حماس تعلن القضاء على إمارة «جند أنصار الله».. ومقتل 22 شخصا منهم «أمير الجماعة»

هنية: جهات لها مصلحة في وجود هذه الجماعات

امن حماس يحرس مسجدا في رفح خلال الصلاة على جثمان احد عناصرها الذين قنلوا في المواجهات مع جند انصار الله، امس (ا ف ب)
TT

تحولت مدينة رفح جنوبي قطاع غزة الليلة قبل الماضية وصباح أمس إلى ساحة حرب حقيقية، بين مقاتلي حركة حماس وأجهزة أمن الحكومة المقالة من جهة، وعناصر تنظيم «جند أنصار الله» «السلفي الجهادي» من جهة أخرى. وأسفرت المواجهات عن مقتل ما لا يقل عن 22 شخصا من بينهم زعيم الجماعة عبد اللطيف موسى الملقب بـ«أبو النور المقدسي»، وقائد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في جنوبي غزة وخمسة من أعضاء الشرطة وستة مواطنين بينهم طفلتان. وأعلنت الحكومة المقالة عن انتهاء العملية الأمنية. وقال المهندس إيهاب الغصين الناطق باسم وزارة الداخلية المقالة إنه «تم الانتهاء من العملية الأمنية التي قامت بها أجهزة الأمن بمدينة رفح، ضد الجماعة التكفيرية التي يتزعمها موسى، بعد تهديده للحكومة الشرعية في غزة والإعلان عن الانفصال ووصف حماس بالحركة العلمانية الواجب قتالها وقتلها».

وقال الغصين إن ما يجري ليس إلا عملية تمشيط أمنية فقط، وإن منطقة رفح والمشافي الطبية ما زالت مغلقة أمام الجميع وذلك للحفاظ على الأمن العام.

ونفى الغصين لقب التنظيم عن هذه الجماعة بقوله: «إنهم عبارة عن مجموعة من الأفراد وليسوا تنظيما، وليس لهم اتصالات خارجية، ويحملون أفكارا منحرفة فكريا ويقومون بتكفير أهل غزة وبالعديد من عمليات التفجير في الأفراح والمقاهي».

وأشار إلى أنه في البداية كانت الملاحقة تتم على خلفية الحوادث، وبعد تتبع هذه الأمر تبين أنهم يتبعون زعيما لهم وتم التواصل معهم ومع ذويهم لوضع حد لهم وإقناعهم بالتحلي بالإسلام الوسطي لكنهم رفضوا.

وأوضح: «كانت هناك اتصالات كاملة معهم وتوعية لهم، وبالأمس كان هناك إعلان لهم في خطبة الجمعة يسمى بالإمارة الإسلامية وجرت اتصالات لضبط الأمر، إلا أنهم أفشلوا هذه الاتصالات وباشروا بإطلاق النار، فاستشهد أحد أفراد الشرطة، وعلى أثر ذلك استمرت الاشتباكات حتى صباح أمس»، مشددا على أن تجمعهم كان بشكل رئيس في منطقة رفح فقط.

واندلعت الاشتباكات بعد صلاة الجمعة في مسجد ابن تيمية ومحيطه في حي البرازيل جنوب غربي مدينة رفح، بعدما أعلن عبد اللطيف موسى زعيم الجماعة التي تتبنى أفكارا تشبه أفكار تنظيم القاعدة إقامة «إمارة إسلامية» تعمل وفق أحكام الشرع الإسلامي، وتهجمه على حركة حماس واتهامها بأنها حركة علمانية وتحذيرها من مغبة الإساءة إليه أو أنصاره.

