الظاهر التي شهدت مواجهات عنيفة بين قوات الجيش والحوثيين، حيث تمكنت قوات الجيش من التقدم في جبل ذهل، وصدت القوات المسلحة هجوما للحوثيين على مواقع عسكرية تتبع قوات الجيش بجبل حرم المطل على مديرية رازح، في الوقت الذي كانت فيه الكثير من المناطق والمديريات من محافظة صعدة قد شهدت اشتباكات عنيفة سقط من جرائها كثير من الضحايا والجرحى من كلا الجانبين. وحاصرت قوات الجيش أعدادا من الحوثيين بعد أن سيطروا على مدرسة «فروه» التي تلقت وابلا من القذائف الثقيلة، ولم تستبعد المصادر القبلية في المنطقة أن يكون الحوثيون قد خسروا عددا من الأشخاص في هذه المدرسة، كما قتل 6 من قبائل باقم المساندة للحكومة في حربها مع الحوثيين، وقتل عدد من الحوثيين في هذه المنطقة، وكان قد قتل 13 من الحوثيين عندما سيطروا على جبل دوالق. وكانت المنطقة المعروفة بسوق الليل الواقعة بالقرب من مداخل مدينة صعدة قد شهدت اشتباكات قوية استخدمت فيها أسلحة متنوعة، وقتل فيها أحد الجنود من القوات الأمنية، وجرح 4 آخرون تم نقلهم إلى مستشفى السلام لتلقي العلاج. فيما كانت مواجهات أخرى وقعت في مديرية شدا الواقعة إلى الغرب من صعدة كانت حصيلتها سقوط الكثير من الضحايا. وقال الحوثيون إنهم سيطروا على هذه المديرية التي كانت أولى المديريات التي التهبت فيها حمى القتال والمواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، وخلفت مزيدا من الخسائر من الطرفين، وإن قتالا شرسا وقع في المبنى الحكومي ومركز للشرطة بين الجانبين. وعزت بعض المصادر عودة الحرب والمواجهات بهذه الحدة بين قوات الجيش والحوثيين بعد أن قال الحوثيون إن الجيش استحدث بعض المواقع العسكرية في مديرية شدا، وهو ما خلق جوا من التوتر واندلاع المواجهات. وبينما تدور حرب في بعض المديريات في محافظة صعدة تعتبر الأعنف في حجم الخسائر والأسلحة المستخدمة فيها، قالت وزارة الداخلية اليمنية أمس إن حملة الملاحقات التي تنفذها أجهزة الأمن في مأرب ضد عناصر من تنظيم القاعدة مستمرة في منطقة شبوان في وادي مأرب. وقال مصدر أمني بهذا الخصوص إن الحملة تأتي في السياق الخاص بمحاربة الإرهاب الذي يرمي إلى القضاء على الإرهاب والعناصر الإرهابية في كل الأرجاء والمحافظات اليمنية وأينما وجد الإرهابيون، والتي تحدث المصدر الأمني بشأنها بما تشكله من خطر على أمن واستقرار ومصالح اليمن. وأشار إلى أن ما جرى في مأرب وصعدة وفي مديرية أمعين بمحافظة أبين من قتل لـ4 من الجنود في قوات النجدة يمثل مجمله مخططا واحدا لأيادي الشر التي تستهدف الأمن والاستقرار في اليمن. وكانت خلية من تنظيم القاعدة قد هاجمت سيارة عسكرية وعددا من الجنود، وقتل في ذلك الهجوم أحد الجنود العسكريين وجرح 3 آخرون، واتهمت السلطة المحلية خلية من تنظيم القاعدة تتكون من 18 عنصرا بالوقوف وراء ذلك الهجوم، وقال محافظ مأرب ناجي بن علي الزايدي إن القوات الأمنية فرضت حصارا على هذه الخلية بعد أن تحصن المطلوبون للسلطات الأمنية في قرى بمنطقة عبيدة.

