فرض حظر على واردات الوقود لإيران.. يعني أرباحا طائلة للبعض

الشركات التي تلتف على العقوبات تحقق مكاسب هائلة.. غير أنها تتعرض لمخاطر كبيرة أيضا

TT

العقوبات الأميركية التي تبحثها أميركا مع حلفائها على موردي الوقود لإيران سترفع السعر الذي يتعين على إيران أن تدفعه لوارداتها النفطية، غير أن تلك العقوبات ستتيح لتجار النفط الذين يستطيعون الالتفاف على العقوبات فرصة كبيرة لجني الأرباح. فقد ثبت في الماضي أن انتهاك العقوبات كان مربحا لمن يستطيع الالتفاف عليها في عالم تجارة النفط غير الشفاف.

وقال راجا كيوان، المحلل لدى مؤسسة «بي إف سي إنرجي» لـ«رويترز»: «تدفقات النفط تحددها في الواقع قوى السوق وليست السياسة، وتلك هي القاعدة الأساسية». واستطرد قائلا «السياسة يمكن أن تكون عقبة لكنها لا تستطيع تقييد التدفق».

وعلى الرغم من أن إيران هي خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، فإن مصافي التكرير لديها تفتقر للقدرة على تلبية الطلب المحلي على الوقود، لذا فإنها تستورد ما يصل إلى 40 في المائة من احتياجاتها من البنزين. وقد تستهدف الولايات المتحدة وحلفاؤها تلك الواردات إذا رفضت طهران الدخول في محادثات حول برنامجها النووي.

ويشتبه الغرب في أن إيران تسعى لإنتاج أسلحة نووية، بينما تصر طهران على أنها تحتاج الوقود لمحطات للطاقة النووية السلمية. وقال محللون وتجار نفط إن الإجراءات ستعطل أنماط الإمداد، وتمنع بعض الموردين، وتجبر إيران على دفع سعر أعلى للبائعين حتى يقدموا على المخاطرة.

وقال إل ترونر، المدير الإداري لشركة «آسيا الهادي لاستشارات الطاقة»، إن «العقوبات تجعل الأمر أكثر تكلفة وأقل راحة فحسب». ومضى يقول لـ«رويترز»: «هذا ما رأيناه مع جنوب أفريقيا ومع العراق في عهد صدام حسين إلى حد ما. الإمداد سيستمر ولكن اللاعبين سيتحملون مخاطرة مالية وسياسية كبيرة».

وستؤثر تكلفة الواردات الأعلى على الميزانية الأمر الذي سيضر بالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. والدعم الذي تدفعه الحكومة يجعل أسعار البنزين في إيران من أرخص الأسعار في العالم. وإذا ارتفعت تكلفة الواردات فإن قدرا أكبر من الميزانية سينفق على هذا الدعم، مما يقلص السيولة المتاحة لتمويل برامج أحمدي نجاد الشعبوية. ومن ثم سيكون للعقوبات الأثر الذي ترغب الولايات المتحدة وحلفاؤها في تحقيقه حتى لو استمر تدفق النفط.

وقالت نيتا كراوفورد، وهي أستاذة للعلوم السياسية في جامعة بوسطن درست تأثير العقوبات النفطية على النظام العنصري في جنوب أفريقيا، إن العقوبات حتى لو كانت فيها ثغرات إلا أنها تسببت في ضغوط على الاقتصاد، وأرخت قبضة النخبة على المجتمع. وقالت كراوفورد «العقوبات تحرمهم من مواردهم، وتجبرهم على دفع سعر أعلى لتلك الموارد، ومن ثم فإن تكلفة التهرب من الحظر تعني أنه لن تكون لديهم الموارد لعمل ما كانوا يريدون عمله في البداية».

وأضافت «كل شيء يفعلونه للتهرب من العقوبات يصبح ضريبة ضخمة. إنه ينشئ اقتصاديات الأسواق الرمادية والسوداء، والناس الذين لم يكن من المقدر أن يمتلكوا سلطة سيحصلون عليها من خلال تكوين قدر هائل من المال». وبعض الأسماء المشهورة في تجارة النفط جنت أموالا طائلة من تزويد دول خاضعة للعقوبات. ومن بين هؤلاء مارك ريتش تاجر السلع الملياردير، وهو من رواد تجارة النفط الخام ومؤسس الشركة العملاقة لتجارة السلع التي أصبح اسمها «جلينكور». وأصدر الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون عفوا عنه في عام 2001، بعد أن ظل هاربا طيلة 17 عاما لتجنب المحاكمة في اتهامات من بينها ما يشتبه في أنه تجارة نفط مع إيران. وقال ساسة أميركيون إنه تاجر أيضا على نحو غير مشروع في النفط مع العراق وليبيا وكوبا وجنوب أفريقيا.

وقال تجار نفط إن من بين الشركات التي تبيع وقودا لإيران شركتا تجارة مقرهما أوروبا هما «فيتول» و«ترافيغورا» وشركة «لوك أويل» الروسية وشركة النفط الماليزية المملوكة للدولة «بتروناس».

وكانت شركة «ريلايانس» الهندية من بين الشركات التي تمد إيران باحتياجاتها، لكن لم تشحن شيئا لإيران منذ مايو (أيار) الماضي، ربما لتجنب أي قيود في المستقبل على مبيعاتها للولايات المتحدة بسبب العقوبات الأميركية. وقد تمنع العقوبات التي تراقب بشكل جيد شركات أخرى، وهو ما يتيح فرصة لتجار لهم نشاط محدود في الولايات المتحدة ودول أخرى تؤيد العقوبات من تزويد إيران بالوقود.