دعم حزب الله لمطالب عون مشروط بعدم تهديد تركيبة الحكومة

الحزب مطمئن لحصته وللصيغة الحكومية وانسحاب حليفه المسيحي من السلطة مستبعد جدا

TT

تحولت مطالب زعيم التيار الوطني الحر، ميشال عون، الحليف المسيحي لحزب الله، إلى العقدة الأساسية أمام تشكيل الحكومة اللبنانية. وفي وقت يصعّد عون من لهجته تجاه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يوما بعد يوم، يبدو حزب الله أكثر تساهلا، ويعتمد خطابا يميل إلى التصالح أكثر منه إلى التصادم. ويقول مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» على الرغم من أن حزب الله يدعم مطالب حليفه المسيحي، فإنه يخوض «معركة ليست معركته»، بعد أن ضمن صيغة سياسية للحكومة تريحه، واطمأن إلى حصته في الحكومة العتيدة. ومن المعروف أن حزب الله وحركة أمل سيتقاسمان وزارتي الخارجية والعمل بشكل أساسي، إضافة إلى وزارات أخرى أقل أهمية، وهو أمر لا يتعلق بمعارضة من أحد.

وكان الحريري الذي تم تكليفه بتشكيل الحكومة قبل نحو شهرين، قد أعلن بعد أسابيع من التشاور، أنه تم التوصل إلى صيغة حكومية وافق عليها الجميع. وتقتضي هذه الصيغة إعطاء 15 مقعدا للأكثرية التي فازت بالانتخابات، مقابل 10 مقاعد للمعارضة التي يرأسها حزب الله، و5 مقاعد لرئيس الجمهورية من بينهم وزير شيعي يسميه الرئيس على أن يوافق عليه حزب الله وحركة أمل. وهذه الصيغة التي تم الاتفاق عليها لتشكيل «حكومة الاتحاد الوطني»، تأخذ بعين الاعتبار التوافق على القضايا الكبرى في البلاد، وخصوصا تلك المتعلقة بسلاح حزب الله والتنسيق بين الحزب والجيش اللبناني. ويقول المصدر إن حزب الله حريص على الحفاظ على هذه الصيغة التي تضمن مشاركته في الحكم والقرارات، ولكنه يشير إلى أن دعمه لمطالب عون لن يتوقف ما دام ذلك لا يعرض هذه الصيغة للخطر. ويضيف أن «حزب الله يشعر اليوم أن الحريري متمسك بتشكيل الحكومة ولا يبدو أنه يهدد بالانسحاب والتخلي عن التأليف، ولذلك فليس هناك ما يدفع الحزب للقلق من تعرض هذه الصيغة الحكومية للخطر». ويفرض عون أربعة شروط على الحريري لدخول الحكومة، هي: أولا، توزير صهره وزير الاتصالات الحالي جبران باسيل الذي لم ينجح في الانتخابات النيابية. ثانيا، الحفاظ على وزارة الاتصالات. ثالثا، إعطاؤه إحدى الحقائب السيادية (وهي أربعة؛ المالية والخارجية والدفاع والداخلية). ورابعا، إعطاؤه 3 وزراء موارنة من 6 في الحكومة.

ويرفض فريق الأكثرية الشرط الأول لعون، وهو توزير باسيل، بحجة عدم قبولهم توزير راسبين في الانتخابات النيابية. ويرفض الحريري إعطاء عون إحدى الحقائب السيادية التي تتوزع عرفا كالتالي: المالية لتيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري، الخارجية لحزب الله أو حركة أمل، الداخلية والدفاع لرئيس الجمهورية. ويطالب عون بإحدى الوزارتين المحسوبتين على رئيس الجمهورية، ويرفض الحريري تلبية هذا المطلب الذي يعني أن المعارضة يصبح لها حقيبتان سياديتان مقابل حقيبة واحدة للأكثرية. أما المطلب الرابع لعون، وهو إعطاؤه 3 وزراء موارنة من أصل 6 يواجه أيضا بالرفض من قبل الأفرقاء المسيحيين في الأكثرية.

ويقول المصدر إن حزب الله يعتقد أن الحريري «سيتنازل لعون في النهاية، وأنه في حال حصل هذا الأمر يكون حزب الله قد حقق مكاسب إضافية من خلال عون، أما في حال لم يحصل عون على مطالبه، لن يكون حزب الله قد خسر شيئا، بل على العكس يكون قد أكد لحليفه المسيحي تمسكه به». وعلى الرغم من كثرة شروط عون وتأييد حزب الله لهذه الشروط، فإن خروج عون من الحكومة في حال عدم تلبيتها مستبعد كثيرا. ويقول المصدر إن «عون أكثر من أي وقت، غير مستعد للتخلي عن المشاركة في الحكومة، فالرغبة لدخول الحكومة كبيرة لدرجة أنه ليس مستعدا أن يتنازل ويجلس خارج السلطة، بل هو يحاول قدر ما يستطيع أن يضغط للحصول على أكبر قدر ممكن». ويضيف أنه من أسباب تمسكه بالمشاركة في الحكومة، أن الانتخابات المقبلة ليست قريبة، وأن عون «لم يعد في مرحلة الاستثمار في المعارضة، بل يريد الدخول في السلطة ويكون له حصة في القرار السياسي». ويشير إلى أن العونيين «ذاقوا تجربة الحكم وأعجبتهم، ولم تكن تجربة ندموا عليها». ويشير أيضا إلى أن المعارضة استفادت «من الإرباك الحاصل داخل الأكثرية بعد مواقف جنبلاط، وهم يعرفون أنهم لا يستطيعون التغيير في عدد الوزراء ولكن يمكنهم اللعب على الحقائب، خصوصا وأنه لم يبرز في المقابل أي موقف من الأكثرية يظهر أنهم يستطيعون وقف هذا الطمع لغاية الآن».

ويبقى السؤال الذي يطرحه الكثيرون، ما إذا كان حزب الله سيضغط على عون للتراجع عن مطالبه في حال شعر بأن الصيغة السياسية للحكومة معرضة للخطر. وفيما يعتقد البعض بأن دعم حزب الله لعون مشروط بأن لا يهدد هذا الدعم التركيبة الحكومية، يتساءل آخرون ما إذا هدف حزب الله من دعم عون ضرب التركيبة الحكومية التي جرى التوصل إليها قبل إعلان الزعيم الدرزي تخليه عن 14 آذار ثم عودته عن قراراته. ويعتقد هؤلاء أن حزب الله يظن أن المعادلة قد تكون تغيرت اليوم، وأن ذلك سيجعله قادرا على الحصول على وضع أفضل داخل الحكومة. وعلى الرغم من مرور نحو شهرين على تكليف الحريري تشكيل الحكومة، يبدو أن هناك تقبلا لدى مختلف الأطراف في لبنان للوقت الذي يأخذه تشكيل الحكومة.

ويقول محللون إنه قد يكون هناك ترقب لأمر إقليمي، وأن التأخر في تشكيل الحكومة قد يكون مؤشرا إلى أن هناك خللا إقليميا ما بالتوافق الذي حصل لتشكيل الحكومة، وأن هذا الأمر قد يتطلب حراكا عربيا ما لتجاوز الأزمة.. يؤدي إلى تنازل أحد الطرفين، المعارضة أو الأكثرية، للآخر.