إيران: محاكمات جديدة اليوم.. وآية الله مكارم شيرازي يدعو إلى مصالحة سياسية

الحرس الثوري: التصدي للثورة الناعمة أولويتنا > تهديدات لكروبي وصحيفته > تلفزيون إيران يبث مقابلة تنفي حدوث تعذيب

المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي مع صادق أردشير لاريجاني الذي عينه رئيسا جديدا للسلطة القضائية (أ. ب)
TT

أعلنت إيران أن 25 من المعتقلين بسبب مشاركتهم في التظاهرات الاحتجاجية الأخيرة، سيمثلون اليوم أمام المحكمة. ونقلت وكالة الأنباء الطلابية (ايسنا) عن بيان للمحكمة الثورية في طهران أن «الجلسة الثالثة لمحاكمة المشاركين بأعمال الشغب في طهران ستعقد الأحد (اليوم) في الغرفة 15 من المحكمة الثورية»، موضحة أن عدد الذين سيحاكمون يبلغ 25 شخصا. ويأتي ذلك فيما احتدمت الأجواء السياسية في إيران، إذ كرر أحد قادة الحركة الإصلاحية مهدي كروبي اتهاماته أمس بحدوث حالات تعذيب واغتصاب في السجون الإيرانية، مما دعا جماعة «أنصار جماعة حزب الله» إلى التهديد بالهجوم على مقر صحيفته «اعتماد ملي»، فرد كروبي بدعوة منتقديه إلى الحضور نهارا أمام مكاتب صحيفته للنقاش، كما حث أنصاره إلى التجمع غدا في المكان نفسه، بحسب موقعه الإلكتروني.

وكانت الأجواء السياسية قد احتدمت في إيران بعدما نقلت مواقع إلكترونية إصلاحية عدة أن مجموعة من البرلمانيين السابقين وعددهم غير محدد تقدموا إلى مجلس الخبراء الذي يشرف على عمل المرشد ويرأسه هاشمي رفسنجاني، بطلب التحقق من أهلية المرشد الأعلى لإيران آية الله على خامنئي لتولي شؤون البلاد. وفي محاولة للتخفيف من حدة الاحتقان، دعا آية الله العظمى ناصر مكارم شيرازي الطبقة السياسية إلى المصالحة مع اقتراب شهر رمضان، وحث الإيرانيين على التركيز على الشؤون الاقتصادية والثقافية للبلد، فيما نقلت وكالة أنباء «إرنا» الرسمية أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تلقى رسالة من الاتحاد الأوروبي لبدء حوار استثنائي حول مختلف القضايا. وقالت الوكالة إن الرسالة نقلت إلى إيران عبر دولة عربية، وتضمنت أيضا التهنئة بالفوز برئاسة ثانية، بدون كشف تفاصيل أخرى.

وحول الجولة الثالثة من المحاكمات في إيران، قالت المحكمة الثورية أمس إن «الجلسة الثالثة لمحاكمة المشاركين بأعمال الشغب في طهران ستعقد الأحد (اليوم) في الغرفة 15 من المحكمة الثورية». وقد مثل أمام المحكمة منذ الأول من أغسطس (آب) في طهران ما مجموعه 110 أشخاص من المشاركين في الاحتجاجات على إعادة انتخاب أحمدي نجاد في 12 يونيو (حزيران)، من بينهم سياسيون إصلاحيون وصحافيون وكذلك الشابة الفرنسية كلوتيلد ريس، وموظفان محليان في سفارتي فرنسا وبريطانيا.

ولم يصدر أي حكم قضائي بعد عن هذه المحاكمات التي تدينها العواصم الغربية. فيما اتهمت المحكمة الثورية الإيرانية بعض رعايا هذه الدول بالوقوف وراء الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات.

وأثارت هذه المحاكمات أيضا انتقادات قادة المعارضة. وكانت السلطات الإيرانية اعتقلت ما لا يقل عن أربعة آلاف شخص أثناء التظاهرات، ما زال 300 منهم وراء القضبان بحسب المصادر الرسمية التي أعلنت كذلك عن مقتل 30 شخصا في التظاهرات، أما مصادر المعارضة فتحدثت عن لائحة من 69 قتيلا.

