آية الله خاتمي يدعو لمحاكمة كروبي بعد تشبيهه التعذيب في إيران بسجن «أبو غريب»

خبراء في حقوق الإنسان يتحدثون عن اتهامات بأخذ الاعترافات بالضرب والصدمة الكهربائية

مصلون ايرانيون يرددون هتافات ضد إسرائيل واميركا خلال خطبة الجمعة في جامعة طهران أمس (أ. ف. ب)
TT

دعا رجل الدين الإيراني المتشدد آية الله أحمد خاتمي خلال خطبة الجمعة في طهران أمس إلى محاكمة أحد زعماء المعارضة الإصلاحية الإيرانية وهو مهدي كروبي، الذي قال إن المعتقلين في سجون إيران تعرضوا لانتهاكات تشبه ما تعرض له المعتقلون العراقيون في سجن «أبو غريب». وقال كروبي في بيان جديد له حول التعذيب في إيران بعد الانتخابات إن «بعض المعتقلين قالوا إنهم أجبروا على خلع ملابسهم، ثم أرغموا على الانحناء لتلامس أيديهم وركبهم الأرض، ثم قام حرس السجن بالجلوس على ظهورهم كأنهم حيوانات.. أو قامت سلطات السجن بوضعهم فوق بعضهم البعض وهم عرايا».

واتهم خاتمي كروبي بترويج معلومات تنقصها الدقة حول معاملة المعتقلين في السجون الإيرانية. وقال خاتمي في خطبة الجمعة، التي قام بإمامتها بعدما اعتذر رئيس مجلس الخبراء علي أكبر هاشمي رفسنجاني عنها لعدم إثارة مزيد من الاضطرابات كما نقل عن مقربين منه، إنه يجب على السلطة القضائية مقاومة محاولات القوى الأوروبية للضغط عليها للإفراج عن المعتقلين الذين يرتبطون بصلات بالغرب واحتجزوا بسبب الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها. وفي خطبته التي بثتها الإذاعة الحكومية قال خاتمي للمصلين بجامعة طهران إن بريطانيا ودولا أخرى استغلت سفاراتها في طهران للتآمر ضد القيادة الدينية بإيران.

وأجرت إيران محاكمات جماعية للمعتقلين بعد انتخابات 12 يونيو (حزيران)، ومن بينهم امرأة فرنسية وموظفون إيرانيون بالسفارتين البريطانية والفرنسية، وهي عملية تهدف إلى اجتثاث المعارضة ووضع نهاية للاحتجاجات.

وقال خاتمي «أصبح واضحا أن بعض السفارات في إيران خاصة السفارة البريطانية تورطت في بعض المؤامرات، وبعض موظفيها شاركوا في الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات». وأضاف «تتوقع الأمة الإيرانية من السلطة القضائية مقاومة تجبر الدول الأوروبية». وخاتمي عضو بمجلس الخبراء الذي يسيطر عليه المحافظون، ويتألف من 86 رجل دين لهم حق اختيار وإقالة الزعيم الأعلى الإيراني حاليا آية الله علي خامنئي، وقد وقف في معسكر أحمدي نجاد خلال الأزمة، ووجه اتهامات للإصلاحيين خصوصا في ما يتعلق بما قالوه حول تعرض المعتقلين في السجن للتعذيب والاغتصاب.

وأثار مهدي كروبي أحد قادة الحركة الإصلاحية، الذي خسر لصالح أحمدي، نجاد غضب المتشددين حين قال إن بعض الذين اعتقلوا بعد الانتخابات عذبوا حتى الموت. وقال كروبي في موقعه على الإنترنت أيضا إن المعتقلين والمعتقلات في سجن «كهريزاك» اغتصبوا، وهو اتهام نفته السلطات بوصفه «لا أساس له».