وقد تواصل التصعيد العسكري بين القوات الحكومية اليمنية وميليشيا الحوثيين الشيعة في محافظة صعدة بشمال البلاد. وفي صنعاء، عبرت اللجنة الأمنية العليا عن أسفها الشديد لما آلت إليه الأوضاع في محافظة صعدة. واتهمت اللجنة في بيان لها من سمتهم بـ«عناصر التخريب والإرهاب» بالاستمرار في ممارسة «الأعمال الإجرامية والتخريبية البشعة»، ومواصلة «الاعتداءات على المواطنين ورجال الأمن»، متهما الحوثيين بعدم استثناء الأطفال والشيوخ والنساء في الحرب إلى جانب «جرائم الاختطاف وقطع الطرقات وتدمير المنازل وتشريد المواطنين».

وفي الوقت الذي حمل فيه مصدر في اللجنة «قيادة عناصر التخريب والإرهاب» حسب وصفه، المسؤولية عما يجري، فقد توعد المصدر بالرد من خلال الأجهزة الأمنية ورجال القوات المسلحة ومعهم «الشرفاء من أبناء محافظة صعدة» الذين قال إنهم «لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وسيقومون بواجباتهم الدستورية والقانونية»، وسيطهرون «المدارس والمراكز الصحية والمباني الحكومية من تلك العناصر الإجرامية، وستتم إعادة المواطنين الذين شردتهم تلك العناصر إلى منازلهم ».

وتحدثت مصادر محلية في صعدة عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في المواجهات الدائرة في أكثر من جبهة قتال بين الحوثيين والقوات الحكومية. وقالت المصادر إن الخسائر في الأرواح والمعدات متبادلة، وإن آلاف المدنيين شوهدوا وهم ينزحون عن بيوتهم وقراهم.

وتعد هذه التطورات العسكرية في صعدة الأعنف بين الجانبين، منذ إعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في يوليو (تموز) 2008 عن إيقاف الحرب من طرف واحد، وهو الإعلان الذي أوقف الحرب الخامسة منذ اندلاع التوتر في صعدة لأول مرة صيف عام 2004.

وكان الحوثيون يعلنون دائما أنهم في موقف الدفاع عن النفس ضد هجمات القوات اليمنية، غير أن المراقبين يعتقدون أن التطورات الأخيرة تشير إلى استراتيجية جديدة لديهم تقوم على أساس التوسع في بسط السيطرة على مناطق جديدة لم تكن تحت سيطرتهم خاصة المناطق المتاخمة للحدود مع السعودية.

إلى ذلك، أكدت وزارة الداخلية اليمنية أن حملة ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة في اليمن مستمرة في جميع المحافظات. وأكدت الوزارة عبر المركز الأمني التابع لها أن المواجهات التي دارت الأسبوع الماضي في منطقة آل شبوان بمحافظة مأرب تندرج في إطار هذه الحملة التي تهدف، حسب الوزارة، إلى «القضاء على الإرهاب والعناصر الإرهابية في جميع أرجاء اليمن»، مشيرة إلى أن «الإرهاب لن يكون له موطئ قدم في يمن الإيمان والحكمة، وأنه سيظل مطاردا وملاحقا في عموم المحافظات إلى أن يتم القضاء عليه قضاء مبرما».

على صعيد متصل، نفت وزارة الدفاع اليمنية أن يكون تنظيم القاعدة في اليمن استهدف نجل الرئيس اليمني العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، قائد الحرس الجمهوري، قائد القوات الخاصة، في قصف للقصر الجمهوري بمحافظة مأرب قبل عدة أيام. وقالت الوزارة في بيان لها، حصلت « الشرق الأوسط» على نسخة منه إن تلك الأنباء ليس لها «أي أساس من الصحة، وتفتقر للدقة والموضوعية، لأن قائد الحرس الجمهوري لم يكن متواجدا أصلا في المنطقة».

وفي حين جددت الوزارة الاعتراف بمقتل جندي وجرح ثلاثة آخرين على يد عناصر القاعدة، فقد أكد بيانها على أن «القوات المسلحة والأمن سيمضون قدما في أداء واجباتهم ومهامهم الدستورية في الحفاظ على الأمن والاستقرار في كل مناطق الوطن، والتصدي لكل من يحاول العبث بالأمن والاستقرار والسكينة العامة في المجتمع»، وإنهم «سيستمرون في مطاردة وتعقب تلك العناصر للقبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة لينالوا عقابهم الرادع والعادل جراء ما يقترفونه من جرائم في حق الوطن والمواطنين».