وجدد مهدي كروبي أمس إدانته لسوء معاملة المحتجزين. ونقلت صحيفة «اعتماد ملي» عن كروبي، الذي كان يشغل منصب رئيس البرلمان خلال رئاسة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي قوله «بعض الشباب الذين كانوا يرددون الشعارات تعرضوا للضرب حتى الموت». وأكد أن العديد من المحتجين جرى تعذيبهم في مركز الاحتجاز في كهريزاك جنوب طهران، قبل أن يأمر المرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي بإقفاله. وقال كروبي للموقع الإلكتروني لحزبه «إن بعض الذين شاركوا في الاحتجاجات تعرضوا للأسف للتعذيب». وكرر كروبي اتهامات سابقة تتضمن إجبار المعتقلين على نزع ملابسهم. وتابع: «وردني أن (عناصر قوات الأمن) جردوا (معتقلين) في كهريزاك من ملابسهم وأرغموهم على الزحف كالدواب، فيما جلس حراس من السجن على ظهورهم»، في إشارة إلى المعتقل الذي أغلق الشهر الماضي «لعدم توافر المعايير المطلوبة فيه»، على ما أعلن رسميا. وقال إنه «من العار» على الجمهورية الإسلامية القبول بمثل «هذه الأساليب»، مشيرا أيضا إلى أن «بعض المعتقلين أجبروا على التعري وتم تكديسهم الواحد فوق الآخر» في الزنزانات. وكان كروبي كشف الثلاثاء أن العديد من الشابات والشبان المعتقلين تعرضوا «للاغتصاب بشكل وحشي» في السجون.

ودعا كروبي أمس منتقديه إلى الحضور نهارا أمام مكاتب صحيفته «اعتماد ملي» للنقاش، كما حث أنصاره إلى التجمع غدا في المكان نفسه، بحسب موقعه الإلكتروني. وقد اعترف مسؤولون إيرانيون بوفاة بعض المحتجزين، إلا أنهم أرجعوا السبب إلى الإصابة بفيروس الالتهاب السحائي. ويأتي ذلك بعد أن بدأت تهديدات من متشددين تتوالى على كروبي، الذي هددت جماعات متشددة من بينها «أنصار حزب الله إيران» مهاجمة مكاتب صحيفته والعاملين فيها.

وردا على اتهامات التعذيب والاغتصاب في السجون ضد المعتقلين، أذاعت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني مقابلة مع عائلة إحدي المعتقلات، وهي تارانه موسوي، التي ذكرت تقارير أنها تعرضت للاغتصاب والحرق خلال سجنها بعد اضطرابات الانتخابات. وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية في المقابلة، إن موسوي تعيش في مدينة «فانكوفر» الكندية منذ عام ونصف تقريبا، وفقا لتصريحات والدتها وشقيقتها خلال المقابلة مع التلفزيون الإيراني. ونقل التلفزيون ما قال إنه مكالمة هاتفية بينها وبين أمها من كندا إلى طهران.

وتقول السلطات الإيرانية إن اتهامات التعذيب والاغتصاب هي «افتراءات ودعاية مغرضة من قوى معادية للثورة الإيرانية، تريد أن تشوه صورتها حول العالم، غير أن منظمات إنسانية ودولية إيرانية تحدثت عن تعذيب واسع داخل السجون لإجبار المعتقلين على اعترافات غير صحيحة».

إلى ذلك، أفاد عضو في البرلمان الإيراني بأن قائمة قدمتها المعارضة بـ69 شخصا أعلنت أنهم قتلوا في التظاهرات التي تلت إعادة انتخاب أحمدي نجاد تضم مفقودين، وفق ما أوردت الصحف الإيرانية أمس. وقال النائب فرهد تجاري العضو في لجنة برلمانية تحقق في قضية المحتجين المعتقلين، إن القائمة بـ69 شخصا التي رفعتها المعارضة تضم «المعتقلين والمحتجزين في مواقع غير معروفة والقتلى والمفقودين».

وقال النائب بحسب صحيفة «خبر» المحافظة «وجدنا خلال زياراتنا إلى السجون أن العديد من الأشخاص الذين تم توقيفهم أخفوا هويتهم الحقيقية». وكان مستشار لزعيم المعارضة الإيرانية مير حسين موسوي أعلن في تقرير لمجلس الشورى أن 69 شخصا قتلوا في أعمال العنف التي تلت الانتخابات، على ما نقلت صحيفة إصلاحية. وتفوق هذه الحصيلة ضعفي ما أعلنته السلطات الإيرانية التي أفادت عن مقتل حوالي 30 شخصا في أعمال العنف التي تخللت تظاهرات الاحتجاج.