ورد خاتمي على اتهامات كروبي أمس قائلا إن مزاعم رئيس البرلمان السابق «أسعدت أميركا وإسرائيل وأعداء آخرين». وأضاف «هذا الخطاب أضر بهيبة النظام. نتوقع من النظام الإسلامي مواجهته بشكل ملائم.. لإصداره هذا الخطاب الذي لا أساس له والمليء بالأكاذيب المحضة وفقا للسلطة القضائية والبرلمان».

وعلى الرغم من انتقادات رجال دين متشددين لكروبي، فإنه أكد مجددا ليل أول من أمس على موقعه الإلكتروني حدوث انتهاكات واغتصاب ضد المعتقلين. وكرر كروبي على موقع الإنترنت الخاص به أن بعض من اعتقلوا بعد الانتخابات عذبوا حتى الموت.

وتابع في موقع «اعتماد ملي» على الإنترنت «نلاحظ أنه في بلد إسلامي يتعرض بعض الشبان للضرب حتى الموت لمجرد ترديد شعارات في الاحتجاجات» بعد الانتخابات.

كما دعا إلى تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق للنظر في أدلته في «أجواء من الهدوء يمكن فيها لأقارب المعتقلين وللمحتجين الذين أفرج عنهم الإدلاء بأقوالهم». وقال كروبي إن «بعض المعتقلين قالوا إنهم أجبروا على خلع ملابسهم، ثم أرغموا على الانحناء لتلامس أيديهم وركبهم الأرض، ثم قام حرس السجن بالجلوس على ظهورهم كأنهم حيوانات، أو قامت سلطات السجن بوضع بعضهم فوق بعض وهم عرايا».

واحتجز كثير من المعتقلين بعد الانتخابات في سجن كهريزاك بجنوب طهران، الذي شيد أصلا لاحتجاز من يخالفون الشريعة. وتوفي ثلاثة أشخاص على الأقل أثناء احتجازهم هناك، وثار غضب على نطاق واسع، في حين انتشرت تقارير حول الاغتصاب في السجن. وتسببت مزاعم إساءة المعاملة والتي نفاها أيضا قائد شرطة طهران في حدوث انشقاق بين الساسة المتشددين الذين أيد كثير منهم إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد. وأمر الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي بإغلاق سجن كهريزاك الشهر الماضي.

وأثارت موجة الانتقادات التي وجهها كروبي وزعيم المعارضة الإصلاحية مير حسين موسوي، فضلا عن الرئيس المعتدل محمد خاتمي، غضب المتشددين. ونادى يد الله جواني رئيس الدائرة السياسية بالحرس الثوري بمحاكمة الثلاثة لتحريضهم على الاضطرابات.

وتقول المعارضة الإيرانية إنه تم التلاعب بنتائج انتخابات يونيو (حزيران) لصالح الرئيس محمود أحمدي نجاد، الذي أدى اليمين الدستورية الأسبوع الماضي لفترة ولاية ثانية. وتقول السلطات إن فوز أحمدي نجاد بأغلبية ساحقة يعكس بدقة أمنيات الناخبين.

وسببت احتجاجات كبيرة في الشوارع بسبب الانتخابات أسوأ اضطرابات في إيران منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979، كما أن إخفاق السلطات في إنهاء أسابيع من الانتقادات من قبل شخصيات معارضة سلط الضوء على انقسامات داخل المؤسسة. وقللت تداعيات الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات من احتمال قبول إيران عرض الرئيس الأميركي باراك أوباما بإجراء محادثات مباشرة بشأن البرنامج النووي لإيران.

إلى ذلك، قال خبراء في مجال حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أول من أمس إن مئات الإيرانيين الذين اتهموا بالمشاركة في الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات تعرضوا للتعذيب للإدلاء باعترافات وفقا لما ذكره معتقلون وأشخاص على صلة وثيقة بهم. وقال محققو الأمم المتحدة في بيان مشترك إن أي دليل انتزع من خلال إساءة المعاملة لا يجب قبوله في محاكماتهم لأنه سيمثل انتهاكا للقانون الدولي. واتهمت إيران عشرات الأشخاص بالتجسس ومساعدة مؤامرة غربية للإطاحة بنظام حكمها الديني في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو (حزيران). وقال مانفريد نواك مقرر الأمم المتحدة الخاص لمكافحة التعذيب لـ«رويترز»: «المحاكمات يبدو أنها محاكمات صورية.. أخشى أن يدان الناس على أساس اعترافات بالإكراه». وقال نواك إنه لفت انتباه السلطات الإيرانية إلى أكثر من 300 حالة عن انتهاكات بالتعذيب وسوء المعاملة.

