أسرة صحافي الأهرام المختفي منذ 6 سنوات: رضا هلال موجود في سجن بالإسكندرية

مصادر أمنية قالت إن اسمه غير موجود في سجلات السجون

TT

في وقت رفضت فيه مصادر أمنية رفيعة التعليق بالتأكيد أو النفي، مكتفية بالقول إن ملف التحقيقات في واقعة اختفائه لا يزال مفتوحا، وإن اسمه غير موجود في سجلات السجون، أبلغت أسرة الصحافي المصري، رضا هلال، مساعد رئيس تحرير الأهرام، المختفي منذ 6 سنوات، «الشرق الأوسط» بأنها تلقت معلومات من مصادر طلبت عدم الإشارة إليها، بأن هلال «حي يرزق في سجن بالإسكندرية»، و«جهزنا له بيتا في مسقط رأسه بمدينة السنبلاوين، يضم متعلقاته الشخصية ومكتبه ومكتبته التي تحوي آلاف الكتب». وقال محامي نقابة الصحافيين المصرية سيد أبو زيد إن النقابة لم تغلق ملف اختفاء هلال «ولن تغلقه إلا بعد العثور عليه حيا أو ميتا.. نحن لم نطلع حتى الآن على صورة من أوراق التحقيقات أو نسخ من تسجيلات لمكالماته الهاتفية التي سبقت اختفاءه»، واعتبر ما قالته أسرة هلال أمس عن وجوده بالسجن «خيطا جديدا.. فليخطروني لنبدأ إجراءات البحث عنه».

وكان رضا هلال، الذي شغل منصب مساعد رئيس تحرير صحيفة الأهرام، قد اختفى في ظروف غامضة من وسط القاهرة ظهر يوم 11 أغسطس (آب) عام 2003. وبينما بذلت أجهزة الأمن مجهودات كبيرة في سبيل حل لغز اختفائه، دون جدوى، خرجت عشرات التكهنات بالمصير الذي يمكن أن يكون قد آل إليه، على خلفية علاقاته السياسية والاجتماعية وتوجهاته الليبرالية. وأثارت سلسة مقالات كان ينشرها «هلال» في صحيفة الأهرام، أثناء الغزو الأميركي للعراق، عام 2003 لغطا في الحياة السياسية في مصر ودول عربية أخرى، لهجومه على ما كان يصفه بالنظم الديكتاتورية الشبيهة بالنظام العراقي (الصدَّامي) في العالم العربي، وما فُهم منه حينذاك أنه دعوة للغرب للتخلص من النظم العربية المستبدة، وإحلال الديمقراطية التي كانت إدارة جورج بوش الابن تبشر بها لمنطقة الشرق الأوسط. وزاد من الغموض المحيط باختفائه، الحياة التي عاشها وحيدا في شقة مستأجرة بوسط القاهرة. ويقول أشقاؤه، وهم من مدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية (120 كلم شمال القاهرة)، إنهم كانوا يترددون على شقة «هلال» التي كانت تقع بمنطقة قصر العيني بالعاصمة المصرية، قرب مباني «البرلمان» و«الحكومة» والسفارتين «الأميركية» و«الإنجليزية»، وهي المنطقة التي اختفى فيها رضا هلال ظهرا، عقب عودته من عمله بالأهرام.

وأبلغ أسامة هلال، المتحدث باسم أسرة الصحافي المختفي «الشرق الأوسط» بأنه تلقى معلومات أخيرا عن أن شقيقه «حي يرزق في سجن يقع في نطاق محافظة الإسكندرية»، وقال: «علمنا من رسول من طرف رضا هلال أنه بخير وبصحة جيدة»، وأن نقل هذه الرسالة تم عبر ضابط مناوبة كان يعمل في أحد سجون الإسكندرية، خلال شهر رمضان الماضي.. ثم جاءتنا بعد ذلك تأكيدات من جهات أخرى (رفض السماح بنشر أسمائها)، تُجمع على أن رضا هلال مسجون في الإسكندرية».

وأضاف المتحدث باسم أسرة هلال، ويعمل وكيلا لمدرسة الملك فيصل الإعدادية بنين بالمنصورة، قائلا: «حين أطلب أنا أو أي من أفراد أسرتي، من تلك الجهات، رؤية رضا هلال، يقولون لنا إن دورهم ينتهي عند معرفة ما إذا كان على قيد الحياة أم أنه قد مات.. أكثر من ضابط من مستويات ورتب مختلفة أجمعوا على أنه حي يرزق، وأجمعوا على أنه في سجن انفرادي بالإسكندرية.. وضابط المناوبة الذي كان يعمل في سجن بالإسكندرية أرسل لي قريبا له، بمبادرة شخصية منه، وأخبرني بالرسالة الشفهية التي بعث بها رضا هلال، وهي أنه مسجون هناك في سجن انفرادي، وأنه بخير».

