بغداد تؤكد أن المفاوضات مع طهران حول الحدود تسير «على نحو جيد»

مسؤول أمني لـ «الشرق الأوسط» : إيران بدأت تطالب بمدن عراقية

TT

قال لبيد عباوي، وكيل وزارة الخارجية العراقية، إن النقاشات مع الجانب الإيراني حول الخلافات العالقة بين البلدين، لا سيما الحدود «تسير على نحو جيد»، وجاء ذلك فيما عقد قائدا حرس الحدود العراقي والإيراني اجتماعا لبحث مشكلة الحدود وتنفيذ اتفاقية الجزائر. وقال عباوي لـ«الشرق الأوسط» إن العراق وإيران يجريان «لقاءات دورية على مستوى قوات الحدود بين فترة وأخرى، لبحث القضايا المشتركة بين الطرفين، والوقوف على الإشكالات التي تستجد بهذا الخصوص».

وحول النقاط الخلافية بين العراق وإيران، أوضح عباوي «هناك لجان مشتركة بين الطرفين تجتمع بين حين وآخر، والأمور تسير على نحو جيد حول مجمل القضايا العالقة بين البلدين».

يذكر أن أبرز الخلافات بين العراق وإيران تتمحور حول أسرى الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، وكذلك الطائرات التي أودعت لدى إيران إبان الحرب عام 1991، فضلا عن موضوع ترسيم الحدود وما يتعلق بشط العرب.

وكان قائد حرس الحدود الإيرانية قاسم رضائي، قد أكد في تصريحات صحافية أن قادة حرس الحدود ومسوؤلي المناطق الحدودية في العراق وإيران، عقدوا اجتماعا للتباحث حول القضايا الحدودية بين البلدين.

وقال رضائي إن اجتماع قادة حرس الحدود ومسؤولي المناطق الحدودية في إيران والعراق الذي تم الخميس الماضي في معبر خسروي (غربي إيران)، جاء على أساس اتفاقية 1975 الموقعة في الجزائر. مشددا خلال مؤتمر صحافي مع قائد الحدود العراقية الفريق محسن عبد الحسن لازم الكعبي، أن «مشاركة نظرائنا العراقيين في هذا الاجتماع والتباحث في القضايا الحدودية، مؤشر على جدية البلدين في معالجة بعض القضايا المشتركة». ويرتبط معبر خسروي غربي إيران، بمعبر المنذرية الواقع في محافظة ديالى شرقي العراق، وهو أحد المنافذ الرئيسية بين العراق وإيران، التي تشهد كثافة في نقل البضائع والمسافرين الذين يكون أغلبهم من الإيرانيين الذين يزورون المراقد المقدسة في العراق، أو العراقيين الذين يتوجهون لزيارة المراقد في إيران. من جانبه، أوضح مسؤول أمني في وزارة الداخلية، فضل عدم ذكر اسمه، أن الحدود الممتدة بين العراق وإيران تبلغ نحو 1450 كيلومترا كانت ولا تزال مثار مشكلات بين البلدين، معللا ذلك قائلا إن «سبب ذلك يعود إلى التخطيط السيئ للحدود بين العراق وإيران، الأمر الذي انعكس سلبا على العراق تحديدا»، مبينا لـ«الشرق الأوسط» أن «المدن الحدودية الإيرانية تمتلك عمقا كبيرا، بينما المدن العراقية لا تمتلك هذا العمق، وبالتالي من الناحية العسكرية هذا الأمر مفيد لإيران ومضر لنا»، بحسب قوله. وشدد المسؤول الأمني على أن «إيران باتت تطالب بمدن عراقية بعد أن تعدت على خط التالوك (الخط الوهمي الذي يفصل شط العرب من منتصفه بين العراق وإيران بحسب اتفاقية الجزائر الموقعة في 1975)» مشيرا إلى أن «أغلب التخطيطات التي رسمت الحدود بين العراق ودول الجوار كانت مجحفة ورسمت بهذه الطريقة بشكل متعمد الغرض منه إشعال المنطقة بالنزاعات حول الحدود». إلى ذلك، قال محمود عثمان، النائب عن التحالف الكردستاني، إن الحكومة العراقية لا تتعامل بشفافية مع القضايا العالقة مع إيران، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا توجد أية شفافية بالتعامل مع ملف القضايا العالقة بين العراق وإيران، لا سيما أن الحكومة لا تطلعنا إلى أين وصلت المفاوضات بين البلدين».

وأضاف عثمان أن «الخلافات بين العراق وإيران لا تقتصر على موضوع الطائرات والأسلحة المودعة لدى إيران منذ عام 1991، أو ترسيم الحدود وشط العرب والملف الأمني والتدخل في الشأن الداخلي، بل تتعداها إلى ما هو أهم من كل هذا، وهو مسألة المياه، حيث باتت إيران تحجب مياه كارون عن شط العرب من خلال السدود الترابية التي تحاول إقامتها».

وشدد عثمان على أن «الغريب بالأمر أنه لا توجد أية مفاوضات بشأن المياه مع إيران، أو حتى اتفاقية تبرم كما هو الحال مع تركيا»، لافتا إلى أن «مجلس النواب بات دوره السياسي ضعيفا، وليس لديه أي دور حيال الموقف من قضايا الخارج أو الداخل، حتى إن رئيس مجلس النواب يزور بلدانا ولا يطلع النواب على ما يجرى خلال الزيارات تلك، في الوقت الذي يفترض أن يكون هناك إلمام ومعرفة بهذه الموضوعات المهمة» مشددا أن «إيران ما زالت تصر على تطبيق معاهدة الجزائر الموقعة عام 1975، وللعراق رأي آخر، وبالتالي فإن أغلب الأمور لم تتم تسويتها كما يجب بين الطرفين». يذكر أن اتفاقية الجزائر التي تعالج المشكلات الحدودية بين البلدين ومشكلة شط العرب كانت قد وقعت في مارس (آذار) 1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه إيران محمد رضا بهلوي بحضور الرئيس الجزائري هواري بومدين، إلا أن العراق اعتبرها ملغاة عندما بدأت الحرب العراقية ـ الإيرانية عام 1980، وعاد إلى العمل بها عام 1990 بعد غزو الكويت. وتنص المعاهدة على تقسيم مياه شط العرب، الممر المائي المؤدي إلى الخليج العربي، بين البلدين طبقا لخط التالوك الذي يمثل أعمق نقطة داخل الممر المائي، على أن تقوم إيران من جانبها بوقف دعمها للأكراد الذين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش العراقي في شمالي البلاد.