وأضاف أستاذ القانون النمساوي في لقاء أجري معه عبر الهاتف «أولا هي مزاعم عن ضرب وصدمات كهربائية وضغوط جسدية ونفسية استهدفت في الأساس استخلاص اعترافات بشأن القيام بسلوك مناهض للحكومة». وجاءت الاتهامات على لسان معتقلين سابقين، بالإضافة إلى أقارب ومحامي الأشخاص الذين ما زالوا رهن الاحتجاز. وقال نواك إن معظم عمليات التعذيب المفترضة جرت في سجن إيفين في طهران أو مركز اعتقال كهريزاك الواقع خارج العاصمة الإيرانية. وقال «لكنها تتعلق أيضا بمراكز الشرطة وجميع مسؤولي الأمن المزعوم ضلوعهم في التعذيب».

وتابع «إنها راسخة ومقنعة على نحو كاف كي تجري الحكومة تحقيقا وترفع تقريرا لي. حتى الآن لم أتلق أي رد». وقال نواك أيضا إنه كرر الطلب الذي وجهه منذ فترة طويلة لزيارة إيران حتى يتسنى له التحقيق بنفسه في مزاعم التعذيب. وقال في البيان المشترك للخبراء المستقلين «لا يوجد نظام قضائي يمكن أن يعترف بصحة اعتراف تم الحصول عليه نتيجة عمليات استجواب عنيفة أو بالتعذيب».

ورفض المسؤولون ومنهم رئيس البرلمان وقائد شرطة طهران هذه المزاعم. ولم يسمح لأي وسيلة إعلام أجنبية بمتابعة المحاكمات، وقال محققو الأمم المتحدة إنه لم يتضح ما إذا كان المتهمون يحصلون على مشورات قانونية كافية أم لا. وأضافوا أن الكثير من المحتجزين ما زالوا رهن الحبس الانفرادي دون توجيه اتهامات لهم، وهم محرومون من الزيارات العائلية أو التحدث إلى محامين أو الرعاية الطبية. وقالوا «الأنباء التي أفادت بأن أشخاصا لاقوا حتفهم أثناء الاحتجاز لا تزال تتواصل، وتتلقى عائلاتهم معلومات كاذبة أو متناقضة فيما يتعلق بسبب وفاتهم».

إلى ذلك، وعلى صعيد آخر، حمل وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي ليل أول من أمس إلى الرئيس الموريتاني المنتخب محمد ولد عبد العزيز «رسالة تهنئة» من الرئيس محمود أحمدي نجاد، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الموريتانية (رسمية). وقالت الوكالة إن الرئيس الإيراني هنأ الجنرال السابق على «فوزه الباهر» في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 18 يوليو (تموز) الماضي وبعد تنصيبه في الخامس من أغسطس (آب). وقال متقي «تعاوننا سوف يتطور وسيزداد في مجالات الصحة والتربية وأن الهلال الأحمر الإيراني سيبني مستشفى في موريتانيا». وأضاف «من المطروح أيضا إقامة استثمارات إيرانية في موريتانيا».

وفي مارس (آذار)، التقى وزير الخارجية الإيراني في نواكشوط الجنرال ولد عبد العزيز الذي تسلم السلطة بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب سيدي ولد شيخ عبد الله في أغسطس (آب) 2008. وجاءت هذه الرسالة بعد شهرين من قرار موريتانيا تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل. وقد وعد متقي في حينه بأن إيران سوف تساعد موريتانيا على تجهيز «المركز الوطني لمحاربة السرطان».