اليمين الإسرائيلي المتطرف يعتبر قرارات فتح إعلان حرب

محللون: أبو مازن يمهد الشارع الفلسطيني لتسوية على أساس مشروع أوباما المقبل

TT

في الوقت الذي يتابع فيه الإسرائيليون خطوة بخطوة أحداث مؤتمر حركة «فتح» ويهتمون بكل تصريح وقرار، خرج عدد من قادة اليمين المتطرف، بمن في ذلك وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، بتصريحات عدائية عنيفة ضد هذه الحركة. وقال وزير الإعلام، يولي إدلشتاين، إن هذا المؤتمر يعتبر بمثابة إعلان حرب على إسرائيل.

وقال إدلشتاين، أمس، إنه لاحظ أن غالبية المتحدثين في مؤتمر فتح متطرفون ويحنون للعودة إلى القتال. وأضاف الوزير من حزب الليكود الحاكم أنه وعلى عكس ما يعتقده العالم بأن المستوطنين متطرفون، «فإنني أؤكد لكم أن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس هي أكثر مستوطنة متطرفة وعنيفة في المنطقة». وتطرق إدلشتاين إلى خطاب الرئيس الفلسطيني، الذي تحدث فيه عن «المقاومة الشرعية للاحتلال» وعن مقررات المؤتمر بتبني فكرة المقاومة وعدم التنازل عنها والمقررات الخاصة بالقدس ورفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية فتساءل: إذا كانت هذه هي القيادة المعتدلة للفلسطينيين، فما هو التطرف إذن؟

ودعا وزير المواصلات، يسرائيل كاتس، وهو من نفس الحزب، إلى تكثيف الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية والقدس ردا على قرارات مؤتمر «فتح»، أمس، بخصوص مدينة القدس والتمسك بها كعاصمة أبدية للدولة الفلسطينية. وقال ساخرا: «من شدة «تواضعهم»، لم يتكلموا عن القدس الشرقية التي حررناها من أيديهم في سنة 1967، وقالوا القدس بأسرها، أي بما في ذلك القدس الغربية التي كانت بأيدي إسرائيل منذ قيامها سنة 1948. وعليه فإن ردنا عليهم يجب أن يكون ملائما».

وأكد كاتس أنه سيطرح على جدول أبحاث الحكومة الإسرائيلية مشروع اقتراح لتوسيع حدود القدس الحالية لتضم المزيد من الأراضي الشرقية والمستوطنات اليهودية المجاورة لها.

وكان ناطق بلسان نتنياهو قد هاجم المؤتمر على قراره تحميل إسرائيل مسؤولية اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، وإقامة لجنة تحقيق في الموضوع. فقال: «إن مؤتمر فتح، وبعد 20 سنة من الغياب، عاد إلى أيام التهريج الفلسطينية القديمة. فطالما أدانوا إسرائيل، لماذا يحتاجون بعد إلى لجنة تحقيق؟ هل هي لجنة تحقيق تكتب النتائج قبل أن تحقق؟ إنها تعلق على إسرائيل ما لا تستطيع المجادلة فيه مع الخصوم الداخليين؟!».

وكان المسؤول الإسرائيلي الوحيد الذي تكلم بشكل إيجابي عن المؤتمر، الرئيس شيمعون بيريس، الذي قال إنه يرى فيه محطة هامة في حياة الرئيس الفلسطيني سيمكنه، بعد انتهاء أعمال المؤتمر، من التفرغ للعمل واستئناف المفاوضات السلمية مع إسرائيل. وقال إن ما يسمع من تصريحات سيئة تجاه إسرائيل هو بالنسبة إليه مجرد تصريحات خطابية «يحتاجها الميكروفون»، وإن المهم هو أن يخرج أبو مازن أقوى.

وفي تحليل لأبحاث المؤتمر وقراراته يقول الباحث الإسرائيلي، د.ماتي شتاينبرغ، المتخصص في الشؤون الفلسطينية الداخلية، إن المؤتمر عموما إيجابي وسيساهم في دفع عملية السلام إلى الأمام. وقال شتاينبرغ، وهو الذي كتب مؤلفا عن حركة فتح بعنوان «صلب في سبيل المصير» وأشغل منصب «مستشار كبير للشؤون الفلسطينية» لدى عدة رؤساء لجهاز المخابرات العامة في إسرائيل (الشاباك): «اتسم المؤتمر بشدة الصراعات الشخصية بين مندوبيه وقياداتهم وذلك لغياب الأبحاث والنقاشات الآيديولوجية. ولكن هذا لا يفقد المؤتمر أهميته. فهو يعقد بعد 20 سنة من الغياب ولأول مرة يعقد في الوطن. وإذا كانت حركة «فتح» تدور في الماضي حول شخصية ياسر عرفات وعلى الرغم من أنه يعقد هذه المرة على اسم عرفات وبمناسبة تاريخ ميلاده، فإن أبو مازن تمكن من تثبيت وضعيته في هذه الحركة كقائد مجمع. وهذا مكسب كبير له شخصيا ولما يمثله من سياسة معتدلة».

ولكن شتاينبرغ يحذر من أن لا يفهم الإسرائيليون رسالة أبو مازن الموجهة لإسرائيل من هذا المؤتمر، فيقول: «أبو مازن بخطابه الرئيسي وبتدخلاته ومداخلاته وبتصريحات المقربين منه خلال المؤتمر، يوضح أنه يمهد الشارع الفلسطيني لقبول خطة السلام الأميركية العتيدة، التي يعرف الجميع أن الرئيس باراك أوباما يستعد لطرحها. وكلماته الواضحة ضد «حماس» ونهجها، وقوله «يريدون أن يدخلوا الجنة على جثثنا»، يؤكد أنه يخاطب الأميركيين ويوضح لهم أنه صاحب نهج مختلف. ولكنه في الوقت نفسه تحدث عن المقاومة، ولم يتخل عنها. وهذا ليس فقط لإرضاء المتطرفين في حركته، بل إنه رسالة مفادها أنه في حالة الفشل في الجهود السلمية، فإنه لن يتردد في رفع أداة المقاومة».