ارتفاع الأسعار يترك الغزيين عاجزين عن شراء ملابس لأولادهم عشية افتتاح العام الدراسي

الأوضاع السيئة دفعت الحكومة المقالة إلى اقتطاع 30 ـ 50% من رواتب الموظفين لمساعدة المعوزين

TT

مصطحبا أولاده السبعة، طاف عبد الكريم الروافعة (41 عاما)، على كل بسطات بيع الملابس في السوق الشعبية بمخيم النصيرات للاجئين، وسط قطاع غزة، لكنه عاد إلى بيته في مخيم المغازي، من دون أن يتمكن من الوفاء بما وعد به أبناءه بشراء ملابس لهم استعدادا لافتتاح العام الدراسي الجديد بعد حوالي أسبوعين. وكما قال عبد الكريم لـ«الشرق الأوسط» فإن الغلاء الفاحش حال دون تمكنه من شراء الملابس لأولاده، مشيرا إلى أن سعر البنطال الواحد قفز إلى سبعين شيكلا (20 دولارا)، بعد أن كان لا يتجاوز أربعين شيكلا (12 دولارا).

ويوضح عبد الكريم الذي يعمل في أحد المجالس المحلية أنه يتقاضى راتبا لا يتجاوز الألف شيكل، وأنه في حال قام بشراء الملابس وحقائب وأحذية لأولاده فإنه يتوجب عليه دفع ضعف راتبه الشهري. وقال إنه سيتوجه إلى سوق شعبية أخرى، عساه يعثر فيه على ملابس أقل كلفة، مؤكدا أنه في حال لم يعثر على ملابس بأسعار أقل فإنه سيتوجب على أولاده التوجه للمدرسة من جديد بنفس الملابس التي اشتراها لهم في العام الماضي. وتشير التقديرات إلى أن الكثير من أهالي قطاع غزة سيتصرفون بنفس الطريقة التي تصرف بها عبد الكريم، لأنهم يواجهون إلى جانب الحصار وتدهور الأوضاع الاقتصادية، مشكلة غلاء الأسعار. ويلاحظ من يتجول في شارع عمر المختار الرئيسي الذي يخترق مدينة غزة ويصل شرقها بغربها، حيث تصطف محلات بيع الملابس على جانبيه، يلاحظ بسرعة حالة الكساد التي تعاني منها هذه المحلات التي يكتفي أصحابها في كثير من الأحيان بتبادل أطراف الحديث مع بعضهم بعضا، أو الاكتفاء بقراءة الصحف. ويفاجأ كثير من الأشخاص الذين يطوفون على هذه المحلات وسرعان ما يتركونها مسرعين بعد أن يفاجأوا بارتفاع الأسعار. وقال سليم رجب أحد أصحاب المحلات لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الموسم كان في الماضي، من أكثر المواسم إدرارا للربح عليه وعلى زملائه من أصحاب المحلات، حيث يندفع الفلسطينيون من كل أنحاء قطاع غزة نحو المدينة لكي يكسوا أبناءهم بالملابس عشية افتتاح العام الدراسي، مشيرا إلى أن الازدهار استحال إلى كساد ينذر بعواقب وخيمة عليه وعلى زملائه. ويشير أصحاب محال آخرون إلى أن ارتفاع أسعار الملابس يعود بشكل أساسي إلى كثرة الأطراف التي تشترك في تهريبها من مصر عبر الأنفاق، حيث إن كل طرف يصر على أن يتقاضى ربحا معقولا، وهكذا حتى تصل الملابس لأصحاب المحلات فيضطرون لبيعها بأسعار عالية.

لكن ارتفاع الأسعار لا يقتصر على الملابس، بل يتعداه إلى الخضار، وتحديدا الأصناف الأساسية مثل البصل والطماطم وغيرها. فالذين يتوجهون إلى أسواق الخضار في مختلف أنحاء القطاع يفاجأون بارتفاع الأسعار الكبير، وسيجدون أن سعر كيلو البصل يصل إلى ستة شواكل (1.7 دولار)، في حين يبلغ سعر كيلو الطماطم أربعة شواكل. وإذا أضفنا إلى ذلك تدهور الأوضاع الاقتصادية جراء الحصار المتواصل في القطاع منذ منتصف يونيو (حزيران) 2007، فإن هذا يفسر الكساد وتدهور القوة الشرائية للفلسطينيين سيما في ظل الغموض الذي يكتنف مستقبلهم السياسي. إلى حد دفع حكومة هنية إلى اقتطاع نسبة 30% على الأقل من رواتب الموظفين في دوائرها المختلفة وذلك لدفع مساعدات مالية للفقراء والمعوزين وأصحاب الدخول المنخفضة. وقد تم خصم ما نسبته 50% من رواتب الموظفين من درجة مدير وأعلى، كما تم إلزام الوزراء ومديري المؤسسات الحكومية بالتبرع بكل المرتب لصالح الفقراء. وقد سلكت بعض المؤسسات غير الحكومية سلوك حكومة هنية، فقرر مجلس أمناء الجامعة الإسلامية خصم 50% من رواتب المحاضرين و100% من رواتب عمداء الكليات وتحويلها لصالح المعوزين والفقراء.