ويأتي ذلك فيما أکد القائد العام لقوات الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري، أن التصدي للتهديدات الناعمة هو الضرورة الأهم للنظام اليوم، قائلا: «أنه الاستراتيجية والأولوية الراهنة للحرس». وقال اللواء جعفري في تصريح له أمس نقلته وكالة «إرنا»: الحرس الثوري بحضوره الفاعل في ساحات القتال تمکن من وضع وتنفيذ النماذج والأساليب والخطط والاستراتيجيات العسکرية بما يتناسب مع التهديدات والأخطار التي تواجهها الثورة الإسلامية. وأوضح جعفري أن قوات الحرس الثوري «تبلورت في ساحات القتال» وأضاف: «قوات حرس الثورة الإسلامية کان لها دور محوري ومصيري في فترة الحرب المفروضة (من قبل النظام العراقي في الأعوام 1980 ـ 1988) وأن هذا الدور قد تم تثبيته في التاريخ إلى الأبد في عمليات کبري ومظفرة أدت إلى تحرير خرمشهر وسائر المناطق الحساسة وكذلك المدن التي کانت خاضعة لاحتلال العدو البعثي الغاشم». وأضاف: «أن السجل اللامع والحساس جدا للحرس الثوري في أعوام الدفاع المقدس يقتدي به علي الدوام کتجربة ناجحة واستراتيجية».

وكانت الأجواء السياسية قد احتدمت في إيران بعدما نقلت مواقع إلكترونية إصلاحية عدة، أن مجموعة من البرلمانيين السابقين وعددهم غير محدد تقدموا إلى مجلس الخبراء الذي يشرف على عمل المرشد ويرأسه هاشمي رفسنجاني، بطلب التحقق من أهلية خامنئي لتولي شؤون البلاد، وهو الهجوم الأول المباشر على المرشد الأعلى. وفي محاولة للتخفيف من حدة الاحتقان، دعا آية الله العظمى ناصر مكارم شيرازي الطبقة السياسية إلى المصالحة مع اقتراب شهر رمضان، وحث الإيرانيين على التركيز على الشؤون الاقتصادية والثقافية للبلد.

وعلى صعيد آخر، أفاد التلفزيون الرسمي أن المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي عين صادق أردشير لاريجاني رئيسا جديدا للسلطة القضائية. ويحل لاريجاني وهو رجل دين بدرجة حجة الإسلام، محل آية الله محمود هاشمي شهرودي لولاية من خمس سنوات. ورئيس السلطة القضائية الجديد ولد عام 1960 في مدينة النجف العراقية وهو شقيق رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني. وأردشير لاريجاني عضو منذ عام 2001 في مجلس صيانة الدستور الذي يعد من أقوى الهيئات نفوذا في الجمهورية الإسلامية.

تولى آية الله شهرودي السلطة القضائية لمدة عشر سنوات. وأردشير لاريجاني هو الثالث الذي يتولاها منذ تعيين علي خامنئي مرشدا أعلى للجمهورية عام 1989. كان والده آية الله الميرزا هاشم الآملي لجأ إلى العراق في بداية ثلاثينات القرن الماضي فرارا من قمع نظام الشاه.

ومرسوم تعيين لاريجاني يطالبه بتطبيق العدالة «بسرعة وسهولة». وجاء في المرسوم الذي أذاعه التلفزيون «من البديهي انتظار أن تكون الركائز القضائية سليمة وأن تصدر الأحكام بيقين وسرعة وسهولة». ويأتي تعيين لاريجاني في وقت دقيق بالنسبة للسلطة القضائية، التي يهيمن عليها المحافظون، والتي يتعين عليها تقرير مصير المتظاهرين الذين اعتقلوا إثر حركة الاحتجاج. وكان آية الله شهروردي أمر الشهر الماضي بسرعة البت في مصير الذين ما زالوا محتجزين.

ودعا المسؤول الكبير في الشرطة أصغر جعفري رئيس السلطة القضائية الجديد إلى تجاهل انتقادات منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الغربية وإلى تطبيق الشريعة الإسلامية.

وقال كما نقلت عنه وكالة «إيرنا» «لماذا نفضل إرضاء الغربيين، الذين لا يرضون أبدا عما نفعله، أكثر من (الاهتمام) بأمن شعبنا». كما حث جعفري القضاء على اللجوء إلى تطبيق حد قطع اليد في جرائم السرقة، وقال «لا شك على الإطلاق في أن تطبيق حدود الله يمنع تكرار جرائم السرقة بنسبة 99%». ويتضمن قانون العقوبات الإيراني عقوبة قطع يد السارق، لكنها نادرا ما تطبق في هذا البلد. وقد أبدت المنظمات الغربية للدفاع عن حقوق الإنسان كثيرا قلقها من انتهاكات حقوق الإنسان في إيران ولا سيما من عمليات الإعدام الجماعية وتنفيذ عقوبة الإعدام في القاصرين والقتل رجما.