واشنطن تقر بالتحديات في أفغانستان

وزير الدفاع الأميركي يقر بصعوبة زيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان قبل خفضها في العراق

TT

أقر وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، بصعوبة زيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان قبل خفضها في العراق، معتبراً أنه من الممكن الإسراع في الانسحاب من العراق بعد إجراء الانتخابات العامة هناك بداية العام المقبل. وجاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده غيتس في وزارة الدفاع أول من أمس في ما يتوقع أن يكون لقاؤه الأخير مع الصحافة قبل الانتخابات الأفغانية المقبلة التي يعول الأفغان والأميركيون الكثير عليها. وافتتح غيتس اللقاء مع الصحافيين بالحديث عن الدور الذي تلعبه القوات الأميركية الإضافية في أفغانستان وكيف تساعد المزيد من الناخبين على التصويت.

وهناك ترقب كبير في واشنطن حول التقييم الذي سيقدمه قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستل في فترة بعد الانتخابات الأفغانية وقبل منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل، وإذا كان يطلب إرسال المزيد من القوات. وكرر غيتس أول من أمس، أن ماكريستال مخول لتقديم التقرير وطلب أي مساعدات إضافية لإنجاح مهامه، إلا أنه أضاف أن «هذا التقييم لن يشمل مقترحات محددة أو طلبات للمزيد من القوات». ويذكر أن منذ توليه الرئاسة، قرر أوباما إرسال 21 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان وبدأوا يصلون إلى أفغانستان خلال الأسابيع الماضية، كما أنه من المتوقع أن يصل عدد القوات الأميركية هناك إلى 68 ألف جندي قبل نهاية العام. وردا على سؤال حول إمكانية إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان للعمل على استقرار هذا البلد، رد غيتس قائلاً «إلى حين بدء الانسحاب من العراق بشكل أسرع بعد الانتخابات هناك، سيكون ذلك تحديا بالنسبة لنا، خاصة أننا نتطلع إلى رفع فترة البقاء في الوطن للقوات». ولا يزال نحو 132 ألف جندي أميركي متمركزين في العراق، ومن المفترض أن ينسحبوا من البلاد بحلول نهاية عام 2011. وبالإضافة إلى عدم تحديد عدد القوات التي من الممكن إرسالها إلى أفغانستان، يحرص وزير الدفاع الأميركي على عدم تحديد أي مواعيد محتملة للانسحاب من أفغانستان، معتبرها «لغزاً». وكان سلفه الجنرال ديفيد ماكيرنان طلب تعزيزات من عشرة آلاف جندي لعام 2010 إضافة إلى الـ21 ألف جندي إضافي الذين وافق على إرسالهم هذا العام الرئيس باراك أوباما، لكن طلبه ظل من دون جواب. وأضاف غيتس «اعتقد أنه يتوجب علينا أن نتقدم بحذر شديد» مذكرا بأنه أعرب مرات عدة عن قلقه حيال «حجم القوات الدولية» في أفغانستان البلد المعروف تاريخيا بمناهضته للوجود الأجنبي. وكان الجنرال سير ديفيد ريتشاردز، قائد الجيش البريطاني الجديد، قد صرح بأن بقاء القوات البريطانية في أفغانستان قد يستمر إلى فترة ما بين 30 و40 عاماً. إلا أن غيتس قال: «لا اتفق مع ذلك، أولا يجب أن تفرق ما بين بناء المؤسسات وتنمية الاقتصاد من جهة وهزيمة طالبان و(القاعدة) من جهة أخرى، وهذه الأخيرة يمكن تحقيقها خلال سنوات قليلة». وأضاف: «نأمل أن نرى حالة، مثلما رأينا في العراق خلال السنتين والنصف الماضية، حيث المزيد من المسؤولية الأمنية تنتقل من القوات الدولية الأمنية إلى القوات الأفغانية الأمنية».

وركز غيتس على أن الاستقرار في أفغانستان سيعتمد على التحسن السياسي في البلاد وجعل الشعب يشعر أنه موال للحكومة، وهذا ما يزيد من أهمية انتخابات 20 أغسطس (آب) الجاري. وصرح بأنه «بسبب بعض العمليات العسكرية التي أجريت في مقاطعة هلمند ومناطق أخرى في الجنوب، يبدو أنه سيكون بإمكان المزيد من الأفغان التصويت مما كان عليه الحال قبل إرسال المزيد من القوات الأميركية، وهذا تطور ايجابي». وأكد غيتس مجدداً أن الولايات المتحدة تنظر بإمكانية انسحاب أسرع من العراق، قائلاً إن قائد القوات، الجنرال راي اوديرنو، سينظر بذلك خلال الأشهر المقبلة. وأضاف أنه على الرغم من تصاعد العنف في العراق «اوديرنو يشعر بالايجابية» تجاه العراق. وقال غيتس إن انعدام ثقة باكستان في النيات الأميركية له قدر من الشرعية، لأن الولايات المتحدة ابتعدت عن تلك الدولة مرتين في العقود الثلاثة الماضية، وأن استعادة ثقة هذه الدولة سيحتاج إلى وقت. وجاءت تصريحات غيتس ردا على نتائج استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث منشورة على موقعه على شبكة الانترنت خلص إلى أن 64 في المائة من الباكستانيين يرون أن الولايات المتحدة عدو، لكن 53 في المائة منهم ما زالوا يريدون تحسين العلاقات معها. وقال غيتس في أحد الأسباب التي تثير قلق الباكستانيين منا هي أننا ابتعدنا عنهم مرتين. واستطرد قائلا ابتعدنا عنهم بعدما انسحب السوفيت من أفغانستان وابتعدنا عنهم في التسعينات بسبب «تعديل برسلر» في إشارة إلى العقوبات الأميركية على باكستان بسبب برنامجها النووي.

من جهة أخرى، امتنع غيتس عن التعليق على الفريق العسكري والمدني الذي زار دمشق لبحث التعاون بين البلدين. واكتفى بالقول: «لم اسمع شيئاً بعد عن نتائج (اللقاء)، لكن السبب الذي هم (في دمشق) هو أنه عندما يعبر المقاتلون الأجانب الحدود السورية – العراقية، يستهدفون القوات الأميركية. وتوقعنا، وتوقعي أنا، أنه على السوريين فعل المزيد لمنع هؤلاء المسهلين الأجانب والمقاتلين الأجانب».