وقال أسامة هلال إنه توجه إلى الأجهزة الأمنية المعنية في مصر، عقب تلقيه هذه الرسالة، وطلب تفسيرا لاحتجاز شقيقه.. «لا أحد يريد أن يعطيني إجابة شافية.. أعتقد أنه مسجل هناك (في سجلات السجن) باسم مختلف عن اسمه الحقيقي.. أنا وحدي لا أستطيع أن أقوم بأي شيء»، مضيفا أنه يسعى للتقدم ببلاغ للنائب العام المصري لإعادة فتح باب التحقيق في قضية رضا هلال، وتقديم ما لديه ولدى أسرته من معلومات جديدة، بما فيها المكان الذي تم فيه اختفاء رضا هلال، قبل وصوله إلى شقته بمنطقة قصر العيني، وليس بعد صعوده إلى الشقة كما نشر حينذاك.

وذكر أسامة هلال أن الأجهزة الأمنية رفضت منحه شهادة «سلبية أو إيجابية» عن أخيه تفيد بما إذا كان محتجزا لديها أم غير محتجز، من أجل إنهاء إجراءات إخلاء الشقة التي كان يستأجرها قبل اختفائه. وقال إن الأسرة خصصت لرضا هلال شقة في مسقط رأسه في مدينة السنبلاوين قرب مدينة المنصورة في محافظة الدقهلية للإقامة فيها بعد عودته.. «أشياؤه فيها، كأنه موجود.. بها مكتبه ومكتبته التي تضم نحو 30 ألف كتاب، وباقي متعلقاته.. نحن نرفض السير في إجراءات إعلام الوراثة الخاص برضا هلال، لأن هذا الإجراء يتعلق بإعلان وفاته، أما رضا فما زال على قيد الحياة». ومن جانبها دعت الشقيقة الكبرى لرضا هلال، الحاجة سكينة عبد الرحمن هلال، المسؤولين إلى تمكينها من زيارة شقيقها الذي قالت في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إنه «موجود في (منطقة) برج العرب في (غرب) إسكندرية، لكننا غير قادرين على الوصول إليه، ومع ذلك عملنا له شقته في السنبلاوين، ووضعنا فيها متعلقاته، لكي يجدها كما تركها حين يرجع».

وأضاف الطالب في كلية الألسن، أحمد محمد السعيد، ابن شقيقة رضا هلال: «بعد طول بحث، يمكن أن نقول اليوم إن رضا على قيد الحياة»، قائلا إن خاله سيظهر حين يتغير المناخ السياسي في البلاد. واعتبر سيد أبو زيد محامي نقابة الصحافيين، في رده على أسئلة «الشرق الأوسط»، أن ما أعلنته الأسرة أمس، عن مكان رضا هلال «كلام جديد يمكن أن يؤدي لخيط يساعد في جهود البحث عنه، فلتخطرنا أسرته بما توصلت إليه، لكي نبدأ الإجراءات القانونية»، مشيرا إلى أن أسرة رضا هلال انقطعت عن الاتصال به منذ العام الماضي، ودعا أبو زيد ممثلي الأسرة لاستئناف الخطوات القانونية في ملف قضية اختفاء هلال، وإعادة فتح التحقيق فيها مجددا قائلا «النقابة لن تغلق ملف اختفائه حتى يُحسم، وحتى نعثر عليه حيا أو ميتا».

وأضاف محامي نقابة الصحافيين ومحامي أسرة رضا هلال، أنه منذ اختفاء رضا هلال حتى الآن «لم نتمكن من الاطلاع على صورة من أوراق التحقيقات في القضية، ولا على التسجيلات الهاتفية التي أجراها هلال قبل اختفائه. نحن نطالب سلطات التحقيق بموافاتنا بأوراق القضية وما وصلت إليه التحقيقات فيها».

ورفضت مصادر أمنية رفيعة التعليق بالتأكيد أو النفي، واكتفت بالقول ردا على «الشرق الأوسط» بخصوص ما أعلنته أسرة رضا هلال، إن ملف التحقيقات في القضية لا يزال مفتوحا، وإن «من لديه أي معلومات عن مكان وجود رضا هلال، سواء أكان حيا أو ميتا، عليه أن يبلغ بها جهات التحقيق». وفيما يتعلق بقول أسرته إنه موجود في سجن بالإسكندرية، قالت المصادر الأمنية إن «اسم رضا عبد الرحمن هلال غير موجود في أي من سجلات السجون ومقار الاحتجاز الرسمية في مصر».