وكان المئات من عناصر الأجهزة الأمنية يحاصرون المسجد، وطلبوا من موسى وأنصاره تسليم أنفسهم. وقالت مصادر أمنية إنه باستثناء بعض الأعيرة النارية التي أطلقت من المسجد ظلت الأمور هادئة منذ انتهاء صلاة الجمعة إلى ما بعد صلاة المغرب، عندما طلب موسى وجماعته من محمد الشمالي، قائد كتائب القسام في رفح التدخل للتوسط، وعندما دخل الشمالي المسجد قام بعض أعوان موسى بإطلاق النار عليه فورا مما أدى إلى مقتله بعد إصابته بأكثر من 12 عيارا ناريا. وأدى مقتل الشمالي إلى حالة من الغليان الشديد في المدينة وفي غزة، إذ يعتبر أحد أكثر شخصيات حماس العسكرية شعبية، فضلا عن أنه أحد أبرز المطلوبين لإسرائيل لدوره الكبير في تنفيذ عدد كبير من العمليات العسكرية ضد القوات الإسرائيلية على مدار ثلاثة عقود، الأمر الذي جعله هدفا لأربع محاولات اغتيال قام بها الجيش الإسرائيلي، كان آخرها خلال الحرب الأخيرة حيث دمرت طائرة إسرائيلية منزله بعد أن اعتقدت المخابرات الإسرائيلية أنه موجود فيه. وذكرت مصادر فلسطينية أن الحكومة المقالة أصدرت تعليماتها بضرورة اعتقال موسى وجماعته، مشيرة إلى أن معلومات استخبارية تلقتها الأجهزة الأمنية أكدت أنه انتقل من المسجد إلى بيته عبر نفق يربط بينهما حفر في وقت سابق. وحاصرت الأجهزة الأمنية المنزل حتى الساعات الأولى من صباح أمس، حيث انهار المنزل جراء انفجار شديد تضاربت الروايات حول أسبابه. ففي الوقت الذي أكدت فيه وزارة الداخلية في الحكومة المقالة أنه نجم عن قيام عناصر من جماعته بتفجير عبوة ناسفة كبيرة، قال عدد من أنصار موسى إن الشرطة هي التي فجرت المنزل في مسعى منها لحسم الموقف. وأكدت مصادر صحافية مقتل أبو عبد الله السوري، مساعد موسى، الذي تقول بعض الروايات إنه قدم من خارج القطاع.

وفي أول تعليق له على الأحداث، قال إسماعيل هنية رئيس الوزراء المقال إن الأجهزة الأمنية وجدت نفسها مضطرة للتحرك ضد ممارسات جماعة «جند أنصار الله». وخلال كلمة له أمام مؤتمر نقابة المعلمين، قال هنية إن «عناصر هذه الجماعة بغوا على الحكومة ووصفوها بالمرتدة وحملوا السلاح ضدها وفجروا أنفسهم في عناصر الشرطة». واتهم هنية جهات لم يسمها «بأن لها مصلحة في وجود مثل هذه الجماعات». وحذر من أن مثل هذه الجماعات تغرر ببعض الشباب لتغذية أفكار غريبة تقوم على أساس التكفير واستحلال الدماء بعد فشل الحصار والحرب على غزة». داعيا الشباب إلى «البعد عن التفكير السلبي وانحراف البوصلة». أما الغصين فكان أكثر وضوحا في اتهامه، إذ قال إن موسى أجرى اتصالات تنسيقية مع الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، مشيرا إلى أنه من غير المستبعد قيام أطراف في رام الله بمحاولة استغلال الوضع وإخلال الأمن في القطاع خاصة. وأضاف: «في رام الله لم يستطيعوا الدخول إلى القطاع عبر مجموعاتهم الأمنية، وقد تكون هذه الطريقة جديدة لزعزعة الأمن في غزة».

وأبدى الغصين أسفه لسقوط ضحايا في صفوف المواطنين، داعيا الأهالي لتوعية أبنائهم وتعليمهم الإسلام الصحيح الوسطي.

من ناحيته، وصف النائب إسماعيل الأشقر رئيس لجنة الأمن في المجلس التشريعي جماعة «أنصار الله» بأنهم «مرضى العقول والضلاليين التكفيريين». وفي تصريح نقلته عنه كتلة حماس في المجلس على موقعها على شبكة الإنترنت، أكد الأشقر أن الحكومة «لن تسمح بأي من الانحرافات سواء كانت فكرية أو أخلاقية أو وطنية، فالانحرافات غير مقبولة في مجتمعنا، فهو مجتمع مسلم مجاهد، ولسنا بحاجة لمرضى عقول ليفرضوا أجندتهم على شعبنا». واستهجن الأشقر متسائلا: «كيف لمثل هذه الجماعة أن تقوم بتكفير المجتمع بأكمله، وتكفر المجاهدين والمقاومة وحركة حماس. هؤلاء مجموعة من الضلاليين التكفيريين، ولا بد من تطبيق القانون عليهم». واعتبر الأشقر انطلاق مثل هذه الجماعات يأتي «في سياق التهديد الصهيوني للحكومة والحركة بعدما فشلت كل محاولات وأد الحكومة والانقلاب على حماس ونتائج الانتخابات وانتهاء بالعدوان الصهيوني الأخير على شعبنا في قطاع غزة».