مظاهرة لصحافيين عراقيين ضد «القمع».. وسياسيون يستغلونها للدعاية

رئيس مرصد الحريات الصحافية لـ«الشرق الأوسط»: نحتج على الانتهاكات ومنع دخول المطبوعات وحجب مواقع إلكترونية

صورة كاريكاتيرية كتب عليها «لا تقتلوا الحقيقة» خلال مظاهرة للصحافيين العراقيين في بغداد أمس (رويترز)
TT

تعد مظاهرة الصحافيين العراقيين التي قاموا بتنظيمها أمس في شارع المتنبي وسط بغداد الذي يعتبر ملاذا للمثقفين العراقيين خاصة في يوم الجمعة، الأولى من نوعها في هذا الشارع العريق منذ عقود طويلة. إذ كان الشارع، الذي يعد سوقا للكتب في العاصمة العراقية، خلال السنوات التي سبقت وصول حزب «البعث» إلى السلطة، منطلقا للمظاهرات ذات الطابع السياسي. واليوم أعاد الصحافيون ذكريات قديمة افتقدها الشارع بتظاهرهم احتجاجا على ما سموه «قمع» حرية التعبير في العراق. وبدأ الصحافيون ومنذ ساعات الصباح الأولى بالتقاطر تدريجيا نحو شارع المتنبي ليحجزوا مقاعد في مقهى الشابندر الشهير للتمتع بارتشاف قدح من الشاي حتى يتجمع بقية المتظاهرين. غير أن الأجهزة الأمنية سبقتهم في الحضور إلى الشارع، وبدأت عناصر الأمن بعملية تفتيش دقيقة للحضور، وعند سؤالهم عن السبب قالوا «هذا لحمايتكم». وتبين لاحقا إن شخصيات سياسية بارزة قررت المشاركة في المظاهرة منهم أعضاء في البرلمان كالشيخ صباح الساعدي وزينب الكناني عن التيار الصدري، وكذلك ممثلون عن الحزب الشيوعي ووزراء سابقون كالدكتورة أزهار الشيخلي، وزيرة المرأة السابقة، وشخصيات أخرى.

وبدأت المظاهرة في الساعة العاشرة، بحضور مميز حيث وصل عدد المتظاهرين إلى أكثر من 1500 صحافي ومثقف وأديب، فضلا عن ممثلي أحزاب عراقية «استغلوا» المظاهرة للدعاية الانتخابية ورفعوا شعارات مختلفة كانت مثار رفض من قبل الصحافيين، بحسب مدير مرصد الحريات الصحافية هادي جلو مرعي.

وقال مرعي لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه المظاهرة دعا لها مرصد الحريات الصحافية وحضرتها أعداد كبيرة من الصحافيين والمثقفين، وكذلك شخصيات سياسية وبرلمانية، وكنا معترضين على حضورهم وخاصة الحزب الشيوعي الذي رفع لافتات باسمه ونحن في تجمع صحافي وليس سياسيا وكنا لا نريد لافتات صفراء وحمراء وكنا نريد فقط الصحافيين».

ومن جانبه، قال زياد العجيلي، رئيس المرصد في كلمته، إن «هذه المظاهرة تأتي استجابة لجملة من التحديات التي تواجه الوسط الصحافي والإعلامي والثقافي العام في البلاد والمخاطر التي تعترض الصحافيين والمثقفين ووسائل الإعلام والانتهاكات التي يتعرضون لها من الجهاز الحكومي من أكثر من طرف سياسي لتحجيم دورهم الحيوي في بناء واستمرار المسيرة الديمقراطية التي يشهدها العراق منذ عام 2003 وما واجهها من سلوكيات سياسية وفكرية تحاول إبعادها وإخراجها عن الخط الذي كان ينتظر من خلاله أن تحول البلاد إلى نموذج يقتدى به في مجال حرية التعبير والممارسات الإبداعية في شتى صنوف الفن والأدب». وقال العجيلي «كان من أهم الأسباب التي دفعتنا لإطلاق هذه الدعوة جملة من القرارات والنوايا المزمعة لمنع دخول المطبوعات من خارج العراق وفرض رقابة غير مبررة عليها وكذلك عزم الحكومة حجب مواقع إلكترونية بحجج واهية إضافة إلى الاعتداءات التي طالت الفرق الإعلامية خلال الفترة القليلة الماضية التي مثلت استمرارا لما يتعرض له الصحافيون منذ ست سنوات من عمر التغيير وما تلا ذلك من محاولات لكم الأفواه وتقييد حرية التعبير والنشر».

الصحافي العراقي حيدر الموسوي، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «قد يعتقد البعض أن هذه المظاهرة وجهت ضد طرف سياسي معين كما روجت له وسائل الإعلام مؤخرا من سجالات بين مؤسسة إعلامية عراقية وحزب عراقي، لكن هذا الأمر غير صحيح فنحن لم نتجمع اليوم ضد طرف سياسي أو حكومي». وكانت قضية سرقة مصرف ببغداد، الذي اتهم فيه أحد عناصر حمايات نائب الرئيس العراقي والقيادي في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، عادل عبد المهدي، قد أثارت جدلا بين الصحافيين والمجلس الأعلى، إثر مطالبة قيادي في المجلس برفع دعوى قضائية ضد صحيفة حكومية اتهمت ضمنا المجلس الأعلى بالوقوف وراء السرقة. وأشار الموسوي إلى أن «هدفنا هو رد فعل على الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافي اليوم وخاصة على يد حمايات الشخصيات والأجهزة الأمنية، كما طالبنا بتعديل قانون حماية الصحافيين العراقيين الذي رفعته الحكومة مؤخرا لمجلس النواب لإقراره، لكونه يحتاج إلى تفسيرات ونصوص أخرى».

ومن جانبه، وعد النائب صباح الساعدي الصحافيين بعدم تمرير هذا القانون في البرلمان في حال وصل إليه «لرغبة الصحافيين بتعديله، وسنعطيهم فرصة لإعداد قانونهم بأنفسهم وبشكل يرونه مناسبا لهم». فيما قال عدي حاتم، رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، إن «إصرار الجهات الرسمية على الاستمرار في استخدام قوانين التشهير الجنائية الموروثة من الحقبة السابقة ضد وسائل الإعلام، تندرج ضمن المحاولات الهادفة إلى تكميم الأفواه ومصادرة حرية الإعلام والتعبير». وندد حاتم بقرار المحاكم العراقية بتغريم قناة فضائية عراقية غرامة مقدارها 100 مليون دينار بتهمة القذف والتشهير ضد الناطق باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا.